انفراجة كونية.. “الأقزام المظلمة” فئة نجمية جديدة قد تكشف سر المادة المظلمة

توقع علماء الفلك وجود نوع جديد من الأجسام الكونية يُطلق عليها “الأقزام المظلمة”، تتكون هذه الأجسام بالقرب من مركز مجرتنا درب التبانة. تستمد الأقزام المظلمة طاقتها من فناء جسيمات المادة المظلمة بداخلها، مما يجعلها خطوة حاسمة نحو فهم طبيعة المادة المظلمة التي تحير العلماء.

تُشير دراسة حديثة، نُشرت في مجلة JCAP المتخصصة بعلم الكونيات والجسيمات الفلكية، إلى أن الأقزام المظلمة لا تولّد طاقتها عبر الاندماج النووي، كما تفعل النجوم العادية. تعتمد هذه الأجسام الغامضة بدلاً من ذلك على عملية فريدة، وهي فناء الجسيمات المظلمة داخل نواتها لتوليد الحرارة والضوء.

ما هي الأقزام المظلمة ومصدر طاقتها؟

تُظهر الأقزام المظلمة تشابهًا مع الأقزام البنية، وهي نجوم فاشلة لم تكتسب كتلة كافية لبدء حرق الهيدروجين النووي. لكن الفارق الجوهري يكمن في مصدر الطاقة؛ فالأقزام المظلمة تعتمد على الجسيمات المظلمة الضخمة ضعيفة التفاعل (WIMPs) التي تتجمع داخلها وتُفني نفسها، مولدة حرارة كافية لإحداث توهج خافت يمكن رصده.

اقرأ أيضًا: مفاجأة.. تيك توك يطلق نسخة جديدة في أمريكا قبل إتمام صفقة البيع

بينما تصل كتلة الأقزام البنية العادية إلى حوالي 0.075 من كتلة الشمس، تزداد هذه الكتلة بشكل ملحوظ في البيئات ذات الكثافة العالية للمادة المظلمة. هذا يعني أن الأقزام المظلمة يمكن أن تظل مستقرة وحيوية حتى بكتلة أقل من هذا الحد، بفضل الطاقة المستمرة الناتجة عن فناء المادة المظلمة داخلها.

كيف يمكن اكتشاف الأقزام المظلمة؟

يُعد وجود عنصر الليثيوم-7 في الغلاف الجوي للأقزام المظلمة الميزة الرئيسية التي ستمكّن الفلكيين من تحديدها. على عكس الأقزام البنية التي تحرق الليثيوم-7 بسبب حرارتها الداخلية، تحتفظ الأقزام المظلمة بهذا العنصر الثمين. يشكل هذا الليثيوم بصمة طيفية فريدة، يمكن رصدها وتحليلها بواسطة التلسكوبات المتطورة للكشف عن هذه الأجسام الغامضة.

يشير العلماء إلى أن تلسكوبات فائقة الحساسية، مثل تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST)، قد تتمكن من رصد هذه الأجسام شديدة البرودة. يعتبر مركز مجرة درب التبانة موقعًا واعدًا للبحث، نظرًا لتركيز الكثافات العالية من المادة المظلمة فيه، والتي تتجاوز 1000 جيجا إلكترون فولت لكل سنتيمتر مكعب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للعلماء إجراء مسح واسع النطاق للأقزام البنية المعروفة، للبحث عن أي فئة فرعية نادرة تحتفظ بعنصر الليثيوم بشكل غير متوقع، مما قد يكشف عن وجود الأقزام المظلمة.

اقرأ أيضًا: إشادة.. البيت الأبيض يشيد بجهود مصر لإنهاء حرب غزة

دلالات اكتشاف الأقزام المظلمة للفيزياء الفلكية

يؤكد الباحثون أن اكتشاف قزم مظلم واحد فقط سيكون بمثابة دليل قوي ومهم على أن المادة المظلمة تتكون من جسيمات ثقيلة قادرة على فناء نفسها، مثل جسيمات WIMPs. يدعم هذا الاكتشاف هذه النظرية ويُضعف النظريات البديلة التي تفترض مادة مظلمة خفيفة، كالأكسيونات. وعلى الرغم من أنه لن يكون إثباتًا نهائيًا، إلا أنه سيشكل دفعة هائلة نحو فهم أعمق للمادة المظلمة من منظور فيزيائي فلكي جديد.

تُمثل هذه التنبؤات العلمية نقطة انطلاق حيوية نحو حملات رصدية فلكية مستقبلية وطموحة. يبقى تلسكوب جيمس ويب الفضائي الأمل الأكبر، حيث قد يكون المفتاح الذي يكشف الستار عن وجود هذه الأجسام الغامضة، ويُساهم في حل أحد أعمق الألغاز الكونية المتعلقة بالمادة المظلمة وطبيعة الكون.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *