تليف الكبد حالة خطيرة تتميز بتندب دائم في الكبد، مما يعيق وظيفته وقد يؤدي إلى فشل كبدي. ينجم هذا التلف المزمن، الذي يتطور لسنوات، غالبًا عن الكحول والمخدرات والفيروسات وبعض العوامل الأيضية. فهم أعراضه المبكرة والمتقدمة يعد أمرًا حيويًا للتدخل المبكر.
ما هو تليف الكبد؟
يُعرف تليف الكبد بأنه مرحلة متأخرة من أمراض الكبد، حيث تحل الأنسجة المتندبة بشكل تدريجي محل الأنسجة السليمة. هذا التلف ينشأ عن التهاب مزمن طويل الأمد في الكبد، والذي قد ينتج عن أسباب متنوعة تتراوح بين العدوى الفيروسية وسوء استخدام الكحول.
عندما يستمر الالتهاب، يبدأ الكبد في محاولة إصلاح نفسه من خلال عملية التندب. لكن تراكم النسيج الندبي المفرط يمنع الكبد من أداء وظائفه الحيوية بشكل صحيح. والنتيجة النهائية لهذه العملية تكون فشل الكبد المزمن، وهي حالة خطيرة تهدد الحياة وتستدعي عناية طبية فورية.
هل تلاحظ هذه العلامات المبكرة لتليف الكبد؟
تتضمن العلامات والأعراض الأولية لتليف الكبد مجموعة من المؤشرات التي يجب الانتباه إليها. قد يشعر المريض بالغثيان المستمر أو يفقد شهيته بشكل ملحوظ، مما يؤثر على التغذية والصحة العامة بمرور الوقت ويضعف الجسم.
بالإضافة إلى ذلك، يسيطر شعور عام بالضعف والتعب الشديد أو الإرهاق على المريض، وقد يشعر بالمرض بشكل عام (التوعك) دون سبب واضح. هذه الأعراض المبكرة غالبًا ما تكون غير محددة، لكنها تشير إلى أن الكبد قد بدأ في التأثر.
من الممكن أيضًا أن يظهر ألم في الجزء العلوي من البطن، وخاصة على الجانب الأيمن حيث يقع الكبد. كما قد تلاحظ ظهور أوعية دموية صغيرة وواضحة تشبه شبكة العنكبوت على الجلد (أورام وعائية عنكبوتية)، بالإضافة إلى احمرار غير مبرر في راحتي اليدين، مما قد يكون مؤشرًا على تغيرات في الدورة الدموية.
أعراض تليف الكبد المتقدمة: متى تستدعي القلق؟
مع تقدم تليف الكبد، تصبح الأعراض أكثر وضوحًا وخطورة، وتنقسم عادة إلى فئتين رئيسيتين. الفئة الأولى تشمل الأعراض المرتبطة بتدهور وظائف الكبد بشكل عام، بينما ترتبط الفئة الثانية بارتفاع ضغط الدم في الوريد البابي، وهو وريد رئيسي يحمل الدم إلى الكبد.
يُعد اليرقان، وهو اصفرار الجلد والعينين الناتج عن توقف تدفق الصفراء، من أبرز المؤشرات الشائعة على تراجع وظائف الكبد. كما تشير أعراض ارتفاع ضغط الوريد البابي بشكل خاص إلى وجود تليف كبدي متقدم، وتتطلب متابعة طبية دقيقة.
ينتج ارتفاع ضغط الوريد البابي عن الضغط الذي يمارسه النسيج الندبي المتراكم داخل الكبد على هذا الوريد الحيوي، مما يعيق تدفق الدم الطبيعي. هذا الضغط يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل الاستسقاء أو دوالي المريء، ويستدعي التدخل الطبي العاجل للتحكم في الحالة.
تشمل أعراض تليف الكبد المرتبطة بانخفاض وظائف الكبد المتدهورة اليرقان الواضح الذي يصبغ الجلد والعينين باللون الأصفر. بالإضافة إلى ذلك، قد يعاني المريض من حكة شديدة ومستمرة في الجلد، على الرغم من عدم وجود طفح جلدي ظاهر، نتيجة لتراكم المواد السامة.
كما يلاحظ تغير في لون الإخراج؛ حيث يصبح البول داكن اللون بينما يكون البراز فاتحًا، مما يدل على مشاكل في إفراز الصفراء. يعاني المصابون أيضًا من صعوبات ملحوظة في الهضم، خاصة عند تناول الدهون، وقد تظهر نتوءات صفراء صغيرة ناجمة عن رواسب دهنية على الجلد أو الجفون.
بالإضافة إلى ذلك، يحدث فقدان غير مبرر للوزن وضمور في العضلات مع تقدم المرض. في المراحل المتقدمة، قد يظهر اعتلال الدماغ الكبدي، الذي يتجلى في الارتباك وفقدان القدرة على التوجه وتغيرات حادة في المزاج والسلوك، مما يستدعي عناية طبية فورية نظرًا لخطورته.