من “لا ماسيا” مجددًا؟.. بيدرو فيرنانديز: ميلاد موهبة شابة تثير التساؤلات في برشلونة
حقق برشلونة فوزًا هامًا بنتيجة 2-1 على ريال سوسييداد على ملعب لويس كومبانيس الأولمبي، ليصعد إلى صدارة الدوري الإسباني، لكن هذا الانتصار لم يكن الحدث الأبرز وحده. فقد شهدت المواجهة الظهور الرسمي الأول للاعب بيدرو فيرنانديز، الملقب “درو”، وهو في عمر 17 عامًا فقط، ليضيف اسمه إلى قائمة المواهب الشابة التي يفرزها معقل “لا ماسيا” الشهير. هذه اللحظة شكلت بداية حلم طال انتظاره لجماهير البلوجرانا.
ظهور تاريخي لـ “درو” في الليجا الإسبانية
جاءت اللحظة المنتظرة يوم 28 سبتمبر الجاري، عندما ارتدى الشاب بيدرو “درو” فيرنانديز القميص رقم 27 وشارك أساسيًا في مباراة برشلونة الصعبة أمام ريال سوسييداد. حل درو محل داني أولمو ولعب الشوط الأول كاملًا في مواجهة قوية أقيمت على أرض ملعب لويس كومبانيس الأولمبي. ورغم رهبة المناسبة وصغر سنه، أظهر درو شجاعة كبيرة وقدرات فنية لافتة، حيث لمس الكرة 32 مرة ومرر 26 كرة منها 24 صحيحة، محققًا نسبة دقة تمرير بلغت 92.3%. كما نجح في إتمام مراوغتين ناجحتين وربح صراعًا هوائيًا واحدًا. هذه الأرقام تعكس ثقة لاعب واعد في مواجهة دفاع خصم قوي وأجواء تنافسية من العيار الثقيل، مؤكدًا أنه يمتلك المقومات الكافية للتأقلم مع أجواء الفريق الأول.
رحلة “درو” الصاعدة: من نيجران إلى “لا ماسيا”
وُلد بيدرو فيرنانديز عام 2008 في بلدة نيجران الصغيرة بإقليم جاليسيا الإسباني، وبدأ مسيرته الكروية في نادي بلدته المحلي، حيث لفت الأنظار بموهبته المبكرة ورؤيته الاستثنائية للملعب. وفي صيف عام 2022، انضم درو إلى أكاديمية برشلونة الشهيرة “لا ماسيا”، ليبدأ رحلة جديدة داخل واحد من أفضل مصانع المواهب في تاريخ كرة القدم العالمية. ومنذ وصوله إلى برشلونة، أظهر هذا اللاعب الشاب شخصية قوية وقدرات فنية مبهرة، مما جعله يتدرج بسرعة غير معتادة ضمن الفئات السنية المختلفة للنادي.
- بدأ درو مسيرته مع فريق تحت 16 عامًا.
- قفز بسرعة إلى فرق الشباب.
- انتقل إلى فريق تحت 19 عامًا في الموسم الماضي، حيث ترك بصمته الواضحة في دوري أبطال أوروبا للشباب، مساهمًا في تتويج الفريق باللقب.
هذه النجاحات المبكرة والمستوى الثابت عززت قناعة مسؤولي النادي الكتالوني بأن بيدرو فيرنانديز يملك كل المقومات ليصبح نجمًا في الفريق الأول لبرشلونة.
أولى بصمات بيدرو فيرنانديز في الجولة التحضيرية
لم يأتِ قرار المدرب هانز فليك بضم درو للفريق الأول من فراغ، فقد كانت البداية الجادة مع الفريق الأول في صيف هذا العام، حين قرر المدرب الألماني اصطحاب بيدرو فيرنانديز ضمن قائمة اللاعبين المشاركين في جولة برشلونة الآسيوية التحضيرية للموسم الجديد. لم يكتفِ “درو” بالمشاركة فقط، بل خطف الأنظار سريعًا عندما سجل هدفًا في شباك فريق فيسيل كوبي الياباني، وذلك في المباراة التي انتهت بفوز برشلونة بنتيجة 3-1 يوم 27 يوليو الماضي. هذا الهدف المبكر كان بمثابة رسالة واضحة إلى الجهاز الفني والجماهير، بأن النادي على موعد مع موهبة حقيقية قادمة من عمق أكاديمية لا ماسيا.
هانز فليك يدعم مواهب برشلونة الشابة
منذ توليه قيادة برشلونة، أبدى المدرب الألماني هانز فليك إيمانًا كبيرًا بقدرات أبناء أكاديمية لا ماسيا العريقة، وجعل من دمجهم وتطويرهم ركيزة أساسية في مشروعه لبناء فريق قوي ومستدام. فمنذ الموسم الماضي وحتى الآن، منح فليك الفرصة للعديد من المواهب الشابة للظهور مع الفريق الأول.
- مارك بيرنال.
- سيرجي دومينجيز.
- أندريس كوينكا.
- توني فيرنانديز.
- داني رودريجيز.
- جوفري تورينتس.
ومع ظهور “درو” بشكل رسمي، يصل عدد اللاعبين الشباب الذين منحهم فليك فرصة الظهور الأول مع الفريق إلى سبعة، مما يعكس استراتيجية واضحة المعالم تهدف إلى بناء فريق متجدد يجمع بين الخبرة والطاقة الشابة الطموحة.
“درو” على خطى أساطير “لا ماسيا”
عبر بيدرو “درو” فيرنانديز عن مشاعره بصدق بعد المباراة، قائلًا “أنا سعيد جدًا، الأمر لا يُصدق. عندما أخبرني المدرب في الفندق أنني سأكون أساسيًا لم أصدق ذلك”. وتابع “شعرت بتوتر كبير في البداية، لكن بمجرد نزولي إلى الملعب هدأت الأعصاب. الظهور الرسمي الأول شعور لا يُنسى حقًا”. وأضاف “زملائي في الفريق والمدرب ساعدوني كثيرًا، طلبوا مني فقط أن ألعب كما أفعل في التدريبات، وهذا منحني ثقة كبيرة في نفسي”.
وما يعيشه “درو” اليوم يعيد إلى الأذهان قصص نجوم صغار انطلقوا من أكاديمية لا ماسيا في سن مبكرة، مثل بيدري الذي خطف الأضواء بعمر 17 عامًا، وجافي الذي أصبح لاعبًا أساسيًا في خط الوسط رغم صغر سنه، وكذلك أنسو فاتي الذي كان أصغر هداف في تاريخ برشلونة بالدوري الإسباني. لا ننسى أيضًا الأساطير التي خرجت من هذا المعقل مثل ليونيل ميسي، تشافي هيرنانديز، أندريس إنييستا، سيرجيو بوسكيتس، جيرارد بيكيه، ومؤخرًا لامين يامال. كل هؤلاء مثلوا رهانًا ناجحًا للنادي على مواهبه الشابة، والآن ينضم “درو” إلى هذه القائمة، في انتظار أن يثبت نفسه بشكل أكبر في قادم المباريات والاستحقاقات.
مستقبل بيدرو فيرنانديز الواعد وتوقعات الجماهير
يمثل ظهور بيدرو “درو” فيرنانديز بداية رحلة جديدة لموهبة شابة تملك كل المقومات الفنية والشخصية للنجاح والتألق. فالجماهير الكتالونية، التي اعتادت رؤية نجوم كبار ينطلقون من أكاديمية لا ماسيا، ترى في “درو” مشروع لاعب وسط قادر على حمل راية النادي الكتالوني مستقبلًا. وإذا واصل “درو” مساره التصاعدي بنفس الهدوء والالتزام والعمل الجاد، فقد يتحول قريبًا إلى أحد الأسماء اللامعة التي يبني عليها نادي برشلونة مستقبله الطموح. وبينما يحتفل برشلونة بالانتصار على ريال سوسييداد وتصدر الليجا الإسبانية، يبقى الحدث الأبرز بالنسبة للكثيرين هو ميلاد نجم جديد من رحم أكاديمية لا ماسيا الخصبة، وهي اللحظة التي تذكر العالم دائمًا بأن برشلونة لا يكتفي بشراء النجوم، بل يصنعهم ويقدمهم للملاعب العالمية من داخل جدران النادي.