سجل الدولار الأمريكي ارتفاعًا ملحوظًا اليوم الخميس، مدعومًا بتحسن أداء الأسواق الأمريكية وطلب قوي على السندات. في المقابل، انخفض الريال البرازيلي بشكل حاد بعد تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة. وقد أثرت هذه التطورات على شهية المخاطرة في الأسواق العالمية، مع ترقب المستثمرين لمزيد من التحركات الاقتصادية والسياسية.
ارتفاع الدولار الأمريكي: أسباب ودوافع
ارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، بنسبة 0.52% ليصل إلى 97.887 نقطة. جاء هذا الارتفاع بعد تراجعه بنسبة 0.2% يوم أمس الأربعاء، وهو اليوم نفسه الذي لامس فيه أعلى مستوى له منذ الخامس والعشرين من يونيو الماضي عند 97.837 نقطة قبل أن يفقد بعضًا من زخمه.
جاء هذا الارتفاع مدعومًا بطلب قوي على عائدات سندات الخزانة الأمريكية، عقب مزاد ناجح لسندات لأجل عشر سنوات جرى أمس. هذا الإقبال على السندات الأمريكية خفف بشكل كبير من المخاوف المرتبطة بسيناريو “بيع أمريكا” الذي شهد في وقت سابق عمليات بيع مكثفة لسندات الخزانة والدولار وأسهم وول ستريت، ما عزز الثقة في الأصول الأمريكية.
الريال البرازيلي تحت الضغط: تهديدات ترامب الجمركية
في المقابل، تعرض الريال البرازيلي لضغوط بيعية قوية، بعدما هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية عقابية بنسبة 50% على البضائع البرازيلية. أدت هذه التهديدات إلى تراجع العملة البرازيلية بنحو 2.8% لتهبط إلى 5.6047 ريال مقابل الدولار الأمريكي، مسجلة أدنى مستوى لها منذ السادس من يونيو الماضي.
أوضح مايكل فيستر، محلل العملات الأجنبية في «كومرتس بنك»، أن البرازيل تُعد من بين الدول القليلة التي تعاني من عجز تجاري مع الولايات المتحدة، ما يجعلها هدفًا محتملاً للرسوم الجمركية. أضاف فيستر أن هذا الوضع مقلق ليس فقط للريال البرازيلي، بل أيضًا للدولار الأمريكي، إذ لا يمكن التنبؤ بالدولة التي قد تكون الضحية التالية للرسوم، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.
الأسواق تترقب: تأثير التعريفات وتحركات العملات الأخرى
باستثناء البرازيل، فإن الرسائل الأخيرة الصادرة عن البيت الأبيض تضمنت معدلات تعريفات جمركية قريبة من تلك المقترحة مسبقًا في إعلان يوم التحرير مطلع أبريل الماضي. ويستمر التلويح بتمديد هذه الإجراءات لما بعد الموعد النهائي المحدد في الأول من أغسطس، إذا لم تقدم الدول المعنية مقترحات بديلة مقنعة لتسوية النزاعات التجارية.
أوضح فرانشيسكو بيسول، استراتيجي النقد الأجنبي في مجموعة «آي إن جي»، أن الأسواق ما زالت تستوعب المفاجآت الأخيرة المتعلقة بالرسوم الجمركية، لكنها تبقى حذرة بشأن الخطوات المقبلة التي قد يتخذها ترامب. أضاف بيسول أن الإجماع لا يزال قائمًا على أن ترامب قد لا يفرض رسومًا جديدة على الصين، وأن هناك فرصة لإبرام صفقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي، مما يحد من المخاوف الكبرى.
واصل المستثمرون التوجه نحو الأصول ذات المخاطر العالية، مع تراجع المخاوف من سيناريوهات التعريفات الأكثر ضررًا. هذا التفاؤل ساعد أسهم شركة «إنفيديا» على تجاوز قيمة 4 تريليونات دولار لأول مرة، فيما اقتربت العملة المشفرة «بيتكوين» من تسجيل مستويات قياسية تاريخية، ما يعكس تحسن معنويات المخاطر في السوق.
ارتفع سعر البيتكوين بنسبة 0.15% ليصل إلى حوالي 110,945 دولارًا، مقتربًا من ذروته التاريخية التي سجلها خلال الليل عند 111,988.90 دولارًا. علق توني سيكامور، محلل الأسواق في «IG»، في مذكرة للعملاء بأن الرقم القياسي الجديد جاء مدفوعًا بتحسن معنويات المخاطر العامة في الأسواق العالمية.
تراجع اليورو بنسبة 0.47% ليصل إلى 1.167 دولار، بينما انخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 0.4% إلى 1.354 دولار. كما ارتفع الدولار مقابل عملات الملاذ الآمن النموذجية بنسبة 0.3% أمام الين الياباني ليصل إلى 146.735 ين، وصعد بنسبة 0.54% أمام الفرنك السويسري ليبلغ 0.798 فرنك، مما يعكس اتجاهًا عامًا لقوة الدولار.
عززت محاضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأخيرة من التوقعات بخفض محتمل للفائدة في وقت لاحق من هذا العام. رأى معظم صناع السياسات أن الظروف الاقتصادية الحالية قد تتطلب تيسيرًا نقديًا، ما زاد من شهية الأسواق للأصول الخطرة وساهم في تحسن المزاج العام للمستثمرين الذين يبحثون عن عوائد أعلى في بيئة اقتصادية أكثر مرونة.