شهدت مبيعات آيفون في الصين انتعاشًا ملحوظًا بالربع الثاني من عام 2025، محققة زيادة بنسبة 8% بعد تراجع دام سنتين. جاء هذا التحول بفضل استراتيجية تسعير جريئة من آبل شملت خصومات كبيرة وعروض استبدال جذابة قبل مهرجان “618” للتسوق، مما أعاد زخم النمو للسوق الصيني الحيوي.
استراتيجية الخصومات تعيد آيفون للصدارة
واجهت مبيعات آيفون تراجعًا حادًا في السوق الصينية بين عامي 2023 و2024، مع هبوط تجاوز 50% في بعض الأشهر. كانت المنافسة الشرسة من شركات مثل هواوي، فيفو، وشيومي، إضافة إلى التوترات التجارية ونقص الخصومات على الهواتف الأجنبية، عوامل رئيسية وراء هذا التدهور.
في المقابل، نجحت آبل في عكس هذا الاتجاه خلال الربع الثاني من عام 2025 عبر تخطيط استراتيجي محكم. استغلت الشركة فرص التخفيضات الكبيرة قبل مهرجان “618” السنوي الشهير، وعززت كذلك برامج الاستبدال لزيادة جاذبية منتجاتها.
أظهرت بيانات “Counterpoint Research” أن هذه الجهود أدت إلى زيادة المبيعات بنسبة 8% على أساس سنوي بين الأول من أبريل والثاني والعشرين من يونيو. يعد هذا النمو أول ارتفاع تشهده مبيعات آيفون في الصين منذ منتصف عام 2023، مما يمثل نقطة تحول مهمة للعملاق الأمريكي.
شملت الخصومات التي طرحتها آبل قبل مهرجان “618” تخفيضات وصلت إلى 2,530 يوان صيني، أي ما يعادل 351 دولارًا أمريكيًا تقريبًا على هواتف آيفون 16. بالإضافة إلى ذلك، دعمت الشركة برامج الاستبدال لرفع قيمة الأجهزة المستعملة للمستهلكين.
كما استفادت آبل من دعم حكومي وصل إلى 500 يوان صيني لكل هاتف مباع، ورافقت هذه العروض حملات إعلانية مكثفة على منصات التسوق الكبرى مثل JD وTmall. أسهمت هذه العوامل مجتمعة في جذب عدد كبير من المشترين الصينيين.
نتيجة لذلك، ارتفع تدفق الأجهزة الأجنبية إلى السوق الصينية، ومعظمها من آيفون، من 3.50 مليون وحدة في أبريل إلى 3.52 مليون وحدة في مايو. تفوقت هذه الأرقام على مبيعات الشهر نفسه من العام السابق، مؤكدة فعالية هذه الاستراتيجية.
تحدي المنافسة المحلية من هواوي
بالرغم من الانتعاش الأخير في مبيعات آيفون، تواصل هواوي تفوقها وتصدرها في السوق الصينية. ارتفعت مبيعات هواوي بنسبة 12% خلال الربع ذاته، مما يشير إلى قوة حضورها وقدرتها على جذب المستهلكين المحليين.
يعتمد نجاح هواوي على عدة عوامل أساسية، منها ولاء المستهلكين المتزايد للتقنية المحلية ودعم السياسات الصناعية للمقاطعة. كما تعمل الشركة على توسيع نطاق أجهزتها الذكية، خاصة في الفئات الرائدة، لتلبية احتياجات السوق الصينية المتنامية.
توقعات مستقبلية: هل يستمر انتعاش آبل؟
يرتبط انتعاش مبيعات آيفون في الصين ارتباطًا وثيقًا بأداء الشركة في أسواق عالمية أخرى مثل أمريكا، والشرق الأوسط، واليابان. فقد ارتفعت مبيعات آيفون عالميًا بنسبة 15% في أبريل ومايو، بفضل الأداء القوي في كل من السوقين الأمريكي والصيني.
ومع ذلك، قد يكون هذا النجاح وارتفاع مبيعات الأجهزة مؤقتًا وغير مستدام على المدى الطويل. يتوقع الخبراء تخفيض الدعم الحكومي المقدم للهواتف في النصف الثاني من العام، مما قد يؤثر سلبًا على استراتيجية التسعير التنافسية لآبل.
بالإضافة إلى ذلك، تواصل آبل جهودها لتفادي الرسوم الجمركية المحتملة عن طريق نقل جزء من عمليات التصنيع إلى الهند. هذه الخطوات الاستراتيجية تعكس حذر الشركة في مواجهة التغيرات الاقتصادية والسياسية العالمية.
تحقق آبل مكاسب أولية في الصين بعد فترة تراجع استمرت لعامين، لكنها ما تزال تتحرك بحذر شديد. تواجه الشركة منافسة محلية حادة وتغيرات سياحية واقتصادية مستمرة، مما يجعل مسارها المستقبلي غير مؤكد.
تشير التوقعات إلى أن الأسابيع القادمة ستحدد ما إذا كانت هذه العودة لمبيعات آيفون تمثل بداية لاستعادة مستمرة لمكانة آبل في السوق الصينية، أم مجرد استراحة مؤقتة في طريق مليء بالتحديات والتقلبات.