قفزة تاريخية.. أسعار الذهب تدفع الأستراليين للاصطفاف أمام المتاجر في مشهد غير متوقع
شهدت مدينة سيدني الأسترالية إقبالًا تاريخيًا على شراء الذهب، حيث اصطفت طوابير طويلة من المستثمرين أمام المتاجر لشراء المعدن النفيس. يأتي هذا التهافت في ظل ارتفاع الأسعار لمستويات قياسية غير مسبوقة، مما يعكس تزايد المخاوف من حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي والبحث عن ملاذ آمن للحفاظ على قيمة المدخرات.
ارتفاع قياسي في أسعار الذهب يغري المستثمرين
سجل سعر أوقية الذهب ارتفاعًا استثنائيًا مؤخرًا، حيث تجاوزت مكاسبه الإجمالية 50% منذ بداية العام، وهو معدل فاق توقعات المحللين. ووصف فيفيك دار، رئيس قسم السلع في بنك الكومنولث الأسترالي، هذا الارتفاع بالمذهل، مشيرًا إلى أن الطلب العالمي يعكس ثقة متجددة في الذهب كأصل آمن وموثوق. ولم يقتصر الأمر على الذهب، بل امتد ليشمل الفضة التي سجلت أسعارها أيضًا مستويات قياسية جديدة.
مقارنة بين أسعار المعادن الثمينة والعملات المشفرة
استفادت أصول أخرى من تدفقات المستثمرين الباحثين عن وسيلة للتحوط ضد التضخم والاضطرابات الجيوسياسية. ويوضح الجدول التالي الأسعار القياسية التي تم تسجيلها مؤخرًا.
الأصل الاستثماري | السعر المسجل (للأوقية) |
الذهب | تجاوز 4150 دولارًا أمريكيًا |
الفضة | تجاوز 52.50 دولارًا أمريكيًا |
هل الوقت مناسب لشراء الذهب أم أنها فقاعة سعرية؟
يرى كبار المستثمرين مثل راي داليو وكين جريفين أن الذهب قد يكون أكثر أمانًا من الدولار الأمريكي في ظل الظروف الحالية. حتى جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورجان تشيس، صرح بأن الاحتفاظ ببعض الذهب في المحفظة الاستثمارية أمر منطقي الآن، متوقعًا أن يصل السعر إلى 5000 أو حتى 10000 دولار في بيئات معينة. وعلى الجانب الآخر، ينصح المستشار المالي جيمس جيرارد المستثمرين الجدد بالتروي والانتظار حتى تهدأ الأسعار قبل الشراء، مؤكدًا أن الذهب لا يدر أرباحًا دورية مثل الودائع البنكية وأن الأسعار قد تشهد تراجعًا.
أسباب الإقبال الشديد على شراء الذهب
يعود الارتفاع الكبير في الطلب على المعدن الأصفر إلى مجموعة من العوامل المتشابكة التي عززت من مكانته كملاذ آمن.
- التحديات الاقتصادية العالمية وحالة عدم اليقين الجيوسياسي.
- ارتفاع مستويات الدين الحكومي في الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة.
- تزايد الطلب من قبل اقتصادات ناشئة مثل الصين وروسيا لتقليل الاعتماد على الدولار.
- سهولة الاستثمار في الذهب عبر صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة (ETFs).
صناديق الاستثمار المتداولة ودورها في زيادة الطلب
لم يقتصر الطلب على شراء السبائك والعملات الذهبية المادية فقط، بل شهدت صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب إقبالًا ضخمًا. هذه الصناديق تتيح للمستثمرين شراء وبيع الذهب بسهولة تامة كما لو كان سهمًا في البورصة. وقد استقطبت هذه الصناديق في بورصة أستراليا وحدها تدفقات مالية بلغت 307 ملايين دولار في الشهر الماضي، ليصل إجمالي الأصول المدارة في منتجات السبائك الذهبية إلى أكثر من 6 مليارات دولار.
توقعات أسعار الذهب في المستقبل
يتوقع العديد من المحللين استمرار الاتجاه الصعودي لأسعار الذهب. فقد رفع بنك UBS توقعاته طويلة الأجل لسعر الأوقية إلى 3250 دولارًا. وفي خطوة أكثر تفاؤلًا، رفع محللو بنك جولدمان ساكس توقعاتهم لسعر الذهب إلى 4900 دولار للأوقية بحلول نهاية عام 2026، مدفوعًا بالطلب المستمر من البنوك المركزية وصناديق الاستثمار.
أهمية سوق الذهب للاقتصاد الأسترالي
يمثل هذا الارتفاع فرصة اقتصادية هائلة لأستراليا، التي تعد ثالث أكبر منتج للذهب في العالم وتمتلك حوالي 19% من الاحتياطيات العالمية المعروفة. ومن المتوقع أن تتجاوز قيمة صادرات الذهب الأسترالية قيمة صادرات الغاز الطبيعي المسال العام المقبل، ليصبح بذلك ثاني أهم صادرات البلاد بعد خام الحديد، مما يعكس الدور الاستراتيجي الذي يلعبه المعدن النفيس في دعم الاقتصاد الوطني.