في إطار سعي المملكة العربية السعودية الحثيث نحو بناء مجتمع قوي ومتماسك يواكب تطلعات رؤية 2030 الطموحة، تبرز قضايا اجتماعية مهمة مثل ملف القبائل النازحة والبدون كأحد أبرز التحديات الإنسانية التي تتطلب حلولًا شاملة. هذه الشريحة من السكان، التي تقيم في المملكة دون هوية وطنية معترف بها رسميًا، تعاني من تهميش قانوني يؤثر بشكل مباشر على حقوقهم الأساسية في التعليم، الرعاية الصحية، والحصول على فرص عمل مناسبة. لذا، فإن تسليط الضوء على أصولهم ووضعهم الحالي يصبح أمرًا بالغ الأهمية، ليس فقط من منظور إنساني بحت، بل كجزء لا يتجزأ من استراتيجيات التحول الوطني الهادفة لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة للجميع.
من هم البدون في السعودية؟ وما هي أصولهم؟
تُعرف القبائل النازحة بأنها مجموعات قبلية، بعضها عربي وبعضها آسيوي، استقرت في الأراضي السعودية قبل أن يتم ترسيم الحدود الحديثة للمملكة. هؤلاء الأفراد لم يتمكنوا من الحصول على الجنسية السعودية الرسمية، على الرغم من ارتباطهم العميق بالمجتمع السعودي تاريخيًا واجتماعيًا. تشمل هذه الفئة قبائل بدوية عريقة من مناطق الشمال والجنوب، إضافة إلى جاليات إسلامية آسيوية مثل البخارية والبرماوية، التي استقرت في منطقة الحجاز. تجدر الإشارة إلى أن بعض هؤلاء اندمجوا في نسيج المجتمع لسنوات طويلة دون تسوية قانونية لأوضاعهم.
التوزيع الجغرافي للقبائل النازحة: أين يعيشون؟
تنتشر القبائل النازحة في أجزاء مختلفة من المملكة، ويمكن تقسيمهم جغرافيًا إلى فئات رئيسية هي:
- القبائل الشمالية: مثل قبائل عنزة وشمر وبني خالد، التي كانت تتنقل بين أراضي المملكة والعراق والكويت.
- قبائل الجنوب: مثل العوالق وآل كثير والمصعبين، والتي تركز وجودها في المناطق المتاخمة لليمن وسلطنة عُمان.
فئات أخرى من غير الحاصلين على الجنسية السعودية
بالإضافة إلى القبائل النازحة، هناك فئات أخرى تصنف ضمن البدون، ومن أبرزها:
- جاليات إسلامية أتت من آسيا، كأفراد التركستان والبرماويين.
- جاليات عربية وفدت إلى المملكة لأداء فريضة الحج أو للعمل، ثم استقرت فيها بشكل دائم.
- بعض الأفراد الذين أخفوا أصولهم الأصلية أملًا في الحصول على الجنسية السعودية.
تتشارك كل هذه الفئات في تحدٍ واحد مشترك: وهو غياب الوضع القانوني الواضح، الأمر الذي يعقد بشكل كبير التعامل معهم سواء على الصعيد الإداري أو الاجتماعي.
رؤية 2030: أمل البدون في الاندماج والعدالة الاجتماعية
تولي الحكومة السعودية اهتمامًا متزايدًا بهذه القضية المحورية. وضمن برنامج التحول الوطني المتصل بـرؤية 2030، الذي يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير تكافؤ الفرص للجميع دون أي تمييز، تم الإعلان عن مبادرات نوعية. تشمل هذه المبادرات توفير الرعاية الصحية والتعليم المجاني، بالإضافة إلى إتاحة فرص العمل للفئات المتأثرة، مما يبشر بمستقبل أفضل لهم ضمن نسيج المجتمع السعودي.