تعيش أوروبا أوقاتًا عصيبة، حيث تتصاعد تحديات غير مسبوقة جراء موجات الحر الشديدة ونقص العمالة. تسببت درجات الحرارة القياسية في وفاة أكثر من 2300 شخص بإسبانيا وفرنسا، بينما تشهد المطارات فوضى عارمة وتأخيرات ضخمة بسبب الإضرابات ونقص الموظفين، مما يعرقل موسم العطلات الصيفية.
أوروبا تواجه تحديات مناخية وإنسانية
تتعرض أوروبا لموجات حر غير مسبوقة تؤثر بشكل كبير على حياة سكان القارة. فقد شهدت إسبانيا وفرنسا وحدهما وفاة أكثر من 2300 شخص جراء الحرارة الشديدة، حيث تجاوزت درجات الحرارة في معظم الدول الأوروبية حاجز الأربعين درجة مئوية، مما يبرز حجم الأزمة المناخية التي تواجهها المنطقة.
بالإضافة إلى الخسائر البشرية، تزامنت هذه الموجات الحارة مع اندلاع حرائق كبرى في فرنسا، أدت إلى دمار بيئي واسع النطاق. غذت هذه الحرائق الجفاف الشديد والحرارة المرتفعة، ما دمر آلاف الهكتارات من الغابات وأجبر آلاف الأشخاص على إخلاء منازلهم في المناطق المتضررة.
تشير هذه الظواهر المناخية القاسية، بالإضافة إلى بيانات برنامج كوبرينكس التي أظهرت أن يونيو 2025 كان الأكثر حرارة عالميًا، إلى اتجاه متزايد في ظاهرة الاحتباس الحراري. هذا يؤكد الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات فورية وفعالة لمكافحة تغير المناخ وحماية المجتمعات والبنية التحتية الأكثر عرضة للخطر.
فوضى عارمة في مطارات أوروبا
تشهد المطارات الأوروبية، خاصة في إسبانيا وفرنسا، فوضى كبيرة وتأخيرات ضخمة في حركة الطيران. هذا الوضع يعود بشكل رئيسي إلى نقص العمالة والإضرابات العمالية، مما يعطل السفر ويسبب توترًا بين المسافرين خلال موسم العطلات الصيفية المزدحم.
في مطار أدولفو سواريز مدريد، عاش المسافرون لحظات من الفوضى الشديدة مع طوابير طويلة وإلغاء العديد من الرحلات. تسببت مشاكل في تطبيقات الشرطة الوطنية، المستخدمة لمراقبة جوازات السفر، في توقف آلية التحكم بالجوازات مؤقتًا، مما أدى إلى تأخيرات كبيرة لساعات طويلة.
ووفقًا للشرطة الإسبانية، تفاقمت المشكلة بسبب نقص عدد العاملين في المطار خلال ساعات الذروة، حيث كان يعمل ثمانية ضباط فقط بينما كانت هناك حاجة ماسة لمزيد من الموظفين. ورغم نفي وزارة الداخلية لهذه التقارير وتأكيدها توفر 16 كابينة تفتيش وأكثر من 30 ضابطًا، إلا أن التأخيرات الواضحة استدعت تدخل الحرس المدني لتهدئة الأجواء.
إضرابات المراقبين الجويين تعصف بفرنسا
في فرنسا، شهدت المطارات الرئيسية في باريس تأثيرات إضراب المراقبين الجويين الذي بدأ يوم الخميس واستمر لمدة يومين. دعت إليه نقابتان للمراقبين الجويين احتجاجًا على نقص عدد العاملين وعدم تحديث المعدات الفنية التي يستخدمونها، مما أدى إلى إلغاء جزء كبير من الرحلات الجوية.
أثر هذا الإضراب بشكل خاص على الرحلات العابرة للأجواء الفرنسية، حيث اضطرت بعض الرحلات إلى تغيير مسارها، ما تسبب في تأخيرات إضافية للمسافرين. في مطارات فرنسية مثل شارل ديجول وأورلي، تم إلغاء ما يصل إلى 25% من الرحلات يوم الخميس، ومن المتوقع تزايد هذه النسبة في الأيام المقبلة.
كما أثر الوضع في مطار نيس، وهو ثالث أكبر مطار في فرنسا، حيث تم إلغاء نصف الرحلات. تأثرت أيضًا مطارات باستيا وكالفا في جزيرة كورسيكا بشدة نتيجة لنقص العاملين بسبب الإضراب المتواصل.
تُظهر هذه الأحداث أن نقص العاملين في القطاع الجوي والإضرابات العمالية قد أصبحت من التحديات الرئيسية التي تواجه مطارات أوروبا في هذه الفترة من العام. يستمر هذا الوضع في تعطيل حركة السفر وتوليد التوتر بين المسافرين والسلطات على حد سواء.