الساعة البيولوجية لقلبك.. النوم بعد الـ11 مساءً يخل بتوازنه ويرفع مخاطر الإصابة.

إن مخاطر السهر لساعات طويلة على الصحة أصبحت حقيقة علمية مثبتة، حيث كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة “فرونتيرز” أن النوم بعد الساعة الحادية عشرة مساءً يرفع من احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية بنسبة تتجاوز 60% مقارنة بمن ينامون مبكرًا، وهذا الرقم المثير للقلق يسلط الضوء على الأضرار العميقة التي يسببها إهمال ساعة الجسم البيولوجية لصحة الإنسان بشكل عام.

ما هي مخاطر السهر لساعات طويلة على الصحة العقلية والمزاج؟

يُعد تأثير السهر على الدماغ من أبرز مخاطر السهر لساعات طويلة على الصحة التي تظهر بشكل سريع، فالنوم ليس مجرد فترة راحة بل هو عملية حيوية يقوم خلالها الدماغ بإصلاح خلاياه والتخلص من السموم المتراكمة الناتجة عن النشاط اليومي؛ وعندما نحرم الجسم من هذه العملية، يبدأ الأداء الذهني في التراجع بشكل ملحوظ، إذ يعاني الشخص من قلة التركيز وضعف حاد في الذاكرة قصيرة وطويلة المدى، كما أن السهر المستمر يحفز الجسم على إفراز كميات أكبر من هرمون التوتر المعروف بالكورتيزول، مما يؤدي إلى تقلبات مزاجية حادة وشعور دائم بالقلق والعصبية غير المبررة، وتؤكد الأبحاث العلمية أن القدرة على اتخاذ قرارات سليمة والتفكير الإبداعي تتأثر سلبًا بنقص النوم، مما يجعل الشخص أقل إنتاجية وأكثر عرضة لارتكاب الأخطاء في حياته اليومية والمهنية.

كيف تتجلى مخاطر السهر لساعات طويلة على الصحة القلبية والهرمونية؟

تمتد مخاطر السهر لساعات طويلة على الصحة لتشمل القلب والدورة الدموية بشكل مباشر، حيث يؤدي اضطراب النوم إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة احتمالية حدوث عدم انتظام في ضربات القلب، مما يضع عبئًا إضافيًا على عضلة القلب، كما أن السهر المزمن يساهم في زيادة مستويات الالتهاب في الأوعية الدموية ويرفع من لزوجة الدم، الأمر الذي يزيد من خطر تكون الجلطات الدموية الخطيرة، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل يؤثر السهر سلبًا على توازن الكولسترول في الجسم، حيث يرتفع مستوى الكولسترول الضار (LDL) بينما ينخفض مستوى الكولسترول النافع (HDL)، وهذه التغيرات مجتمعة تمثل تهديدًا جديًا للصحة القلبية على المدى الطويل.

على صعيد آخر، فإن مخاطر السهر لساعات طويلة على الصحة تؤثر بشكل كبير على النظام الهرموني، مما يؤدي إلى زيادة الوزن غير المرغوب فيها، والسبب في ذلك هو أن قلة النوم تزيد من إفراز هرمون الجريلين المسؤول عن الشعور بالجوع، وفي المقابل تقلل من إفراز هرمون الليبتين الذي يمنح الإحساس بالشبع، وهذا الخلل يدفع الشخص لتناول كميات أكبر من الطعام، خاصة الأطعمة غير الصحية، بالإضافة إلى ذلك، يتسبب السهر في اضطراب الهرمونات الجنسية، مما يؤثر سلبًا على الخصوبة لدى كل من الرجال والنساء، كما أن الجسم يفقد قدرته تدريجيًا على استخدام الإنسولين بكفاءة، مما يرفع خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

نصائح عملية لتجنب مخاطر السهر لساعات طويلة على الصحة العامة

إن إدراك مخاطر السهر لساعات طويلة على الصحة هو الخطوة الأولى نحو حماية الجسم، حيث يتأثر جهاز المناعة بشكل كبير بهذه العادة السيئة، فأثناء النوم العميق، يعمل الجهاز المناعي بكفاءة لترميم الخلايا ومحاربة الالتهابات، والسهر المستمر يضعف هذه القدرة الدفاعية ويجعل الجسم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والأمراض المختلفة، كما أن البشرة هي مرآة الصحة الداخلية، وتأثير السهر يظهر عليها بوضوح من خلال الهالات السوداء وانتفاخ العينين، وشحوب البشرة وفقدانها للنضارة، ويعود ذلك إلى أن إنتاج الكولاجين، البروتين المسؤول عن مرونة وشباب الجلد، يقل بشكل كبير عند الحرمان من النوم الكافي، مما يسرّع من ظهور علامات الشيخوخة المبكرة، ولتجنب هذه الأضرار، يقدم الأطباء مجموعة من التوصيات العملية.

• الالتزام بوقت نوم ثابت يوميًا، ويفضل أن يكون حوالي الساعة العاشرة مساءً لضبط إيقاع الساعة البيولوجية.
• تجنب التعرض لضوء الشاشات الزرقاء المنبعث من الهواتف والأجهزة الإلكترونية قبل ساعة على الأقل من موعد النوم.
• في حال الاضطرار للسهر، يجب الحرص على تعويض ساعات النوم الفائتة في اليوم التالي قدر الإمكان.
• تهيئة بيئة نوم مثالية عبر التأكد من أن الغرفة هادئة ومظلمة وذات درجة حرارة معتدلة للمساعدة على الاسترخاء.
• تناول مشروب دافئ ومهدئ قبل النوم مثل كوب من الحليب الدافئ أو شاي البابونج للمساعدة على تهدئة الجسم.

إن تبني عادات نوم صحية ليس رفاهية بل ضرورة للحفاظ على جودة الحياة والوقاية من العديد من المشكلات الصحية الخطيرة، وتطبيق هذه النصائح البسيطة يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في تجنب مخاطر السهر لساعات طويلة على الصحة، مما يعزز العافية الجسدية والنفسية.