مفاجأة إبراهيم الجعفري: ما لا تعرفه عن رئيس وزراء العراق الأسبق
تداولت منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الأخبار مساء الثلاثاء أنباءً واسعة النطاق حول وفاة رئيس الوزراء العراقي الأسبق، إبراهيم الجعفري، في العاصمة البريطانية لندن عن عمر يناهز الثامنة والسبعين عامًا، بعد صراع مع المرض، الأمر الذي أثار موجة من التساؤلات والغموض حول حقيقة الخبر وسيرة السياسي البارز.
إبراهيم الجعفري: سيرة سياسي بارز ومسيرة حافلة
في كربلاء، وُلد إبراهيم عبد الكريم حمزة الأشيقر، المعروف بإبراهيم الجعفري، عام ١٩٤٧م ليلة المولد النبوي الشريف، حيث نشأ في بيت ديني عُرف بالعلم والورع، وتولت والدته تربيته بعد فقدان والده مبكرًا. بدأ تعليمه عام ١٩٥٢، ثم تخرج في كلية الطب بجامعة الموصل، ليعمل طبيبًا عامًا قبل انخراطه في مسار العمل السياسي والدعوي الذي ميز حياته.
بدايات الجعفري السياسية ودوره في حزب الدعوة
في ستينيات القرن الماضي، انضم الجعفري إلى حزب الدعوة الإسلامية عام ١٩٦٦م، متأثرًا بفكر الشهيد محمد باقر الصدر، حيث برز كصوت معتدل يدعو للحوار والوحدة الوطنية. غادر العراق عام ١٩٨٠م إثر ملاحقة الحزب من النظام السابق، متنقلاً بين سوريا وإيران، ثم استقر في لندن عام ١٩٩٠م، ليؤدي دورًا محوريًا ضمن المعارضة العراقية في المنفى.
تفاصيل أنباء وفاة إبراهيم الجعفري في لندن
تداولت حسابات إخبارية عراقية على منصة “إكس” أنباء وفاة إبراهيم الجعفري في أحد مستشفيات لندن، إثر أزمة صحية مفاجئة، مما أثار تساؤلات. لم يصدر مكتبه أي بيان رسمي يؤكد أو ينفي الوفاة، الأمر الذي زاد من الغموض والتكهنات. اكتفى المقربون بالدعاء له بالشفاء، بينما نعت شخصيات سياسية عراقية “الطبيب المفكر”، بانتظار التأكيد الرسمي.
إبراهيم الجعفري: من مهنة الطب إلى رئاسة الحكومة
تميز إبراهيم الجعفري بهدوئه واتزانه الفكري، جامعًا بين مهنة الطب والعمل السياسي، وبعد سقوط النظام السابق عام ٢٠٠٣، عاد للعراق ليصبح قائدًا بارزًا. شغل مناصب مهمة كرئيس مجلس الحكم الانتقالي ونائب رئيس الجمهورية بالحكومة المؤقتة. عام ٢٠٠٥، انتُخب رئيسًا لوزراء العراق، ليكون أول رئيس حكومة بعد سقوط النظام، في فترة تأسيس الدستور وبناء الدولة الحديثة.
إبراهيم الجعفري: وزيرًا للخارجية ومؤسس تيار الإصلاح
أسس إبراهيم الجعفري عام ٢٠٠٨ تيار الإصلاح الوطني، داعيًا للوحدة ونبذ الطائفية، ثم تولى وزارة الخارجية العراقية بحكومة حيدر العبادي عام ٢٠١٤. واجه تحديات صعبة خلال ولايته، مثل الحرب على الإرهاب وإعادة بناء العلاقات الدبلوماسية، حيث تمكن من تعزيز توازن العراق في علاقاته الإقليمية والدولية، خاصة بين إيران والسعودية، ليصبح وجهًا دبلوماسيًا بارزًا.
الحياة الخاصة لإبراهيم الجعفري وإرثه الفكري
تزوج الجعفري عام ١٩٧٤م وأنجب خمسة أبناء، حيث عُرف بحبه لعائلته وهدوئه بعيدًا عن الأضواء، الأمر الذي عكس جانبًا من شخصيته المتوازنة. إلى جانب مسيرته السياسية، ألّف مجموعة من الكتب تناولت قضايا الفكر والسياسة والدين، أبرزها:
- تجربة حكم
- خطاب الدولة
- حزام النار
- المخاض العراقي
- رسائل الأيام
تُظهر مؤلفاته عمق فكره الإصلاحي وقدرته على دمج البعدين الإنساني والسياسي في رؤيته للعراق ومستقبله.
إرث إبراهيم الجعفري السياسي والفكري في العراق
برحيل إبراهيم الجعفري، يفقد العراق أحد رجالاته الذين تركوا بصمة في تاريخه الحديث، سواء في المعارضة أو الحكم. كان يؤمن بأن العراق وطن لجميع أبنائه، وأن الحوار السبيل الوحيد لبناء الدولة، ورغم الجدل الذي أحاط ببعض مراحل مسيرته، فإن أثره في المشهد السياسي والفكري سيبقى جزءًا من ذاكرة الدولة العراقية الحديثة.
يمثل إبراهيم الجعفري، في نظر مراقبين، نموذجًا للسياسي العربي الذي جمع بين الفكر الديني والوعي المدني، حيث شارك بمؤتمرات لتقريب المذاهب ودعم برامج مكافحة التطرف. أسهم في حوارات عربية ضمن جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، مؤكدًا دائمًا أن «العراق قلب الأمة العربية ويجب أن يبقى جسرًا لا ساحة صراع». يعيد رحيل الجعفري التذكير بمرحلة مفصلية من تاريخ العراق الحديث.
