62 مليار ريال.. فاتورة سنوية يدفعها الاقتصاد السعودي بسبب فجوات المسارات المهنية.
تكشف الدراسات الحديثة أن تكلفة فجوة المهارات في السعودية تصل إلى أرقام ضخمة، حيث تفرض تحديات اقتصادية كبيرة على المملكة بسبب الخسائر في الدخل المحتمل للمواطنين، وهو ما يستدعي تحركًا استراتيجيًا لمعالجة هذه القضية التي تؤثر بشكل مباشر على القوى العاملة الشابة، خصوصًا في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها سوق العمل المحلي والعالمي.
أظهر تقرير حديث أجرته شركة بيرسون العالمية، المتخصصة في التعلم مدى الحياة، أن الفجوات بين المراحل التعليمية والانتقال إلى الوظائف تكلف اقتصاد المملكة ما يقارب 63 مليار ريال سعودي سنويًا كدخل ضائع للمواطنين وحدهم، وعندما يتم تضمين العمالة غير السعودية في هذا التقدير، فإن الرقم يقفز بشكل هائل ليصل إلى 196 مليار ريال، أي ما يعادل 4.2% من إجمالي الناتج المحلي، ويعكس هذا الرقم بوضوح حجم الأثر الاقتصادي والاجتماعي الذي يسببه عدم التوافق بين مهارات القوى العاملة ومتطلبات السوق الفعلية.
ما هي تكلفة فجوة المهارات في السعودية وأثرها الاقتصادي؟
إن الأثر العميق لهذه الفجوة لا يقتصر على الأرقام المالية فحسب، بل يمتد ليشمل الأفراد والمجتمع ككل، حيث يواجه خريجو المدارس الثانوية والجامعات فترة انتظار طويلة قبل الحصول على فرصة عمل، تصل في المتوسط إلى 40 أسبوعًا، مما يشير إلى وجود عدم تطابق مستمر بين ما يتعلمونه وما يحتاجه أصحاب العمل، كما أن الوضع يبدو أكثر تعقيدًا عند الانتقال الإلزامي بين الوظائف، حيث يقضي الموظفون السعوديون ما متوسطه 11.3 شهرًا دون عمل، بينما يظل حوالي 40% منهم عاطلين عن العمل لأكثر من عام، مما يزيد من حجم الضغوط المالية والاجتماعية ويعمق من أثر تكلفة فجوة المهارات في السعودية.
| المؤشر الاقتصادي | القيمة أو الإحصائية |
|---|---|
| الخسارة السنوية في دخل المواطنين | 63 مليار ريال سعودي |
| نسبة الوظائف المعرضة لخطر الأتمتة | 23% من إجمالي الوظائف |
| متوسط فترة البحث عن عمل للخريجين | 40 أسبوعًا |
| متوسط فترة البطالة عند تغيير الوظيفة | 11.3 شهرًا |
| نسبة الشباب العاطلين لأكثر من عام | 40% تقريبًا |
كيف تؤثر الأتمتة على تكلفة فجوة المهارات في السعودية؟
تُعد اضطرابات الأتمتة والذكاء الاصطناعي أحد أكبر العوامل التي تساهم في زيادة هذه الخسائر، حيث تمثل ما يقارب نصف إجمالي التكاليف المرتبطة بالفجوة، وتشير التقديرات إلى أن 23% من الوظائف في المملكة معرضة لمخاطر عالية بسبب التقنيات الحديثة، إلا أن الفرصة تكمن في الاستجابة السريعة لهذه التحولات؛ فمجرد تقليل وقت إعادة تأهيل العمال المتأثرين بهذه التغيرات بنسبة 20% فقط يمكن أن يضيف 6.3 مليار ريال إلى الدخل السنوي، وهو ما يوضح أن الاستثمار في تطوير المهارات الرقمية والتكيف مع المتغيرات الجديدة ليس مجرد ضرورة، بل هو استثمار مباشر يقلل من تكلفة فجوة المهارات في السعودية ويحقق عوائد اقتصادية ملموسة.
حلول مبتكرة لمعالجة تكلفة فجوة المهارات في السعودية
لمواجهة هذا التحدي بما يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030، حدد التقرير خمسة مجالات رئيسية يمكن من خلالها تعزيز التعاون بين الحكومات والمؤسسات التعليمية وأصحاب العمل لبناء قوة عاملة أكثر مرونة واستجابة للمستقبل، وتعتبر هذه التوصيات خريطة طريق عملية لتقليص الخسائر الاقتصادية وتحويل التحديات إلى فرص حقيقية للنمو، وهي تركز بشكل أساسي على سد الفجوة بين عالمي التعلم والعمل، مما يساهم في تخفيض تكلفة فجوة المهارات في السعودية بشكل فعال.
- دعم المعلمين وأصحاب العمل لتشخيص المهارات المطلوبة بدقة وتحديد الأدوار ذات الأولوية لتطوير كفاءات مستهدفة.
- تقليص فترات الانتقال المهني عبر توسيع برامج التدريب الداخلي والمهني التي تسرّع من اكتساب الخبرة العملية.
- تكييف المناهج الدراسية وبرامج التدريب لتعكس متطلبات السوق الفعلية والتقنيات المتطورة بشكل مستمر.
- توسيع فرص اكتساب الخبرات العملية من خلال الشراكات الفاعلة بين المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص.
- الاستثمار في منصات بيانات سوق العمل لتحسين التوافق بين المهارات المتاحة والوظائف المطلوبة.
إن التعامل مع تكلفة فجوة المهارات في السعودية يتطلب تحولًا جذريًا يرتكز على محورين أساسيين؛ الأول هو تصميم مسارات مهنية حديثة لتأهيل القوى العاملة، والثاني هو ترسيخ مفهوم “تعلم كيف تتعلم” ليصبح كفاءة أساسية، وهذا النهج المزدوج سيبني قوة عاملة قادرة على التكيف مع المستقبل.
