تمر اليوم الذكرى السادسة لرحيل “جنتل السينما المصرية” الدكتور عزت أبو عوف، الذي ترك بصمة فنية عميقة امتدت لنحو نصف قرن. لم يكن أبو عوف فنانًا متعدد المواهب فحسب، بل كان داعمًا رئيسيًا للنجوم الشباب، أبرزهم عمرو دياب، في علاقة استثنائية جمعت بين الصداقة والإبداع المشترك.
مسيرة فنية وإنسانية: عزت أبو عوف داعم المواهب
شكل الدكتور عزت أبو عوف، الشهير بـ “أخو البنات” و”جنتل السينما”، قامة فنية وإنسانية بارزة على مدار خمسة عقود من العطاء. برز أبو عوف كموسيقي متميز ضمن فرقة “فور إم” مع شقيقاته، قبل أن ينتقل ببراعة إلى عالم التمثيل، مقدمًا أدوارًا متنوعة بين الكوميديا والتراجيديا في السينما والتلفزيون بحرفية عالية.
لم يقتصر إسهام أبو عوف على أدواره الفنية فقط، بل امتد ليكون رائدًا في دعم المواهب الشابة الصاعدة، مساندًا إياهم بقوة حتى وصلوا إلى الجمهور وحققوا نجاحات كبيرة. من أبرز الأسماء التي تلقّت دعمه وتشجيعه الهضبة عمرو دياب، والفنان محمد فؤاد، ونجم الجيل تامر حسني، بالإضافة إلى العديد من الفنانين الآخرين الذين يدينون له بفضل كبير في بداية مسيرتهم الفنية.
“جنتل السينما” والهضبة: رحلة صداقة وإبداع
تميزت علاقة عزت أبو عوف بالهضبة عمرو دياب بطابع خاص ومحطات فنية بارزة، بدأت بمفارقة مثيرة. ففي بداية مشوار عمرو دياب، أبدى الدكتور أبو عوف عدم إعجابه بصوته، مفضلاً العمل حينها مع محمد فؤاد، لكنه صرح لاحقًا بندمه الشديد على هذا الموقف، مؤكدًا على متانة الصداقة التي جمعتهما واستمرت لسنوات طويلة.
كللت هذه الصداقة بنجاحهما المدوي في فيلم “آيس كريم في جليم” عام 1992، والذي يعد اليوم أيقونة شبابية وأحد أهم الأفلام في السينما المصرية خلال العقود الثلاثة الأخيرة. جسد أبو عوف في الفيلم شخصية “أدهم السلحدار”، رجل الأعمال الثري الذي أحب الرقص، وكان له دور محوري في مسار قصة حب “سيف ودرية”، خطيبة الهضبة في الفيلم.
لم تكن “آيس كريم في جليم” هي المحطة الوحيدة، ففي ربيع عام 1995، شارك عزت أبو عوف الهضبة في كليب أغنية “راجعين” ضمن ألبومه الذي حمل نفس الاسم. ظهر أبو عوف وهو يعزف البيانو ببراعة في مقدمة الأغنية التي كتبها مدحت العدل ولحنها رياض الهمشري، وقد شاركه في الكليب فنانون كبار مثل طلعت زين وحسين الإمام وعلاء ولي الدين، إلى جانب النجمة غادة عادل.
امتدت أواصر الصداقة والعمل المشترك لتشمل مشاركة أبو عوف في البرنامج الوثائقي “الحلم” الخاص بمسيرة عمرو دياب الفنية. أدى أبو عوف دور “الراوي” أو “المعلق الصوتي” على أحداث هذه السلسلة الوثائقية، التي استضافت نخبة من الفنانين والشعراء وكتاب الأغاني والملحنين والموزعين والمنتجين والإعلاميين الذين تعاملوا مع دياب على مدار مسيرته الفنية التي تجاوزت الأربعين عامًا.
وفاء ختامي: تقدير دياب لرفيق الدرب
قبل أيام قليلة من وفاته، شارك عزت أبو عوف في إعلان لإحدى شركات شبكات المحمول في مصر إلى جانب الهضبة عمرو دياب، ضمن أغنية “جمع حبايبك”. ظهر الثنائي في مشهد مؤثر يحاكي ظهورهما الأيقوني في كليب أغنية “راجعين” بعد نحو 25 عامًا من طرح الكليب الأصلي، حيث عزف أبو عوف على البيانو بجوار الهضبة بنفس الحركات التلقائية.
بعد عرض الإعلان بأيام معدودة، رحل عن عالمنا الفنان الكبير عزت أبو عوف في الأول من يوليو عام 2019، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا ضخمًا يضم أعمالاً خالدة في الموسيقى والغناء والتمثيل. وفي أول حفل فني للهضبة بعد وفاة صديقه، أهدى عمرو دياب ألبومه “سهران” إلى روح رفيق دربه ورحلة كفاحه ونجاحه الدكتور عزت أبو عوف، معتبرًا ذلك أقل ما يمكن أن يقدمه لروح الفنان الراحل تقديرًا لمسيرتهما المشتركة.