وجهت الولايات المتحدة، تحت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، تحذيرات إلى 14 دولة بهدف تعديل ميزانها التجاري مع واشنطن، مستهدفةً الدول التي تحقق فائضًا كبيرًا معها. هذه الاستراتيجية، التي تبتعد عن مبادئ التجارة الحرة التقليدية، تهدف إلى الضغط على هذه الدول لتقديم تنازلات تجارية أو زيادة مشترياتها من السلع الأمريكية، مما يثير تساؤلات حول تأثيراتها الاقتصادية والسياسية على المدى الطويل.
استراتيجية ترامب التجارية الجديدة
صرح الدكتور بيتر إيرل، كبير الاقتصاديين في المعهد الأمريكي للبحوث الاقتصادية، أن الولايات المتحدة بعثت رسائل تحذير إلى 14 دولة. يهدف هذا الإجراء إلى تعديل الميزان التجاري الأمريكي مع هذه الدول. تم اختيار هذه الدول بناءً على تحقيقها فائضاً تجارياً كبيراً مع الولايات المتحدة.
تسعى إدارة ترامب من خلال هذه السياسة إلى استهداف الدول التي تشتري منها الولايات المتحدة سلعاً أكثر مما تبيع لها. يهدف الضغط إلى دفع هذه الدول لتقديم تنازلات تجارية.
تعتمد استراتيجية إدارة ترامب على فرض “قوة التفاوض” على هذه الدول، بخلاف المفهوم التقليدي للتجارة الحرة والاتفاقات متعددة الأطراف. تهدف واشنطن إلى دفع هذه الدول لدفع رسوم أعلى أو لزيادة مشترياتها من السلع الأمريكية.
يرى الدكتور إيرل أن هذه السياسات قد تحقق تأثيراً اقتصادياً على المدى القصير. ومع ذلك، فإن هذه المفاوضات تفتقر إلى وضوح الأهداف ولا تأخذ في الاعتبار الأبعاد الاقتصادية المشتركة بين الدول.
تداعيات السياسات غير التقليدية
تجد معظم الدول المستهدفة صعوبة في الانخراط بمفاوضات سريعة مع الإدارة الأمريكية. يعود السبب إلى غموض الطلبات التي تقدمها واشنطن. هذا الغموض يضع ضغوطاً على هذه الدول لتسوية الأمور بشكل أسرع مما هو مرغوب، ويعرضها لمخاطر اقتصادية طويلة الأجل.
تعتمد الإدارة الأمريكية الحالية على سياسات تجارية غير تقليدية. تشرك هذه السياسات الدول بطرق مختلفة تماماً، مما يزيد من التوترات في العلاقات الدولية. تهدد هذه السياسات بإضعاف العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها.
أشار الدكتور إيرل إلى أن الرسوم المتغيرة بناءً على العلاقات السياسية لا تتماشى مع المبادئ القانونية أو الأخلاقية للتجارة الدولية. أكد أن هذا النهج يمثل استخداماً للسياسة التجارية كاختبار للولاء السياسي.
يرى كبير الاقتصاديين أن هذا التوجه قد يكون ضاراً لكل من الأمريكيين والدول الأخرى على حد سواء. فرض الرسوم الجمركية بناءً على العلاقات الدبلوماسية، بدلاً من السلوك الاقتصادي، قد يؤدي إلى فقدان الثقة في الأسواق ويؤثر سلباً على تدفق الاستثمارات العالمية.
دور الكونغرس في تحديد السياسة التجارية
تطرق الدكتور بيتر إيرل إلى قانون “تريد ريفيو” المقترح. يهدف هذا القانون إلى تقييد صلاحيات الرئيس الأمريكي في فرض الرسوم الجمركية دون موافقة الكونغرس.
يؤكد الدكتور إيرل أن هذا التشريع يقلص من قدرة الرئيس على اتخاذ قرارات تجارية منفردة. سيعزز القانون دور الكونغرس في الإشراف على السياسات التجارية الأمريكية. هذا التغيير قد يؤدي إلى تعزيز الشفافية ويضمن الموازنة بين المصالح الاقتصادية والسياسية.
يختتم الدكتور إيرل تحليله بالإشارة إلى أن هذا التحول في السياسة التجارية الأمريكية قد يغير قواعد اللعبة الاقتصادية الدولية مستقبلاً. يتطلب هذا التغيير مزيداً من الشفافية والمراجعة الدقيقة لسياسات الإدارة الحالية. يضمن ذلك عدم تأثير هذه السياسات سلبياً على الاقتصاد العالمي بأكمله.