في مزيج فريد يجمع بين الروحانية والفن، ابتكرت المهندسة المعمارية سارة الحربلي تجربة مذهلة بتحويل خطوط الموجات الصوتية للتلاوات القرآنية إلى تصاميم مجوهرات ذهبية راقية. تعتمد هذه التجربة على برنامج متخصص يستخلص الموجات الصوتية، محولاً إياها إلى أشكال فنية تحمل في طياتها جمالية الصوت وعمق المعاني، مع إرفاق باركود يتيح للمقتني الاستماع للآيات الملهمة.
من الهندسة المعمارية إلى فن الموجات الصوتية
بدأت المهندسة سارة الحربلي مسيرتها المهنية في الهندسة المعمارية وتصميم المدن، ثم اتجهت إلى تصميم قطع الأثاث عبر علامتها التجارية “تجريد” التي أطلقتها خلال جائحة كورونا. ألهمتها دراستها للإعجاز القرآني بفكرة رائدة لتحويل الموجات الصوتية للآيات القرآنية إلى قطع فنية فريدة. هذا التوجه يمثل قفزة نوعية في دمج الفن الإسلامي بالتقنيات الحديثة، مقدماً تجسيداً مادياً لجمال الصوت.
تطورت الفكرة من تصميم لوحات جدارية تجريدية، جذبت اهتماماً كبيراً ورغبة في تقديمها كهدايا، إلى قطع مجوهرات ذهبية راقية. دفع هذا الإقبال المهندسة سارة إلى التعاون مع مصممة المجوهرات سمية بكار لتنفيذ وعرض مجموعتها الأولى، مما أتاح لهذه التصاميم المبتكرة أن تصل إلى جمهور أوسع. هذا الانتقال يعكس مرونة التصميم وقدرته على التكيف مع متطلبات السوق الفنية.
تحديات التصميم وجماليات التشكيل
واجهت المهندسة سارة تحديات كبيرة في تحويل هذه الذبذبات الصوتية إلى قطع مجوهرات صغيرة الحجم، خاصة فيما يتعلق بالتحكم في حجم وشكل الموجات مع قيود المساحة. فعلى سبيل المثال، يتطلب تصميم الخاتم تقليل عدد الكلمات للحفاظ على المعنى، وقد تكتفي بكلمة واحدة مثل “الرحمن” لتجسيد رسالة قوية. هذا التركيز يضمن عدم فقدان جوهر المعنى رغم التكثيف.
أدخلت المهندسة سارة تطويرات مهمة على أسلوب تقديم الموجات الصوتية في المجوهرات، مثل إدخال التشكيل وتنقيط الكلمات باستخدام الألماس للإشارة إلى الحروف التي تحتوي على نقاط أو تشكيلات. هذا الابتكار يضيف بعداً جمالياً وإبداعياً للتصميم، كما يضمن الحفاظ على سماكة الذهب، لا سيما في الأطراف الرفيعة للموجات، لتجنب تعرض القطع للكسر.
اختيار الصوت وإلهام المعاني
اختارت المهندسة سارة صوت القارئ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لتسجيلات الموجات الصوتية، نظراً لجودة ونقاء تسجيلاته العالية. هذا الاختيار أساسي للحصول على أشكال موجية غنية بالتفاصيل والاختلافات بين الصدى، الجوف، التفخيم، والترقيق، مما ينتج عنه تصميمات بصرية أكثر جمالاً وتفرداً. التسجيلات ذات الجودة المنخفضة قد تنتج موجات سميكة تفتقر إلى التمايز.
طرحت سارة مجموعتين من الذهب هما “آيات 1” و”آيات 2″، تضمنتا الأحجار الكريمة والألماس. تميزت المجموعة الأولى بتقديم الموجات الصوتية داخل إطار قطعة المجوهرات، بينما اعتمدت الثانية على تفريغ الموجات الصوتية لتشكل هي ذاتها الإطار. هذا التنويع يعكس الإلهام المتجدد من معاني الآيات القرآنية، مما يؤدي إلى تبدل التصاميم وتكيفها مع روح كل آية. كما تشيد بالدعم الكبير الذي قدمته مصممة المجوهرات سمية بكار، التي ساعدتها بخبرتها في تقنيات التعليق، سماكة الذهب، وإضافة الأحجار الكريمة.
تخضع تصاميم المهندسة سارة لتطوير مستمر، حيث تعمل على إعادة ابتكار أشكال الموجات الصوتية. اعتمدت سارة على التسويق الإلكتروني والمشاركة في المعارض الكبرى بدبي، بالإضافة إلى عرض منتجاتها في متاجر معروفة بالإمارات، لزيادة الوعي بعلامتها التجارية. كما تهدف إلى التوسع في المحال التجارية لتعزيز ثقة الزبائن من خلال التجربة المباشرة للقطع، وتطمح لافتتاح محل بتصميم مختلف يعكس روح علامتها.
مشروع الطيران: آفاق فنية جديدة
تتجه المهندسة سارة الحربلي نحو مشروع طموح جديد يتمثل في تحويل الأصوات المتنوعة للرحلات الجوية إلى أعمال فنية مميزة. يشتمل هذا المشروع على استخدام جميع الأصوات المرتبطة بالطائرة، بدءاً من مراحل ما قبل الإقلاع وحتى الهبوط، بما في ذلك الأصوات التي يسمعها الركاب خلال الرحلة. هذا الابتكار يعيد تعريف تجربة الطيران كعمل فني مسموع ومرئي.
في هذا المشروع الجديد، تخطط سارة للتلاعب بأشكال الموجات الصوتية بمرونة أكبر، بحيث لا تقتصر على الخطوط المستقيمة، بل يمكن أن تكون متعرجة لتعكس مسار الطائرة. هذا التوجه يتيح لها مساحة أوسع للإبداع والابتكار في تجسيد تجربة الطيران بصرياً، مما يفتح آفاقاً جديدة لعلامتها الفنية ويثبت قدرتها على تطبيق رؤيتها الإبداعية في مجالات متنوعة.