@في خطوة كانت مرتقبة بعناية من اوساط السوق والمحللين، اعلنت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري اليوم الخميس الموافق العاشر من يوليو عام 2025، قرارها الحاسم بالابقاء على اسعار العائد الاساسية دون اي تغيير. هذا القرار يعكس تقييما دقيقا لاحدث التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية، ويؤكد التزام البنك المركزي بمساره الحذر تجاه ضبط معدلات التضخم.
ووفقا للبيان الرسمي الصادر عن البنك، تستقر اسعار العائد الرئيسية على النحو التالي: سعر عائد الايداع لليلة واحدة عند 24 بالمئة، وسعر عائد الاقراض لليلة واحدة عند 25 بالمئة. كما استقر سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 24.50 بالمئة، وسعر الائتمان والخصم عند 24.50 بالمئة ايضا. ياتي هذا التثبيت بعد مراجعة شاملة لجميع المؤشرات الاقتصادية منذ الاجتماع السابق للجنة، مؤكدا نهج البنك القائم على التاني والتوازن.
مؤشرات الاقتصاد العالمي تتطلب الحذر
كشف البيان الصادر عن البنك المركزي المصري عن تراجع ملحوظ في توقعات النمو العالمي منذ مطلع العام. هذه الضغوط ناجمة بشكل رئيس عن استمرار حالة عدم اليقين التي تفرضها سياسات التجارة الدولية، اضافة الى المخاوف المتزايدة من تجدد التوترات الجيوسياسية. ونتيجة لهذه المعطيات، تتبنى البنوك المركزية في كبرى الاقتصادات المتقدمة والنامية سياسات نقدية تتسم بالحذر الشديد، في ظل المخاطر المحيطة بمساري التضخم والنمو الاقتصادي على حد سواء.
واضاف البنك ان اسعار السلع الاساسية شهدت تقلبات كبيرة، لا سيما اسعار النفط التي تاثرت بشكل مباشر بعوامل العرض والطلب العالمي المتوقعة. بينما سجلت السلع الزراعية الاساسية تراجعا طفيفا، مدعومة بعوامل موسمية مواتية، الا ان المخاطر تظل قائمة وبقوة، خصوصا مع استمرار التغيرات المناخية المحتملة والاضطرابات التجارية التي قد تطرا في اي وقت.
الاقتصاد المصري يواصل التعافي رغم التحديات
على الصعيد المحلي، اشارت التقديرات الاولية للربع الثاني من عام 2025 الى استمرار زخم التعافي في النشاط الاقتصادي المصري. فقد سجل الناتج المحلي الاجمالي نموا حقيقيا بلغ 4.8 بالمئة، وهو ما يعد تحسنا ملحوظا مقارنة بـ 2.4 بالمئة خلال الفترة نفسها من عام 2024. ويتوقع البنك المركزي ان يصل الاقتصاد الى طاقته الانتاجية القصوى بحلول نهاية العام المالي 2025-2026، الامر الذي سيسهم في ابقاء الضغوط التضخمية الناتجة عن الطلب تحت السيطرة، مدعوما بالسياسة النقدية المتبعة حاليا.
مسار التضخم في مصر
واكد البنك المركزي ان المعدل السنوي للتضخم العام خلال الربع الثاني من 2025 انخفض ليبلغ 15.3 بالمئة، بعد ان كان 16.5 بالمئة في الربع الاول. هذا التراجع يعزى الى استقرار التضخم الشهري والتشديد النقدي الذي قام به البنك. ففي يونيو 2025، سجل التضخم العام 14.9 بالمئة، والتضخم الاساسي 11.4 بالمئة، فيما شهد المعدل الشهري تراجعا طفيفا بلغ 0.1- بالمئة للتضخم العام و 0.2- بالمئة للتضخم الاساسي. هذا الانخفاض يرتبط بانخفاض اسعار المواد الغذائية واستقرار اسعار السلع غير الغذائية.
ومن المتوقع ان يستقر التضخم السنوي عند مستوياته الحالية خلال النصف الثاني من عام 2025، مع احتمال تراجعه التدريجي خلال عام 2026. هذا السيناريو مرهون باستقرار اسعار السلع غير الغذائية ونجاح اجراءات ضبط المالية العامة.
اهمية التاني في التيسير النقدي
على الرغم من هذه المؤشرات الايجابية، شددت لجنة السياسة النقدية على اهمية التاني في بدء اي دورة للتيسير النقدي. هذا التاني يتيح وقتا كافيا لتقييم تداعيات الاصلاحات الاقتصادية الاخيرة، وعلى راسها تعديلات ضريبة القيمة المضافة. واكدت اللجنة ان تثبيت اسعار الفائدة يعكس حرصها الشديد على استدامة المسار النزولي للتضخم، مع التاكيد على استعدادها لاستخدام جميع الادوات المتاحة لتحقيق المعدل المستهدف للتضخم عند 7 بالمئة بهامش تغير 2 بالمئة في المتوسط، بحلول نهاية الربع الرابع من عام 2026. وستواصل اللجنة متابعة كافة المستجدات الاقتصادية والمالية، وستتخذ قراراتها بناء على تقييم دقيق للمخاطر والتوقعات في كل اجتماع على حدة.