في ظاهرة غريبة ومضحكة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا، انتشرت الآلاف من الفيديوهات تحت مسميات مثل “قرد أبها” و“قرد الطائف”. هذه المقاطع تظهر قرودًا تتحدث، ترتدي ملابس، تقود سيارات، وتؤدي تصرفات بشرية بطريقة كوميدية للغاية. لكن المفاجأة التي لم يعرفها الكثيرون هي أن أغلب هذه الفيديوهات ليست حقيقية، بل هي نتاج مبهر لأدوات الذكاء الاصطناعي المتطورة.
قرود أبها والطائف: ما هي حقيقة هذه الفيديوهات؟
بدأت القصة بمقاطع حقيقية لقرود البابون البرية في منطقتي الطائف وأبها، وهي تتجول في الشوارع، تتسلق السيارات، وتبحث عن الطعام في النفايات. سرعان ما تحولت هذه المشاهد الطبيعية إلى مادة خصبة للترفيه، خاصة بعد إضافة تعليقات فكاهية ومؤثرات صوتية جذابة، مما جعلها تنتشر بسرعة قياسية على منصات مثل تيك توك وتويتر.
مع ازدياد شعبية هذه المقاطع، بدأ صناع المحتوى في استغلال الذكاء الاصطناعي لإنشاء مشاهد كاملة لقرود تتكلم وتتصرف بأسلوب مضحك ومثير للاهتمام، دون الحاجة لأي تفاعل واقعي مباشر مع الحيوانات.
كيف ساهم الذكاء الاصطناعي في انتشار ظاهرة القرود؟
الفضل يعود لعدد من الأدوات والتقنيات المتقدمة في عالم الذكاء الاصطناعي، أبرزها:
- Runway ML وPika Labs: متخصصان في صناعة فيديوهات خيالية بجودة عالية.
- D-ID: يستخدم لتحريك ملامح الوجوه وجعلها متزامنة مع الصوت، مما يضفي واقعية على كلام القرود.
- تقنيات تحويل النص إلى كلام (TTS): تتيح توليد أصوات بشرية بلهجات محلية مختلفة، وهو ما ساعد في جعل القرود تتحدث باللهجة السعودية.
بفضل هذه الأدوات، تمكن المبدعون من إنتاج مشاهد ساخرة وواقعية لقرود تناقش قضايا يومية مثل ارتفاع أسعار البنزين أو تعلق على نتائج مباريات كرة القدم، كل هذا في دقائق معدودة، ودون الحاجة لأي تصوير بشري مباشر.
تريند قرود أبها والطائف: فرص ربحية غير متوقعة!
لم يقتصر الهدف من هذه الفيديوهات على الترفيه فقط، بل تحول تريند “قرود أبها والطائف” إلى وسيلة حقيقية لتحقيق الأرباح الرقمية. العديد من منشئي المحتوى حصدوا آلاف المشاهدات والأرباح من خلال برامج الشراكة في تيك توك ويوتيوب، مستفيدين من الطبيعة الفكاهية للمحتوى وسهولة وصوله لجمهور واسع.
على سبيل المثال، حقق مقطع فيديو ساخر لقرد يفتح زجاجة ماء ويحاكي صوت إنسان، أكثر من 5 ملايين مشاهدة، ووصلت أرباحه إلى 800 دولار، وفقًا لبيانات مواقع تحليل المحتوى مثل Social Blade.
جانب مظلم للتريند: تحذيرات ومخاطر حقيقية
على الرغم من الجانب الكوميدي لهذه الظاهرة، إلا أن خبراء البيئة وجهوا تحذيرات هامة من التفاعل المبالغ فيه معها. فقد بدأ بعض الأفراد في ملاحقة القرود الحقيقية أو إطعامها بهدف التصوير، مما يهدد التوازن البيئي ويؤثر سلبًا على سلوك هذه الحيوانات البرية.
إضافة إلى ذلك، فإن الاستخدام المفرط وغير المعلن عن طبيعة الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى قد يؤدي إلى التباس لدى الجمهور بين ما هو حقيقي وما هو خيال. وهذا يسهل بدوره نشر معلومات مغلوطة أو صور مركبة يصعب تمييزها، مما يشكل تحديًا كبيرًا في عصر المعلومات الرقمية.