التزام بيئي.. قمر ناسا “تيمبو” يواصل تتبع التلوث كل ساعة من الفضاء حتى عام 2026

أحدثت مهمة “تيمبو” التابعة لوكالة ناسا، والتي أُطلقت عام 2023 لرصد التلوث، ثورة في قدرة العلماء على تتبع جودة الهواء من الفضاء. يوفر القمر الصناعي، الذي يحلق على ارتفاع 22,000 ميل فوق الأرض، بيانات جوية دقيقة كل ساعة فوق أمريكا الشمالية، مما يعزز فهمنا لتغيرات الانبعاثات والملوثات.

يستخدم قمر “تيمبو” مطيافًا متطورًا لجمع بيانات جودة الهواء على مدار اليوم، ويغطي مساحات صغيرة جدًا لا تتجاوز بضعة أميال مربعة. يُعد هذا الإنجاز تطورًا تقنيًا كبيرًا، حيث كانت القراءات السابقة تقتصر على مرة واحدة فقط يوميًا، بينما تقدم “تيمبو” صورًا لحظية لتلوث الهواء.

أظهرت المهمة نجاحًا كبيرًا وجودة بيانات استثنائية، مما أدى إلى تمديدها حتى سبتمبر 2026. كان من المقرر أن تنتهي مرحلتها الأولى في فترة سابقة، لكن الأداء المتميز لـ”تيمبو” أكد أهميتها القصوى في مجال مراقبة البيئة وجودة الهواء على مستوى القارة.

اقرأ أيضًا: وفر أموالك.. واتساب يطلق ميزة الرسائل الجماعية مجانًا لأصحاب الأعمال

مراقبة تلوث الهواء بدقة غير مسبوقة

تتتبع مهمة “تيمبو” الملوثات الرئيسية في طبقة التروبوسفير، وهي الطبقة الأدنى من الغلاف الجوي للأرض. تشمل هذه الملوثات أكاسيد النيتروجين، والفورمالديهايد، والأوزون، والتي تُحفّز بفعل مجموعة متنوعة من المصادر مثل محطات الطاقة، وانبعاثات المركبات، والغبار، والضباب الدخاني، ودخان حرائق الغابات.

تقدم “تيمبو” بيانات جودة الهواء كل ساعة بدلاً من مرة واحدة يوميًا، وهذا التطور يتيح فهمًا أعمق لتغير الانبعاثات مع مرور الوقت. تساعد هذه القدرة على رصد التغيرات في الضباب الدخاني للمدن أو دخان حرائق الغابات، مما يوفر رؤى قيمة للعلماء والباحثين.

تساهم هذه البيانات الواقعية في مساعدة علماء الفلك على فهم تطور تلوث الهواء بتفصيل غير مسبوق، مما يتيح لهم تتبع مسار الملوثات بدقة أكبر. كما تعزز هذه المعلومات قدرة الباحثين على تحليل تأثيرات التلوث على البيئة وصحة الإنسان بشكل مستمر.

اقرأ أيضًا: لغز.. مركبة ناسا “بيرسيفيرانس” تبدأ استكشاف صخرة مريخية “غريبة”

قيمة البيانات وتطبيقاتها الواسعة

تمثل سرعة الحصول على البيانات إنجازًا رئيسيًا لمهمة “تيمبو”، حيث تُصبح معلومات جودة الهواء متاحة في أقل من ثلاث ساعات. يسمح هذا التسريع بإطلاق تنبيهات مبكرة ودقيقة حول جودة الهواء، مما يحسن عملية اتخاذ القرار ويساعد فرق الاستجابة الأولية في حالات الطوارئ.

شهدت بيانات “تيمبو” إقبالًا واسعًا، حيث تجاوزت عمليات التنزيل حاجز البيتابايتَيْن في عام واحد، مع أكثر من 800 مستخدم. يؤكد هذا الحجم الهائل من الاستخدام القيمة العظمى للبيانات المقدمة من المهمة للباحثين في مجال الصحة العامة وخبراء التنبؤ بجودة الهواء.

تعاونت وكالة ناسا في هذه المهمة مع الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) ومرصد سميثسونيان للفيزياء الفلكية. أنتجت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي مخلفات الهباء الجوي، مما ساعد على تمييز الدخان عن الغبار وتحليل تركيزه بدقة فائقة.

موقع تيمبو ضمن الجهود العالمية

تعزز مجموعات البيانات المتكاملة توقعات التلوث وتحسن النماذج المستخدمة في هذا المجال. بالإضافة إلى ذلك، تدعم هذه البيانات التنبيهات العامة التي تُطلق عند بلوغ الانبعاثات ذروتها، مما يوفر معلومات حيوية للجمهور والسلطات المعنية.

تُدار مهمة “تيمبو” بواسطة برنامج “إيرث فنتشر إنسترومنت” التابع لناسا، وهي جزء من مجموعة عالمية أوسع من أجهزة رصد الهواء. تتكامل هذه المهمة مع برامج أخرى مثل برنامج GEMS من كوريا الجنوبية و Sentinel-4 التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، لتشكيل شبكة عالمية لمراقبة جودة الهواء.

تخضع هذه المهمة لعملية مراجعة رسمية مستمرة لتقييم التقدم المحرز فيها. تهدف هذه المراجعات إلى إثراء جهود مراقبة جودة الهواء الفضائية المستقبلية، بالإضافة إلى المساعدة في تحسين الأهداف والاستراتيجيات الخاصة بالمهمات القادمة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *