عاشت العاصمة المصرية القاهرة ارتباكا رقميا واسعا بعد اندلاع حريق هائل داخل سنترال رمسيس التابع للشركة المصرية للاتصالات. ادى هذا الحادث غير المسبوق الى توقف جزئي ومتقطع في خدمات الاتصالات والانترنت في مناطق متفرقة من البلاد، مما اثار تساؤلات ملحة حول مدى جاهزية البنية التحتية المصرية لمواجهة الازمات الطارئة.
جهود استعادة الخدمات وتاكيدات الوزير
على الفور، تحركت الجهات الرسمية للتعامل مع تداعيات الحريق. سارع الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري، الى تفقد موقع الحريق فجر الثلاثاء، في خطوة تهدف الى تقييم الموقف عن كثب والاشراف على جهود استعادة الخدمات. اكد الوزير ان عودة جميع خدمات الاتصالات ستتم بشكل تدريجي خلال اربع وعشرين ساعة، لافتا الى ان كافة الخدمات قد تم نقلها بالفعل الى اكثر من سنترال بديل لتعمل كشبكة احتياطية. هذا الاجراء يهدف الى ضمان استمرارية الخدمة. اوضح طلعت ان مصر لا تعتمد على سنترال رمسيس كمركز وحيد للاتصالات، لكنه اقر بان السنترال سيظل خارج الخدمة لعدة ايام. ومع ذلك، اشار الى ان الخدمات بدات تعود تدريجيا بعد اعادة توجيهها الى مراكز بديلة، بحسب بيان رسمي صادر عن الوزارة. واشار ايضا الى ان معظم الخدمات الحيوية تعمل بشكل طبيعي في اغلب المحافظات، بما في ذلك خدمات الطوارئ مثل النجدة والاسعاف والمطافئ، بالاضافة الى منظومة الخبز والمطارات والموانئ. في الوقت ذاته، اقر بوجود اعطال محدودة في بعض المحافظات، مؤكدا ان العمل جار على اصلاحها بالكامل صباح اليوم.
تحليل الخبراء: هشاشة البنية التحتية
في قراءة معمقة لتداعيات الحادث، يرى خبراء التكنولوجيا ان ما حدث في سنترال رمسيس يعكس خللا بنيويا في تصميم وتشغيل البنية التحتية للاتصالات في البلاد. كشف خبير تكنولوجيا المعلومات محمود فرج، ان الحادث يظهر غيابا واضحا لاسس الحماية الحديثة مثل المرونة Resilience والازدواجية Redundancy، وهي مبادئ اساسية تضمن استمرارية الخدمة في حالات الطوارئ. اوضح فرج ان ما شهده سنترال رمسيس يمثل “نقطة الفشل الواحدة Single Point of Failure”، اي الاعتماد الكلي على مكون رئيسي وحيد، مما يجعل النظام باكمله معرضا للانهيار في حال تعطله. شدد على ان غياب البدائل والانظمة الاحتياطية يؤدي الى هشاشة اي نظام وعرضته للفشل التام. دعا فرج الى ضرورة مراجعة جذرية لتصميم الشبكات، وبناء بنية تحتية تعتمد على التوزيع والتكرار والمرونة، بدلا من الاعتماد المركزي الخطر. مؤكدا ان الكارثة قد تكون المرة القادمة بسبب اعطال تقنية او هجمات سيبرانية.
اسباب الحريق وتصريحات الشركة
توضح تفاصيل الحريق ان مصدره كان داخل احدى صالات الطابق المخصص لاستضافة مشغلي الاتصالات، وفقا لتصريح المهندس محمد نصر، الرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات. اشار نصر الى ان هذا الطابق يضم صالات منفصلة لكل مشغل. واضاف ان قوة النيران كانت سببا في امتدادها الى الادوار الاخرى، رغم وجود انظمة اطفاء ذاتي واجراءات امان متقدمة داخل صالات الاجهزة التابعة للشركة المصرية للاتصالات. من جانبها، اكدت الشركة المصرية للاتصالات في بيان رسمي ان بعض خدماتها تاثرت جزئيا بالحريق، مشددة على ان فرقها الفنية باشرت اعمالها فور السيطرة على النيران لضمان عودة الخدمة في اسرع وقت ممكن.
الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وتعهد بالتعويض
في سياق متصل، قام الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات باصدار بيانات توضيحية حول الجهود المبذولة. اعلن الجهاز انه تم نقل حركة الانترنت الثابت بالكامل الى مركز بديل بسنترال الروضة. كما لفت الى تاثر بعض دوائر الربط التي تربط خدمات الانترنت الثابت والمحمول نتيجة الحريق، وخصوصا لدى شركات المحمول الثلاث الكبرى. اكد الجهاز ان الفرق الفنية من المصرية للاتصالات وشركات المحمول تعمل بشكل متواصل على استبدال الدوائر المتضررة بمسارات بديلة، مع توقع استعادة تلك الدوائر خلال الاربع وعشرين ساعة القادمة. شدد الجهاز على ان جميع خدمات الطوارئ تعمل بكفاءة تامة، وان تاثير الانقطاع اقتصر على مناطق محدودة للغاية بمحيط سنترال رمسيس، مع توفير ارقام بديلة للاتصال في تلك المناطق المتضررة بشكل مؤقت. وفي خطوة تعويضية، اوضح تنظيم الاتصالات انه سيتم تعويض العملاء المتضررين من انقطاع الخدمات، وفقا للوائح التنظيمية المعتمدة، مؤكدا استمراره في متابعة الموقف واصدار بيانات دورية بحسب تطورات الحادث. واختتم الجهاز بيانه بتقديم الاعتذار للمواطنين عن اي انقطاع او تاخير في الخدمات، مؤكدا التزامه الكامل باتخاذ كل ما يلزم لضمان سرعة استعادة الخدمات وتفادي تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة مستقبلا.