سجل الدولار الأمريكي أقوى أداء أسبوعي له منذ أكثر من أربعة أشهر، مدعومًا بالتهديدات الجمركية المتجددة من الرئيس دونالد ترامب. أثارت هذه التهديدات مخاوف متزايدة من تصاعد التضخم، مما دفع المستثمرين للجوء إلى العملة الخضراء كملاذ آمن، وأضعف في المقابل الأصول عالية المخاطر وعملات أخرى.
الدولار يحقق مكاسب ملحوظة.. ما الأسباب؟
ارتفع مؤشر بلومبرج للدولار الفوري بنسبة 0.73% خلال الأسبوع الماضي، مسجلاً بذلك أفضل أداء أسبوعي له منذ نهاية شهر فبراير الماضي. جاء هذا الارتفاع بعد أن تكبد الدولار خسائر أسبوعية على مدار الأسبوعين السابقين، مما يشير إلى تحول ملحوظ في توجهات السوق تجاه العملة الأمريكية. يعكس هذا الصعود القوي حالة من عدم اليقين العالمي التي تدفع المستثمرين نحو الأصول الأكثر أمانًا.
كانت التهديدات الجمركية التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب هي المحرك الأساسي لهذا الأداء القوي للدولار. أثار إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة مخاوف واسعة بشأن تداعيات التضخم وارتفاع تكاليف الإنتاج عالميًا. تزيد هذه الإجراءات من حالة الترقب والقلق في الأسواق المالية، مما يعزز جاذبية الدولار كملاذ آمن في أوقات الاضطراب الاقتصادي والجيوسياسي.
تداعيات الرسوم الجمركية وتأثيرها على العملات
أعاد الرئيس ترامب الضغوط التجارية إلى الواجهة مجددًا بعد توقف دام ثلاثة أشهر، معلنًا عن خططه لفرض رسوم جمركية تصل إلى 35% على بعض الواردات الكندية. بالإضافة إلى ذلك، هدد بفرض رسوم شاملة تصل إلى 20% على معظم الشركاء التجاريين، مما زاد من المخاوف بشأن تداعيات هذه الإجراءات على الاقتصاد العالمي. تعكس هذه التهديدات استراتيجية ترامب السابقة في استخدام الرسوم الجمركية كأداة ضغط سياسي واقتصادي.
في ظل هذه المخاوف الجيوسياسية والجمركية المتزايدة، شهدت عملات مثل الين الياباني والجنيه الإسترليني أداءً ضعيفًا ضمن مجموعة العشر الكبار هذا الأسبوع. تزايد الإقبال على الدولار كملاذ آمن في الأوقات المضطربة ساهم في إضعاف هذه العملات، حيث يفضل المستثمرون تحويل أموالهم إلى الأصول التي يُنظر إليها على أنها أكثر استقرارًا وأمانًا في ظل التقلبات العالمية.
توقعات السوق وانقسام آراء المحللين
على الرغم من الأداء القوي الذي سجله الدولار، واصل المضاربون زيادة رهاناتهم الهبوطية على العملة الخضراء خلال الأشهر الماضية. جاء ذلك بدعم من المخاوف المستمرة بشأن العجز المالي الأمريكي وتوسع الإنفاق الحكومي، والتي يعتقد البعض أنها قد تضعف الدولار على المدى الطويل. تعكس هذه الرهانات تباينًا في التوقعات بين الأداء الفوري للعملة وتصورات المستثمرين لمستقبلها الاقتصادي.
وفقًا لتقرير صادر عن لجنة تداول السلع المستقبلية الأمريكية، بلغت قيمة المراكز الاستثمارية التي تهدف إلى الرهان ضد الدولار حوالي 18.6 مليار دولار بنهاية الأسبوع المنتهي في 8 يوليو. هذه القيمة تشكل زيادة طفيفة عن الأسبوع السابق، مما يؤكد استمرار توجه بعض المضاربين نحو التكهن بتراجع الدولار رغم مكاسبه الأخيرة.
تتجه توقعات المحللين بين انقسام واضح حول مستقبل الدولار. يرى أروب تشاترجي، الاستراتيجي في “ويلز فارغو”، أن الأسواق قد تبالغ في رهاناتها ضد الدولار، متوقعًا استمرار حالة عدم اليقين بشأن تدخل الاحتياطي الفيدرالي. يشير هذا الرأي إلى أن العوامل التي تدعم الدولار قد تكون أقوى مما يتصوره البعض، وأن التقلبات الحالية قد تكون مؤقتة.
في المقابل، تتوقع “جيه بي مورغان” أن فترة الاستقرار الحالية للدولار قد تكون قصيرة الأمد. ترجح “جيه بي مورغان” أن يواصل الدولار تراجعه في الأمد المتوسط بفعل الرسوم الجمركية والاضطرابات السياسية، مما قد يؤدي إلى صعود محتمل لليورو والين الياباني والفرنك السويسري. يعكس هذا التوقع نظرة أكثر حذرًا لمستقبل العملة الأمريكية في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية المستمرة.