@ تصاعد التوتر الرقمي بين الاتحاد الاوروبي والصين الى مستويات غير مسبوقة، فلقد فتحت بروكسل تحقيقا رسميا ضد منصة تيك توك الشهيرة. ياتي هذا التحقيق في سياق مزاعم حول تخزين بيانات المستخدمين الاوروبيين على خوادم داخل الاراضي الصينية، وهو ما قد يشكل انتهاكا صارخا للوائح حماية البيانات الاوروبية الصارمة. في المقابل، نفت بكين بشدة هذه الاتهامات، مؤكدة احترامها الكامل لخصوصية البيانات ورفضها المطلق لاي عمليات تجسس الكترونية تحت اي مسمى.
ابعاد التحقيق الجديد
لقد بادرت بروكسل الى هذا التحرك القانوني يوم الخميس، مركزا على المخاوف المتزايدة بشأن امن وخصوصية المعلومات الشخصية لملايين المستخدمين في القارة العجوز. هذا الاجراء القانوني يقود مساره الهيئة الايرلندية لحماية البيانات، الجهة المسؤولة عن هذا الملف بحكم وجود المقر الاوروبي لتيك توك في ايرلندا. الهدف المعلن من التحقيق هو تحديد ما اذا كانت الشبكة الاجتماعية قد احترمت التزاماتها بموجب اللائحة العامة لحماية البيانات (RGPD)، خاصة فيما يتعلق بعمليات نقل البيانات المشار اليها حاليا.
رد صيني حاسم
لم يتاخر الرد من بكين، فلقد نفت الحكومة الصينية بحزم يوم الجمعة، اي تورط في عمليات تخزين غير قانونية للبيانات. في تصريح صريح، اكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، ان بكين تولي اهمية قصوى لخصوصية وامان البيانات وتلتزم بحمايتها وفقا للقانون. شددت نينغ خلال مؤتمر صحفي دوري ان الصين لم تطلب ولن تطلب ابدا من اي شركات او افراد جمع او تخزين البيانات بطريقة غير قانونية. كما اعربت عن املها ان تحترم الاطراف الاوروبية اقتصاد السوق والمنافسة العادلة، وتوفر بيئة تجارية منصفة وغير تمييزية للشركات العالمية العاملة في اوروبا.
تاريخ من المخاوف والتدقيق
تيك توك، التطبيق المملوك لشركة بايت دانس الصينية العملاقة، يمتلك قاعدة مستخدمين تتجاوز مليار ونصف المليار شخص حول العالم. منذ سنوات، واجهت المنصة تدقيقا متزايدا من الحكومات الغربية التي تشعر بقلق عميق ازاء صلتها المحتملة بالحكومة الصينية. تتمركز هذه المخاوف حول امكانية استخدام بيانات المستخدمين في عمليات تجسس او دعاية موجهة، مما يضع الشركة في مرمى الاتهامات المستمرة.
سابقة الغرامات والاعترافات
تجدر الاشارة الى ان هذه ليست المرة الاولى التي تجد فيها تيك توك نفسها في مواجهة السلطات الاوروبية. في ايار الماضي، فرضت هيئة حماية البيانات الايرلندية غرامة ضخمة بلغت خمسمائة وثلاثين مليون يورو على المنصة. جاءت هذه الغرامة لعدم قدرة تيك توك على ضمان حماية كافية لبيانات المستخدمين الاوروبيين التي كانت متاحة عن بعد من داخل الصين، حتى لو كانت مخزنة خارجها. خلال ذلك التحقيق، اقرت تيك توك بان بعض البيانات الاوروبية تم تخزينها بالفعل داخل الصين بسبب ما اسمته “خلل فني”، وتم حذفها لاحقا. الا انها اكدت في الوقت ذاته انها لم تتلق اي طلب من السلطات الصينية ولم تزودها ببيانات اي مستخدم اوروبي. ومع ذلك، اشارت هيئة حماية البيانات الايرلندية الى ان تيك توك لم تقدم ضمانات كافية تمنع وصول السلطات الصينية الى تلك البيانات، مستندة الى قوانين مكافحة الارهاب والتجسس الصينية، وهو ما يظل مصدرا لقلق بالغ يتجدد مع كل تطور.