يعتبر العيش الشمسي أيقونة المائدة الصعيدية وجزءًا لا يتجزأ من طقوس الحياة اليومية في قرى محافظات الصعيد المختلفة. فرغم انتشار الأفران الآلية الحديثة، يظل الأهالي متمسكين باستخدام الأفران البلدية المصنوعة من الطين في صناعته، فهي تحتفظ بمكانتها الخاصة داخل البيوت وتُضفي نكهة فريدة لا تُضاهى.
أخبار متعلقة قد تهمك:
- الحاجة «ست أخوات».. محافظ أسوان يُكرم صانعة العيش الشمسي المكافحة (صور)
- العيش الشمسي: خبز صعيدي حاضر دائمًا على المائدة
- بخطوات بسيطة.. طريقة تحضير العيش السوري في المنزل (تفاصيل)
تبدأ رحلة صناعة العيش الشمسي من ساعات المساء، حيث تقوم السيدات بـتجهيز الخميرة عبر خلطها بالماء والدقيق، ثم تُترك لتتخمر طوال الليل. ومع إشراقة الفجر الأولى، يبدأ العمل الجاد بـإعداد العجين وتشكيله تمهيدًا لتسويته في الفرن البلدي.
خطوات عمل العيش الشمسي: تفاصيل من قلب الصعيد
تُفصل السيدة غايات نجيب، إحدى صانعات هذا الخبز العريق، خطوات عمل العيش الشمسي قائلة: «نبدأ في تجهيز الخميرة من الليل، ونتركها تتخمر. ثم، مع حلول الساعة الخامسة صباحًا، نبدأ عملية العجن. بعد أن يهدأ العجين قليلًا، نقطعه إلى كرات صغيرة ونفرده على ما يُعرف بـالمقارص (الأطباق الخشبية)، ونتركه يتشمس تحت أشعة الشمس حتى تجف الطبقة العلوية. بعدها نقلبه ونشقه بإبرة خشبية خاصة ليكون جاهزًا لدخول الفرن.»
تجهيز الفرن البلدي.. سر النكهة الأصيلة
تستكمل غايات أنهن بعد إعداد العجين وتقطيعه، تبدأ مرحلة تجهيز الفرن البلدي. يتم إشعال الفرن باستخدام الأوراق والأخشاب والمخلفات الزراعية، ويُترك حتى يصل إلى درجة الحرارة المثالية. ثم يُمسح بقماشة مبللة لمنع العيش من الالتصاق أثناء التسوية. وتُضيف غايات مؤكدة: «طعم العيش الشمسي الذي يخرج من الفرن البلدي لا يمكن مقارنته بخبز الأفران الحديثة. فله نكهة فريدة ورائحة مميزة وحلوة لا تُنسى.»
الخبز البلدي: إرث يتوارثه الأجيال وعمل جماعي
تُشير غايات إلى أن تعلم صناعة الخبز يبدأ منذ الصغر، حيث تتوارثه الأمهات والعمات للأجيال اللاحقة. وتُوضح: «العملية ليست سهلة، لكنها تتحول إلى روتين يومي مع التعود. وتشارك جميع سيدات المنزل في هذه المهمة، حيث نبدأ في الصبيحة الباكرة وننتهي تقريبًا في وقت الظهيرة.» يُعد هذا دليلاً على روح العمل الجماعي التي تميز بيوت الصعيد.
على الرغم من التطورات الحياتية ودخول الأفران الحديثة إلى العديد من البيوت، يظل الفرن البلدي حاضرًا بقوة في قرى الصعيد. فهو ليس مجرد وسيلة لطهي الخبز، بل يتجاوز ذلك ليصبح رمزًا للهوية الريفية، وعنوانًا للبساطة، والكرم، وروح العمل الجماعي المتجذرة داخل الأسرة الصعيدية.