موقع الدفاع العربي 21 أبريل 2025: أثارت تصريحات عسكرية مصرية حديثة اهتماماً كبيراً في وسائل الإعلام الإسرائيلية، عقب الكشف عن امتلاك الجيش المصري لمنظومة الدفاع الجوي الصينية المتطورة HQ-9B، وهو ما دفع دوائر التحليل العسكري في إسرائيل إلى متابعة الحدث عن كثب.
القلق الإسرائيلي جاء بعد أن أعلن اللواء سمير فرج، أحد أبرز القادة العسكريين المصريين والمدير الأسبق لإدارة الشؤون المعنوية، خلال ظهوره على قناة “صدى البلد”، أن القوات المسلحة المصرية باتت تمتلك ترسانة متنوعة من أنظمة الدفاع الجوي الحديثة، من بينها منظومة HQ-9B بعيدة المدى، التي شبّه كفاءتها بتلك التي تتمتع بها منظومة إس-400 الروسية.
ويُعد هذا التصريح أول تأكيد رسمي على دخول المنظومة الصينية الخدمة الفعلية ضمن الدفاعات الجوية المصرية، في خطوة تعكس حرص القاهرة على تنويع مصادر تسليحها، وتعزيز قدراتها في مجال الدفاع الجوي.
وأشار التقرير إلى أن النسخة المحسّنة HQ-9B تتمتع بقدرات متقدمة مقارنة بالإصدارات السابقة، إذ تستطيع كل منصة إطلاق أن تحمل ثمانية صواريخ أرض-جو خفيفة وعالية الكفاءة، مقابل أربعة صواريخ فقط في النسخ الأقدم.
ويُصنَّف HQ-9B كواحد من أقوى أنظمة الدفاع الجوي في الترسانة الصينية، حيث يمتلك قدرة فائقة على رصد واعتراض التهديدات الجوية على مسافات طويلة وارتفاعات شاهقة، ما يجعله قادراً على مواجهة الطائرات الحديثة، وصواريخ الكروز، والطائرات المسيّرة بكفاءة عالية.
بمدى يصل إلى 300 كيلومتر والقدرة على التعامل مع العديد من التهديدات الجوية، بما في ذلك الطائرات والصواريخ المجنحة والصواريخ الباليستية التكتيكية، تعمل HQ-9B على تعزيز قدرات الدفاع الجوي المصرية بشكل كبير، مما يضعها كلاعب هائل في المشهد الجيوسياسي المعقد في الشرق الأوسط.

HQ-9B، النسخة المطورة من منظومة HQ-9 السابقة، تتضمن ميزات متقدمة مثل رادار HT-233 ثلاثي الأبعاد العامل بتقنية المصفوفة الطورية، القادر على تتبع ما يصل إلى 100 هدف والتعامل مع أكثر من 50 هدفًا في وقت واحد. كما يمكن لقاذفات المنظومة أن تحمل ثمانية صواريخ صغيرة وخفيفة إلى جانب أربعة صواريخ أكبر حجمًا، ما يمنحها مرونة عالية في التصدي للتهديدات بعيدة وقصيرة المدى على حد سواء. وتُعد هذه القدرة على التكيف، إلى جانب ميزة الإطلاق البارد والتغطية الرادارية بزاوية 360 درجة، سببًا رئيسيًا في جعل HQ-9B منظومة دفاع قوية ضد التهديدات الجوية والبالستية الحديثة.
إن استحواذ مصر على هذه المنظومة، التي طورتها شركة الصين لاستيراد وتصدير الآلات الدقيقة (CPMIEC)، يعكس استراتيجية مدروسة لتحديث دفاعاتها الجوية وتقليل اعتمادها على الموردين التقليديين في الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة وفرنسا، اللتين فرضتا تاريخيًا قيودًا على تزويد مصر بأسلحة متطورة للحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل.
القلق الإسرائيلي من تغير موازين القوى
ينبع القلق الإسرائيلي من احتمال أن تقوّض HQ-9B تفوقها الجوي، والذي يشكل حجر الزاوية في عقيدتها الدفاعية. إذ لطالما حافظ سلاح الجو الإسرائيلي، المزود بمقاتلات F-35 الشبحية المتقدمة وصواريخ AIM-120 AMRAAM الأميركية، على الهيمنة الجوية في المنطقة. غير أن مدى HQ-9B الطويل وقدراتها على رصد الأهداف الشبحية قد تعقّد من تنفيذ العمليات الإسرائيلية، خصوصًا في حال اقترابها من الأجواء المصرية.
وتزداد المخاوف داخل الأوساط الدفاعية الإسرائيلية بسبب التوسع العسكري الأوسع لمصر، والذي يشمل مؤخرًا شراء مقاتلات J-10C الصينية المجهزة بصواريخ PL-15 جو-جو بعيدة المدى. وتشير هذه التطورات إلى رغبة مصر في تحقيق استقلالية استراتيجية أكبر وموازنة القوى الإقليمية، بما في ذلك إسرائيل، في ظل توتر الأوضاع حول قضايا مثل النزاع في غزة وأمن البحر الأحمر.
شراكة دفاعية متنامية مع بكين
إن توجه مصر نحو الصين للحصول على أنظمة متقدمة مثل HQ-9B نابع من الإحباط المتزايد من القيود الغربية. فقد قيدت الولايات المتحدة حصول مصر على ذخائر حديثة، حيث لا تزال تزود أسطولها الكبير من مقاتلات F-16 بصواريخ AIM-7 Sparrow القديمة، بينما امتنعت فرنسا عن تسليم صواريخ MICA بعيدة المدى لمقاتلات رافال المصرية.
وفي المقابل، تُعد الصين شريكًا أكثر مرونة، حيث توفر تكنولوجيا متقدمة دون شروط سياسية، ما يجعلها خيارًا جذابًا للقاهرة، التي تسعى إلى مواجهة التهديدات القادمة من ليبيا وإثيوبيا، فضلًا عن التحديات البحرية في البحر الأحمر. كما يتماشى اقتناء HQ-9B مع تعاقد مصر على طائرات Wing Loong-1D المسيّرة الصينية، واهتمامها المحتمل بمقاتلات J-35 وJ-20 الشبحيتين، ما يشير إلى شراكة دفاعية متنامية مع بكين.
ويمتد تأثير هذا التحول إلى المنطقة بأكملها، حيث إن تنامي دور الصين كمزود رئيسي للأسلحة يضع تحديًا جديدًا أمام الهيمنة الغربية والروسية التقليدية. فبالنسبة لمصر، يعزز HQ-9B من قدراتها الردعية ويمنحها هامش مناورة أوسع في تعاملها مع الحلفاء الغربيين، بينما يمثل بالنسبة لإسرائيل تطورًا مقلقًا يثير تساؤلات حول إمكانية الحفاظ على تفوقها العسكري في بيئة إقليمية آخذة في التغير.
ومع استمرار القاهرة في تنويع مصادر تسليحها، يبقى ميزان القوى في الشرق الأوسط في حالة تقلب، حيث أصبحت HQ-9B رمزًا واضحًا لطموحات مصر الدفاعية، ولدور الصين المتصاعد في إعادة رسم خريطة التسلح الإقليمي.