خطأ شائع يهدد صحة فم الرضيع حتى قبل ظهور أسنانه الأولى.
العناية بصحة الفم عند الأطفال حديثي الولادة ليست رفاهية بل ضرورة قصوى تضع حجر الأساس لصحة الفم مدى الحياة؛ فخلال هذه المرحلة المبكرة تتشكل “الذاكرة الفموية” للطفل التي تربط الفم بوظائف حيوية مثل الأكل والتنفس والكلام، وأي تقصير قد يؤدي إلى مضاعفات مستقبلية مثل الالتهابات المتكررة أو التسوس المبكر الذي يصيب الأسنان اللبنية ويؤثر على نمو الأسنان الدائمة.
لماذا يجب بدء العناية بصحة الفم عند الأطفال حديثي الولادة مبكراً؟
البدء المبكر في روتين النظافة الفموية يمثل خط الدفاع الأول ضد المشاكل الصحية، فالخبراء يؤكدون أن البكتيريا لا تنتظر ظهور الأسنان الأولى لتبدأ نشاطها الضار؛ بل إن اللثة نفسها تكون بيئة خصبة لتكاثرها، خاصة مع بقايا الحليب الناتجة عن الرضاعة الليلية المستمرة، وتوصي جمعيات طب الأسنان العالمية، مثل الجمعية الأمريكية والبريطانية، بضرورة مسح فم الرضيع بقطعة قماش معقمة ومبللة بالماء منذ الأيام الأولى، فهذا الإجراء البسيط يضمن الحفاظ على بيئة فموية متوازنة ويجهز اللثة لاستقبال الأسنان الجديدة بشكل صحي ودون ألم أو تورم شديد، مما يجعل العناية بصحة الفم عند الأطفال حديثي الولادة استثماراً طويل الأمد.
مخاطر إهمال صحة فم الرضيع وعلاقته بالتسوس المبكر
إهمال النظافة الفموية في السنة الأولى من عمر الطفل له عواقب وخيمة تتجاوز مجرد رائحة الفم؛ فقد كشفت دراسات منشورة في مجلة طب أسنان الأطفال المرموقة (Journal of Pediatric Dentistry) أن الأطفال الذين لا يتلقون عناية فموية منتظمة هم أكثر عرضة بنسبة 40% للإصابة بتسوس الأسنان اللبنية، وهذه المشكلة لا تتوقف عند حدود الألم؛ بل إن الالتهابات المبكرة قد تؤثر سلباً على قدرة الطفل على النطق السليم وتناول الطعام بشكل مريح لاحقاً، وبالتالي فإن تجاهل العناية بصحة الفم عند الأطفال حديثي الولادة يفتح الباب لمشكلات صحية ونمائية متراكمة.
خطوات عملية لتطبيق العناية بصحة الفم عند الأطفال حديثي الولادة
إن تطبيق روتين فعال للعناية بفم رضيعك لا يتطلب مجهوداً كبيراً، بل يعتمد على الانتظام والالتزام بخطوات بسيطة وواضحة تضمن أفضل النتائج، وهذا الروتين هو أساس ترسيخ عادات صحية سليمة، ومن أهم هذه الخطوات ما يلي:
- تنظيف اللثة بانتظام: بعد كل رضعة، استخدمي قطعة شاش أو قماش نظيفة مبللة بالماء الفاتر لمسح لثة الطفل ولسانه وباطن الخدين بلطف لإزالة أي بقايا حليب.
- استخدام الفرشاة الأولى: بمجرد ظهور أول سن، ابدئي باستخدام فرشاة أسنان مخصصة للرضع ذات شعيرات فائقة النعومة مع كمية ضئيلة جداً من معجون الأسنان بحجم حبة الأرز.
- تجنب مشاركة الأدوات: لا تشاركي طفلك أدوات الطعام الخاصة بك كالملاعق أو الأكواب، لأن ذلك قد ينقل البكتيريا المسببة للتسوس من فمك إلى فمه بسهولة.
- الزيارة الأولى لطبيب الأسنان: من الضروري تحديد موعد أول زيارة لطبيب الأسنان عند بلوغ الطفل عامه الأول أو خلال ستة أشهر من بزوغ أول سن له.
ولحماية الطفل من التسوس المبكر بشكل فعال، توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال باتباع إجراءات وقائية محددة، والتي يمكن تلخيصها في الجدول التالي.
| الإجراء الوقائي | التأثير المباشر على صحة الفم |
|---|---|
| تجنب المشروبات المحلاة | يقلل من السكريات التي تتغذى عليها البكتيريا الضارة |
| عدم ترك زجاجة الحليب بفم الطفل أثناء النوم | يمنع ما يعرف بـ “تسوس الرضّاعة” الذي يدمر الأسنان |
| عدم تقبيل الطفل من الفم | يحد من انتقال البكتيريا المسببة للتسوس من الأهل للطفل |
إن العناية بصحة الفم عند الأطفال حديثي الولادة تمتد لتشمل جوانب نفسية وعصبية هامة؛ حيث يوضح الدكتور “عادل سلطان”، استشاري الطب النفسي والعصبي، أن التهابات الفم المتكررة تحفز الجهاز المناعي بشكل مستمر، مما يزيد من إفراز مواد التهابية قد تؤثر على مزاج الطفل ونومه، كما أن تعويد الطفل على روتين يومي للنظافة يعزز لديه الشعور بالراحة والنظام منذ الصغر، مما يساهم في استقراره العصبي، ويلعب الأهل هنا دور القدوة، فالطفل يتعلم بالمشاهدة والتكرار أكثر من التلقين، وعندما يرى والديه يهتمان بنظافة أسنانهما بانتظام، فإنه يربط هذا السلوك بالشعور بالانتعاش والراحة.
الهدف الأساسي من العناية بصحة الفم عند الأطفال حديثي الولادة هو بناء علاقة إيجابية ومريحة مع النظافة، فالأمر لا يحتاج إلى أدوات معقدة أو إجراءات صارمة، بل يتطلب فقط الالتزام بخطوات لطيفة ومنتظمة تجعل التجربة محببة للطفل، بحيث يرتبط تنظيف الفم لديه بالراحة وليس بالإجبار أو الإزعاج.
