كشفت دراسة موسعة غير مسبوقة عن تاريخ الأمراض التي فتكت بالبشرية على مدى 37 ألف عام. حددت الدراسة أنواع البكتيريا والفيروسات والطفيليات المدمرة، ووجدت أول دليل على وجود بكتيريا الطاعون قبل 5500 عام. كما حللت الحمض النووي البشري لتتبع انتشار أمراض خطيرة مثل الدفتيريا والملاريا والتهاب الكبد الوبائي.
دراسة الحمض النووي تكشف تاريخ الأوبئة
تُعد هذه الدراسة من الأكثر شمولاً في تتبع مسار الأمراض التي أصابت البشر على مدار آلاف السنين. قام الباحثون بتحليل الحمض النووي المستخرج بعناية فائقة من عظام وأسنان 1313 شخصًا، ممن عاشوا في مناطق واسعة عبر قارتي أوروبا وآسيا. غطت العينات فترة زمنية هائلة تمتد من العصر الحجري المبكر، أي قبل حوالي 12500 عام، وصولاً إلى ما قبل قرنين من الزمان، مع وجود أقدم عينة تعود إلى 37 ألف عام مضت.
ساعد تحليل الحمض النووي القديم العلماء على بناء خريطة جينية لتطور وانتشار العديد من الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض. قدمت هذه المنهجية رؤى غير مسبوقة حول كيفية تفاعل البشر مع هذه الأمراض عبر العصور، وتأثيرها على المجتمعات القديمة، مما يضيف بعدًا جديدًا لفهمنا للتاريخ الصحي للبشرية.
أقدم أدلة على أمراض فتاكة
أسفرت الدراسة عن تحديد أقدم أثر جيني لبكتيريا “يرسينيا بيستيس”، المسببة لمرض الطاعون، في عينة يبلغ عمرها 5500 عام. يُعد هذا الاكتشاف دليلًا جديدًا يغير فهمنا لبداية ظهور الطاعون، وهو المرض الذي يُقدر أنه أودى بحياة ما بين ربع ونصف سكان أوروبا خلال العصور الوسطى، مخلفًا دمارًا ديموغرافيًا واجتماعيًا هائلًا.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت الأبحاث عن آثار جينية لأمراض أخرى ذات تاريخ طويل في البشرية. تم العثور على آثار بكتيريا مرض الدفتيريا في عينات تعود إلى 11 ألف عام، مما يجعله واحدًا من أقدم الأمراض البكتيرية المكتشفة بهذا الشكل. كما رصد الباحثون أدلة على وجود فيروس التهاب الكبد الوبائي (ب) قبل 9800 عام، وبكتيريا الملاريا قبل 4200 عام، مما يسلط الضوء على استمرارية هذه الأمراض عبر الأجيال.
الأمراض الحيوانية المنشأ وتطورها
أظهرت النتائج تفاصيل مهمة حول الأمراض الحيوانية المنشأ، وهي تلك الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر. تشير البيانات إلى أن أول الأدلة على ظهور هذه الأمراض تعود إلى حوالي 6500 عام. بدأت هذه الأمراض بالانتشار على نطاق واسع في المجتمعات البشرية بعد ذلك بنحو 1500 عام، مما يشير إلى فترة زمنية لتكيف الفيروسات والبكتيريا مع المضيف البشري.
يُعتقد أن انتشار الأمراض الحيوانية المنشأ ارتبط بشكل وثيق بالتغيرات في نمط حياة البشر، مثل التحول إلى الزراعة وتدجين الحيوانات، مما زاد من الاتصال بين البشر والحيوانات. تقدم هذه الدراسة فهمًا أعمق لكيفية تطور هذه الأمراض وانتشارها، وكيف أثرت على مسار الحضارة البشرية عبر العصور.