الحليب الملوث ليس مجرد اضطراب هضمي.. 14 مرضاً خطيراً قد ينقلها إلى أسرتك
الأمراض التي تنتقل عن طريق الحليب الخام تشكل تهديدًا مباشرًا وصامتًا للصحة العامة، وهو ما أكده معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية في تحذير رسمي من مخاطر تداول واستهلاك الألبان مجهولة المصدر أو التي لم تخضع للمعاملة الحرارية الكافية، حيث أشار المعهد إلى أن الحليب غير المعالج قد يكون وسيطًا لنقل ما يزيد عن 14 مرضًا خطيرًا للإنسان.
إن الحليب بطبيعته الغنية بالعناصر الغذائية الكاملة يمثل بيئة مثالية لنمو وتكاثر أعداد هائلة من الميكروبات، بما في ذلك البكتيريا والفطريات والفيروسات، ما يجعل التعامل غير الآمن معه أو شرائه من باعة غير خاضعين للرقابة الصحية مغامرة محفوفة بالمخاطر؛ إذ تزيد هذه الممارسات من احتمالية تلوث الحليب وانتشار العدوى بشكل كبير، وهو ما يسلط الضوء على خطورة استهلاك هذا المنتج الحيوي دون التأكد من سلامته، وبالتالي ضرورة فهم طبيعة الأمراض التي تنتقل عن طريق الحليب الخام لتجنبها.
ما هي أبرز الأمراض التي تنتقل عن طريق الحليب الخام؟
أوضحت الدراسة الصادرة عن المعهد أن قائمة المخاطر الصحية طويلة ومتشعبة، حيث تنقسم الأمراض التي تنتقل عن طريق الحليب الخام إلى فئات متعددة تشمل العدوى البكتيرية، الفيروسية، الفطرية، والريكتسية، والأخطر من ذلك أن بعضها مشترك يمكن أن ينتقل من الحيوان إلى الإنسان مباشرة، بينما البعض الآخر ينتقل بين البشر عبر وسيط ملوث مثل الحليب، وهذا التنوع يجعل السيطرة عليها أكثر تعقيدًا ويتطلب وعيًا صحيًا عاليًا من المستهلكين والمنتجين على حد سواء.
لتقديم صورة أوضح حول هذه المخاطر، يمكن تصنيف هذه الأمراض بناءً على طبيعة انتقالها كما هو موضح في الجدول التالي، والذي يبرز التهديدات المشتركة والبشرية المرتبطة باستهلاك الألبان غير الآمنة.
| أمراض مشتركة بين الإنسان والحيوان | أمراض تنتقل بين البشر فقط |
|---|---|
| السل البقري، البروسيلا (الحمى المالطية)، السالمونيلا، الحمى الفحمية، الحمى القلاعية، الليستيريا. | التيفود، الكوليرا، الدفتريا، الحمى القرمزية، الدوسنتاريا الباسيلية. |
ويُعد مرض السل، الذي تسببه بكتيريا Mycobacterium tuberculosis، من أخطر الأمراض التي تنتقل عن طريق الحليب الخام عند شربه من حيوانات مصابة، كما تمثل البروسيلا، المعروفة أيضًا بالحمى المالطية أو الإجهاض المعدي، تهديدًا كبيرًا آخر يصيب الإنسان والحيوان معًا، مسببًا أعراضًا منهكة مثل الحمى المتموجة وآلام المفاصل الشديدة وضعف المناعة، وغالبًا ما يكون مصدر العدوى هو حليب الماعز والأغنام غير المبستر.
مخاطر التسمم الغذائي وارتباطها بالأمراض التي تنتقل عن طريق الحليب الخام
لا تتوقف المخاطر عند هذا الحد، بل تمتد لتشمل حالات التسمم الغذائي الحادة، ومنها التسمم الغذائي بالنقانق (البوتيوليزم) الناتج عن بكتيريا Clostridium botulinum، وداء الليستيريا الذي قد يتسبب في مضاعفات خطيرة مثل التهاب الدماغ والسحايا، ويشكل خطرًا قاتلًا على الأجنة حيث قد يؤدي إلى الإجهاض لدى النساء الحوامل، وهذه الحالات تؤكد أن الأمراض التي تنتقل عن طريق الحليب الخام قد تكون لها عواقب وخيمة تتجاوز الاضطرابات المعوية البسيطة، كما أن عدوى التيفود والسالمونيلا تؤدي إلى التهابات معوية حادة مصحوبة بإسهال وقيء متكرر، بينما تتسبب الكوليرا في جفاف شديد قد يهدد الحياة نتيجة الفقدان السريع لسوائل الجسم.
إضافة إلى ذلك، يمكن لبعض الأمراض الفيروسية أن تجد طريقها إلى الإنسان عبر الحليب الملوث، مثل الحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع، خاصة بين الأطفال الذين يعتبرون أكثر الفئات ضعفًا أمام هذه العدوى، ولا يمكن إغفال العدوى الفطرية مثل “المبيضات” و”المكورات الخفية” التي قد تؤدي إلى التهابات مزمنة في الفم والجهاز الهضمي؛ وصولًا إلى الأمراض الطفيلية مثل الجيارديا والأميبا التي تسبب اضطرابات معوية حادة وسوء امتصاص للعناصر الغذائية الأساسية، مما يوضح حجم التهديد الذي تشكله الأمراض التي تنتقل عن طريق الحليب الخام.
كيفية الوقاية من الأمراض التي تنتقل عن طريق الحليب الخام
لحسن الحظ، يمكن تجنب كل هذه المخاطر الصحية باتباع إجراءات بسيطة وفعالة، حيث أكد الخبراء أن البسترة والمعاملة الحرارية الكاملة للألبان هي خط الدفاع الأول والأكثر نجاحًا في القضاء على معظم مسببات الأمراض، مما يجعل الحليب المعالج آمنًا تمامًا للاستهلاك، ولتحقيق أقصى درجات الحماية، يجب على المواطنين تبني عادات شرائية واستهلاكية سليمة تحميهم من الأمراض التي تنتقل عن طريق الحليب الخام.
لضمان سلامتك وسلامة أسرتك، يُنصح بشدة الالتزام بالإرشادات التالية:
- تجنب شراء الحليب السائب أو غير المعبأ تمامًا، خاصة من المصادر مجهولة الهوية وغير الخاضعة للرقابة.
- الحرص دائمًا على فحص سلامة العبوات والتأكد من عدم وجود أي تلف أو انتفاخ بها.
- التحقق من تاريخي الإنتاج والانتهاء المدونين على العبوة قبل الشراء.
- الالتزام بتعليمات الحفظ والتخزين في درجات حرارة مناسبة كما هو موصى به من الشركة المصنعة.
من الضروري أيضًا تشديد إجراءات الرقابة الصحية على جميع العاملين في مراحل إنتاج وتداول الألبان، مع تكثيف حملات التوعية الموجهة للمزارعين والمستهلكين حول خطورة تناول الحليب الخام دون غليه جيدًا أو بسترته، لأن تجاهل هذه المخاطر يمثل تهديدًا مباشرًا لصحة الفرد والمجتمع بأكمله.
إن تعزيز ثقافة الغذاء الآمن يمثل جزءًا لا يتجزأ من الجهود الوطنية لحماية الصحة العامة والوقاية من تفشي الأمراض الوبائية، فالألبان المعالجة حراريًا لا تفقد قيمتها الغذائية بل توفر الحماية اللازمة التي تضمن الاستفادة من فوائدها الصحية دون التعرض لأي من المخاطر المرتبطة باستهلاكها في صورتها الخام.
