الإسهال بسبب المضادات الحيوية ليس حتميًا.. خطوات بسيطة لحماية بكتيريا الأمعاء.

أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية والمضادات الحيوية قد تكون محيرة للكثيرين، فبينما يُفترض بهذه المستحضرات أن تدعم الصحة أو تعالج العدوى، فإنها قد تُحدث رد فعل عكسي في الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى اضطرابات معوية مفاجئة تهدد توازن السوائل والمعادن بالجسم وتسبب إزعاجًا كبيرًا، وهذا الاختلال يحدث عبر آليات متنوعة تؤثر في امتصاص الماء أو توازن البكتيريا النافعة في الأمعاء.

فيتامينات ومعادن ضمن أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية

يتصدر فيتامين “سي” قائمة العناصر التي قد تنقلب فائدتها إلى ضرر عند تجاوز الجرعات الموصى بها، والتي تبلغ حوالي 2000 ملغ يوميًا للبالغين؛ فعندما يعجز الجسم عن امتصاص الكميات الفائضة، يلجأ إلى طردها عبر الأمعاء، مما يتسبب في حالة تُعرف بالإسهال التناضحي، حيث يتم سحب كميات كبيرة من الماء إلى داخل القناة الهضمية بدلاً من امتصاصها، وهو ما يفسر حدوث هذا العرض الجانبي المزعج الذي يربك وظيفة الجهاز الهضمي الطبيعية بالكامل.

المغنيسيوم والزنك يتبعان المسار نفسه كأحد أبرز أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية والمضادات الحيوية؛ فالمغنيسيوم، رغم أهميته لوظائف الأعصاب والعضلات، قد يؤدي الإفراط في تناوله عبر المكملات أو حتى بعض مضادات الحموضة إلى استرخاء مفرط في عضلات جدار الأمعاء، مما يزيد من تدفق السوائل ويسبب الإسهال، بينما يعمل الزنك على جذب الماء إلى القناة الهضمية عند زيادة تركيزه، محدثًا اضطرابًا هضميًا مشابهًا بالرغم من دوره الحيوي في دعم المناعة وحماية الجسم من العدوى.

كيف تسبب المضادات الحيوية الإسهال واختلال توازن الأمعاء؟

تعمل المضادات الحيوية كسلاح ذي حدين، ففي حين أنها مصممة لاستهداف البكتيريا المسببة للأمراض، فإنها لا تفرق غالبًا بين البكتيريا الضارة والنافعة التي تسكن الأمعاء وتحافظ على توازنها البيئي الدقيق، وهذا الخلل يفتح الباب أمام أنواع أخرى من البكتيريا الانتهازية، مثل المطثية العسيرة (C. difficile)، للنمو والتكاثر، فتفرز سمومًا تؤذي بطانة الأمعاء وتؤدي إلى إسهال حاد قد تصاحبه أعراض أخرى كالحمى وآلام البطن، وتُعد هذه الآلية من أبرز أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية والمضادات الحيوية، خاصة مع أنواع مثل السيفالوسبورينات والبنسيلينات والماكرولايدات التي تزيد من هذا الخطر عند استخدامها لفترات طويلة.

استراتيجيات للوقاية من الإسهال بعد تناول المكملات والمضادات الحيوية

إن التعامل الذكي مع أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية والمضادات الحيوية لا يعني بالضرورة التوقف الفوري عن العلاج، بل يتطلب تعديلًا واعيًا في طريقة التناول؛ فتقسيم الجرعة اليومية إلى جرعتين صغيرتين أو الحرص على تناول المكمل أو الدواء بعد وجبة الطعام يمكن أن يقلل من تهيج المعدة والأمعاء بشكل كبير، وينطبق هذا المبدأ أيضًا على مكملات زيت السمك الغنية بالأوميغا-3، التي قد تعمل كملين طبيعي بسبب طبيعتها الدهنية العالية، مما يجعل الفضلات أكثر ليونة ويسرّع مرورها، لذا فإن تعديل الجرعة قد يخفف من هذه المشكلة التي غالبًا ما تتلاشى مع اعتياد الجسم عليها.

لتحقيق أفضل وقاية وتقليل الأعراض المصاحبة، يمكن اتباع خطوات عملية وفعالة تدعم صحة الجهاز الهضمي أثناء وبعد العلاج.

• دعم البكتيريا النافعة: يُنصح بتناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك مثل الزبادي، أو استخدام مكملات البروبيوتيك المخصصة لاستعادة توازن الميكروبيوم المعوي.
• الترطيب المستمر: شرب كميات وافرة من الماء والسوائل ضروري لتعويض ما يفقده الجسم وتجنب الجفاف، وهو من أخطر مضاعفات الإسهال.
• الألياف القابلة للذوبان: يساعد تناول الأطعمة المحتوية على هذا النوع من الألياف، مثل الشوفان والموز، على تنظيم حركة الأمعاء وإعادة قوام البراز إلى طبيعته.
• تجنب المهيجات: يُفضل الابتعاد عن المُحلّيات الصناعية المعروفة بتأثيرها الملين، والتي قد توجد في بعض المشروبات أو الأطعمة المصنعة.

في جميع الحالات، يبقى التواصل مع الطبيب هو الخطوة الأكثر أمانًا لتحديد أسباب الإسهال بعد تناول المكملات الغذائية والمضادات الحيوية بدقة، خاصة إذا استمرت الأعراض لأكثر من يومين أو ظهرت علامات الجفاف، لضمان الحصول على التشخيص الصحيح وتعديل الخطة العلاجية بما يتناسب مع استجابة الجسم.