الرئيس اللبناني جوزيف عون اكد موقفا حاسما بالرفض القاطع لاي تطبيع للعلاقات مع اسرائيل. هذا التصريح المفصلي ياتي ليضع حدا لتساؤلات عدة كانت تدور في الاوساط السياسية الاقليمية، وليشكل اول رد فعل رسمي من بيروت على دعوات اسرائيلية سابقة عبرت عن رغبتها في اقامة علاقات طبيعية مع كل من لبنان و سوريا. عون اوضح ان لبنان يتمسك بوضع “اللاحرب” الحالي مع الدولة العبرية، مؤكدا ان مسالة التطبيع غير مطروحة على الاطلاق في السياسة الخارجية اللبنانية الراهنة.
موقف لبناني حاسم تجاه التطبيع
خلال استقباله وفد مجلس العلاقات العربية و الدولية، ميز الرئيس عون بوضوح بين مفهومي السلام و التطبيع. اكد في هذا السياق ان السلام بالنسبة للبنان هو حالة “اللاحرب” التي تعتبر هي الاهم في الوقت الراهن. على الجانب الاخر، شدد على ان خيار التطبيع لا يزال مستبعدا تماما من الاجندة السياسية الخارجية للبلاد. ياتي هذا التوضيح بعد تصريحات لوزير الخارجية الاسرائيلي جدعون ساعر بتاريخ الثلاثين من حزيران، ابدى فيها اهتمام اسرائيل ببدء محادثات تطبيع مع دمشق و بيروت. من الجدير بالذكر ان كلا البلدين، سوريا و لبنان، لا يزالان رسميا في حالة حرب مع اسرائيل منذ عام الف و تسعمئة و ثمانية و اربعين، و كانت دمشق قد وصفت في وقت سابق اي محادثات للتطبيع بانها “سابقة لاوانها”.
تاريخ الصراع ودعوات الانسحاب
لم يكتف الرئيس عون بتوضيح موقف بلاده من التطبيع، بل توجه ايضا بنداء واضح الى اسرائيل مطالبا اياها بالانسحاب الفوري من خمسة مواقع لا تزال تحتلها في جنوب لبنان. هذه المطالبة تاتي ضمن سياق تاريخي طويل من الصراع و الاحتلال.
تحديات اتفاق وقف اطلاق النار
يذكر ان لبنان يشهد منذ تشرين الثاني الماضي سريان اتفاق لوقف اطلاق النار، جاء بعد نزاع دام لاكثر من عام بين اسرائيل و حزب الله، و الذي تطور الى مواجهة مفتوحة منذ ايلول. على الرغم من هذا الاتفاق، تواصل الدولة العبرية شن غارات متكررة في مناطق لبنانية متعددة، خاصة في الجنوب، تزعم انها تستهدف من خلالها عناصر او مواقع للحزب. نص اتفاق وقف اطلاق النار على انسحاب حزب الله من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، و تفكيك بنيته العسكرية هناك، مقابل تعزيز انتشار الجيش اللبناني و قوة الامم المتحدة لحفظ السلام (يونيفيل). كما نص الاتفاق على انسحاب القوات الاسرائيلية من المناطق التي تقدمت اليها خلال الصراع. بيد ان اسرائيل ابقت على وجودها في خمسة مرتفعات استراتيجية، و هي المواقع التي يطالبها لبنان بالانسحاب منها.
ملف سلاح حزب الله والامن الداخلي
و في سياق متصل بالنزاع، وجه الرئيس عون اتهامات الى اسرائيل بانها تعرقل حتى هذه اللحظة استكمال انتشار الجيش اللبناني حتى الحدود المعترف بها دوليا. في غضون ذلك، طالب البيت الابيض في واشنطن بنزع سلاح حزب الله بشكل كامل. لبنان قدم رده على هذا المقترح الاسبوع الماضي، دون الكشف عن تفاصيل هذا الرد. غير ان الرئيس عون اكد ان بيروت عازمة على “حصر السلاح” بيد الدولة اللبنانية فقط. شدد على ان معالجة هذا الملف يجب ان تتم “بروية و مسؤولية” نظرا لحساسيته و دقته و اهميته القصوى في الحفاظ على السلم الاهلي. تعتبر هذه الاشارة واضحة الى عدم رغبة لبنان في نزع سلاح حزب الله بالقوة. يجدر بالاشارة الى ان حزب الله يمثل قوة سياسية نافذة في المشهد اللبناني، و هو الجهة الوحيدة التي احتفظت بسلاحها رسميا بعد انتهاء الحرب الاهلية اللبنانية عام الف و تسعمئة و تسعين، تحديدا عندما كانت اجزاء من جنوب لبنان لا تزال تحت الاحتلال الاسرائيلي.