في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية ودخولها عامها الرابع، يتصاعد الدعم الأوروبي لكييف، حيث وقعت الدنمارك اتفاقاً رائداً بقيمة 67 مليون يورو لإنتاج الأسلحة والتقنيات الدفاعية المشتركة. تتزامن هذه الخطوة مع مشاريع أوروبية أخرى لتصنيع الطائرات بدون طيار والمعدات المتقدمة، مما يعكس توجهاً نحو تعزيز القدرات الدفاعية لأوكرانيا وأوروبا ككل.
تنامي الدعم الأوروبي وتطوير القدرات الدفاعية الأوكرانية
تتصاعد وتيرة الدعم الأوروبي لكييف بشكل ملحوظ مع دخول الحرب عامها الرابع، متجاوزة الحديث التقليدي لتصل إلى تعاون عملي وملموس. هذا التحرك الأوروبي بات يأخذ طابعاً أكثر تنظيمًا في مواجهة التحديات الجيوسياسية والتكنولوجية المتزايدة التي فرضتها الحرب على القارة بأسرها. تهدف هذه المبادرات إلى تمكين أوكرانيا من تعزيز قدراتها الدفاعية الذاتية والاندماج في سلاسل الإمداد الأوروبية.
دخلت فرنسا وعدة دول أوروبية أخرى في مشاريع حيوية لتصنيع الطائرات بدون طيار والمعدات العسكرية المتقدمة داخل أوكرانيا. تشمل هذه الشراكات إنتاج نماذج متطورة مثل طائرة الاستطلاع البريطانية Raybird، التي تتميز بمدى يصل إلى 2500 كيلومتر وزمن تحليق يبلغ 28 ساعة، مما يعكس التزاماً أوروبياً بتزويد كييف بتقنيات دفاعية حديثة وفعالة لمواجهة التحديات الميدانية.
النموذج الدنماركي الرائد وخطوات التكامل الأوروبي
أبرمت الدنمارك، قبل توليها رئاسة الاتحاد الأوروبي في يوليو 2025، اتفاقاً دفاعياً استراتيجياً مع أوكرانيا بقيمة 67 مليون يورو. يعتبر هذا الاتفاق الأول من نوعه، حيث يتيح للشركات الدفاعية الأوكرانية تصنيع تصميماتها الخاصة بالأسلحة والتقنيات الدفاعية على الأراضي الدنماركية. هذه الخطوة تؤسس لنموذج جديد من التعاون الدفاعي الذي يهدف إلى دمج أوكرانيا في سلسلة الإمدادات الدفاعية الأوروبية بشكل فعال.
وصف وزير الصناعة والأعمال الدنماركي، مورتن بودسكوف، هذا الاتفاق بأنه مساهمة قوية لدعم نضال أوكرانيا من أجل الحرية، وفي الوقت نفسه دفعة لتعزيز القدرات الدفاعية لكل من الدنمارك وأوروبا. هذا النموذج “الدنماركي” يُسرّع دورة الإنتاج العسكري بشكل كبير، مختصراً إياها من 18 شهراً إلى نحو 6 أشهر فقط، مما يوفر مرونة وكفاءة عالية في تلبية الاحتياجات العسكرية الطارئة.
آفاق التمويل والتحديات أمام الأمن الأوروبي الموحد
خصصت أوكرانيا ميزانية ضخمة لمجهودها الحربي عام 2023، بلغت نحو 30.8 مليار دولار، وهو ما يعادل عشرين ضعفاً مما كانت تنفقه قبل حرب عام 2022. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت مبادرات التمويل الجماعي مثل United24 بجمع ما يقارب مليار دولار، خصص منها نحو 930 مليوناً بشكل مباشر لدعم القوات المسلحة، مما يؤكد على حجم التعبئة المالية المطلوبة للحرب.
لا تزال هناك فجوة واضحة في التنسيق داخل الاتحاد الأوروبي بشأن إعادة تسليح أوكرانيا وتطوير قدراتها الدفاعية، رغم هذه المبادرات الواعدة. ترى الباحثة أولينا بيلوسوفا من كلية كييف للاقتصاد أن أوكرانيا لا تزال خارج التخطيط الدفاعي المشترك للاتحاد الأوروبي، مما يحد من فعالية الدعم. كما تواجه بعض أنظمة الأسلحة الغربية تحديات، مثل قذائف Excalibur M982 التي تراجعت دقتها بسبب الحرب الإلكترونية الروسية.
رغم التحديات، أطلق الاتحاد الأوروبي قوة مهام مشتركة مع أوكرانيا بهدف دمجها في النظام الدفاعي الأوروبي. كما فعل آلية SAFE، بقيمة 150 مليار يورو، لدعم المشاريع المشتركة بشرط أن تكون نسبة 65% من مكونات السلاح من داخل الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا. يتوقع الخبراء أن تشمل المبادرات المستقبلية مجالات حيوية مثل الدفاع الجوي المتقدم، ومراقبة الطائرات بدون طيار، وأمن الكابلات البحرية، بالإضافة إلى الحماية السيبرانية.