دراسة تكشف “الانتشار الواسع” لعلاج الأبناء بأدوية دون وصفة طبية

دراسة تكشف “الانتشار الواسع” لعلاج الأبناء بأدوية دون وصفة طبية

خلصت دراسة علمية ميدانية حديثة إلى وجود انتشار واسع لممارسة العلاج الذاتي، أي استخدام الأدوية دون الحصول على وصفة طبية، لدى الأطفال من قبل والديهم بمناطق مغربية، مبرزة أن هذه الممارسة رائجة أساسا في صفوف الوالدين الذين لا يتعدى تعليمهم المستوى الثانوي والذين يملكون غالبا خبرة سابقة في التعامل مع حالات إصابة أطفال آخرين.

وهمت الدراسة المنشورة ضمن العدد الثالث والثمانين (مارس 2025) من المجلة العلمية المتخصصة “annales pharamceutiques francaises” ، تحت عنوان “العلاج الذاتي للأطفال من قبل الوالدين في المغرب.. دراسة استقصائية (استطلاعية) في منطقة ميدلت”، هذه الأخيرة وكذا منطقة بومية التي تتبع بدورها إقليم ميدلت؛ حيث شملت أكثر من 127 شخصا من والدي (الآباء والأمهات) الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 عاما، ويترددون على الصيدليات.

وكشفت نتائج الدراسة التي استغرق العمل الاستطلاعي فيها ستة أشهر، من فاتح ماي إلى 31 أكتوبر 2022، أن نسبة انتشار العلاج الذاتي بلغت 92,9 في المائة بالمنطقة المدروسة، حيث لجأ معظم الوالدين إلى ذلك عند إصابة أطفالهم بحالات مرضية بسيطة مثل الحمى المؤقتة والتهابات الأنف والحنجرة والآلام الخفيفة.

وبينت هذه النتائج، التي استعرضها كذلك موقع المجلات العلمية المحكمة Science Direct، أن هذا العلاج الذاتي بدأ في حالة المستجوبين في سن مبكرة، تحديدا بين 6 أشهر وسنتين، مُبرزا أن 41,5 في المائة من هؤلاء الوالدين استخدموا “العمر كمعيار لتحديد الجرعة”، بينما قام 49.2 في المائة بتبديل نظام قياس الجرعة بين دواءين، وذلك مقابل استخدام 76.3 في المائة من المستطلعين تركيبات دوائية في العلاج الذاتي.

وبشأن طبيعة الأدوية والعقاقير المستخدمة من قبل المستجوبين بمنطقة ميدلت لعلاج أبنائهم، كشفت الدراسة التي أنجزها أربعة باحثين مغاربة، هم غيثة المكناسي سليم وعلي الشريف الشفشاوني وعمر الحمداوي وياسر العلوي، أن “مسكنات الألم وخافضات (خوافض) الحرارة والمضادات الحيوية كانت الأكثر استخداما في العلاج الذاتي” لدى هؤلاء.

في هذا الصدد، واصل المصدر نفسه أن 42.2 في المائة من الآباء استخدموا دواء الشرب أو المعلق الفموي عند علاج أطفالهم ذاتيا، مفيدا بأن 64 في المائة من المشاركين المستجوبين صرحوا بأن الصيدلي كان هو مصدر معلوماتهم المتعلقة بالأدوية التي استخدموها لعلاج أبنائهم.

جدير بالذكر أن المنطقة المدروسة بها “56 مؤسسة رعاية صحية أولية في المناطق الحضرية و5 في المناطق القروية، بالإضافة إلى مستشفى إقليمي واحد؛ بينما يتكون القطاع الخاص من 25 عيادة طبية و44 صيدلية”، وفق الدراسة ذاتها.

والعلاج الذاتي هو “قيام الشخص باستخدام دواء بمبادرة منه أو بناء على توصية من شخص قريب، بهدف علاج عرض أو حالة يحددها بنفسه دون استشارة أخصائي صحي”، كما أكد المصدر نفسه، الذي أفاد بأنه إجمالا، “يعتبر العلاج الذاتي ممارسة واسعة الانتشار، ولا يزال يشكل تحديا كبيرا للصحة العامة على مستوى العالم”.

واستحضر معدو الدراسة، وفق ” Science Direct”، تراوح مختلف معدلات العلاج الذاتي في مناطق العالم المختلفة بين 38.5 في المائة و92 في المائة”.

وذكرت الدراسة وجود عوامل عديدة تساهم في انتشار العلاج الذاتي بالمغرب؛ ضمنها “محدودية الوصول إلى الخدمات الصحية المهنية بسبب البعد والعزلة الجغرافية التي قد تؤدي إلى لجوء السكان إلى العلاج الذاتي لعلاج المشاكل الصحية الشائعة”، وكذا “التكلفة المرتفعة المرتبطة بالاستشارات الطبية”.

وتطرق المصدر ذاته إلى مزايا للعلاج الذاتي؛ ضمنها “العلاج السريع للأمراض البسيطة (منخفضة الخطورة)، وتوفير وقت الأطباء، والحد من تكاليف الرعاية الصحية التي تتحملها الدولة”، مستدركا بأنه “من جهة أخرى يؤدي استخدامه غير المبرر وغير المناسب إلى زيادة مقاومة مسببات الأمراض، وأخطاء في إدارة الأدوية والآثار الجانبية للأدوية التي قد تتطلب دخول المستشفى”.

كما استعرضت الدراسة ذاتها “مخاطر أخرى (..) مثل التشخيص الخاطئ، واستخدام جرعات زائدة من الأدوية، وإطالة مدة الاستخدام، بالإضافة إلى خطر الإدمان وإساءة الاستخدام”، كاشفة أنه في هذا الصدد “أظهرت الأخطاء الدوائية المرتبطة بالعلاج الذاتي التي تم الإبلاغ عنها بين عامي 2014 و2018 إلى المركز المغربي لمحاربة التسمم، والذي يمثل المركز المرجعي، أن 31.6 في المائة من هذه الأخطاء كانت تتعلق بالأطفال دون سن 15 عاما”.

خريج كلية الإعلام جامعة الإسكندرية عام 2012، متخصص في الصحافة التقنية والترفيهية، شغوف بمتابعة أحدث الابتكارات وقصص الإبداع في عالم التكنولوجيا والفنون.