مفاجأة فاطيماتا، المرأة الحديدية التي صنعت ديمبلي وكشفت سر دموعه
توج عثمان ديمبيلي، نجم باريس سان جيرمان، بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم خلال حفل بهيج أقيم أمس الاثنين بمسرح دو شاتليه في باريس، حيث لم يتمالك نفسه من البكاء أثناء حديثه عن الدور المحوري لوالدته فاطيماتا في مسيرته الكروية الطويلة، مؤكداً أن دعمها المتواصل كان وراء هذا الإنجاز الكبير الذي حققه.
ترعرع عثمان ديمبيلي في ضاحية لا ماديلين الشعبية بمدينة إيفرو في نورماندي، حيث نشأ على عشق كرة القدم وسط ظروف حياتية صعبة، وهو ما صقل شخصيته القوية التي أكسبته الاحترام في بيئة كهذه، فيما كانت والدته فاطيماتا، القادمة من موريتانيا، السند الرئيسي الذي رسم له طريق النجاح بكل ثبات نحو العالمية.
فاطيماتا: السند الحقيقي وراء تألق عثمان ديمبيلي
استقرت فاطيماتا في لا ماديلين بمدينة إيفرو مع أطفالها الأربعة بعد وفاة اثنين من الأفارقة عام ٢٠٠٥ وما صاحبها من اضطرابات اجتماعية، الأمر الذي جعل نشأة ديمبيلي في هذه البيئة الصعبة تتطلب منه شخصية قوية وقدرة على فرض احترام الجميع، كما أكد اللاعب الفرنسي السابق مايكل سيلفستر لصحيفة “ليكيب”.
تناولت صحيفة “الجارديان” البريطانية في تقرير نشرته عام ٢٠١٦ بعنوان «عثمان ديمبيلي: أغلى سلعة في كرة القدم.. إن استطعت إقناع والدته» أهمية فاطيماتا في مسيرة نجلها، موضحة أن الأندية الكبرى التي رغبت بضم ديمبيلي حينها كان عليها أولاً إقناع والدته بالموافقة.
بدايات عثمان ديمبيلي: الموهبة تتحدى الصعاب
روى أحمد وهبي، مكتشف موهبة ديمبيلي، في تصريحات لموقع نادي برشلونة، تفاصيل أول لقاء به عندما كان في السادسة من عمره، قائلاً: «كان يركل الكرة بمهارة غير عادية، وسألني فوراً إن كان سيحصل على طقم رسمي وهل يوجد حكم للمباريات»، وهو ما يبرز شغفه الكبير بكرة القدم منذ الصغر.
كانت الكرة جزءاً لا يتجزأ من حياة عثمان اليومية منذ صغره، حيث تروي والدته أنه كان يبكي بشدة إن أُخذت منه الكرة، فيما يضيف وهبي أن مهارته المميزة صُقلت باللعب في شوارع إيفرو الوعرة، والتي كانت مليئة بالعقبات والتحديات المتنوعة.
التحق ديمبيلي بفريق “إيه إل إم إيفرو” المحلي، وسرعان ما لفت أنظار الأندية الكبرى، ففي سن الثالثة عشرة اختار نادي رين للانضمام إليه بعد استشارة والدته، متفضلاً إياه على لوهافر الذي اشتهر بتخريج مواهب مثل بول بوجبا ورياض محرز.
شدد وكيله حينها، بادو سامباجي، على نفوذ والدته، قائلاً: «حين أراد عثمان الرحيل عن رين، أصرت والدته أن يبقى ويوقع أول عقد احترافي له»، مؤكداً أن قرارها كان حاسماً ولم يكن أمام عثمان ديمبيلي خيار آخر سوى الانصياع لرغبتها.
رحلة عثمان ديمبيلي الاحترافية: بين التطور والتمرد
شارك ديمبيلي لأول مرة مع الفريق الأول لرين في سبتمبر عام ٢٠١٥، وسرعان ما أصبح لاعباً بارزاً انتقل بعدها إلى بوروسيا دورتموند الألماني، حيث واصل تطوير مهاراته بشكل لافت، قبل أن يتمرد على فريقه الألماني بعد تلقيه عرضاً من برشلونة لتحقيق حلم الطفولة باللعب بجوار الأسطورة ليونيل ميسي.
واجه ديمبيلي تحديات كبيرة في كامب نو بسبب الإصابات المتعددة التي أعاقت تقدمه، وبعد ست سنوات من تمرد على دورتموند، عاد ليصدم برشلونة برغبته في الانتقال إلى باريس سان جيرمان قبل ساعات من نهاية الفترة المحددة لشرطه الجزائي البالغ ٥٠ مليون يورو، ما وضع النادي الكاتالوني في أزمة حقيقية لضيق الوقت.
قدم عثمان ديمبيلي مستوى مغايراً مع الفريق الفرنسي، حيث كان له دور بارز في تتويج باريس سان جيرمان بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخ النادي، وهو ما يعد تحولاً كبيراً في مسيرته بعد سنوات من التحديات والإصابات المتكررة.
نصيحة ميسي ودورها في فوز ديمبيلي بالكرة الذهبية
كشف عثمان ديمبيلي في مقابلة سابقة مع مجلة “442” أن نصيحة ثمينة من زميله السابق ليونيل ميسي ساهمت بشكل مباشر في تغيير مسيرته الاحترافية، وهو ما جعله أحد أبرز المرشحين للفوز بجائزة الكرة الذهبية، حيث تقاسما غرفة الملابس في برشلونة بين عامي ٢٠١٧ و ٢٠٢١.
أوضح ديمبيلي عمق علاقته بميسي قائلاً: «لطالما كانت لدي علاقة رائعة مع ميسي منذ اليوم الأول، وكانت خزانتي بجواره وقدم لي الكثير من النصائح القيمة»، مضيفاً أنه «شخص يعرف ما تحتاجه، وهو الأعظم بالنسبة لي، ولاعب يلهمني باستمرار».