دفعة قوية للسلام.. المملكة تقود حراكًا دوليًا حاسمًا لإرساء سلام عادل للفلسطينيين

تقود المملكة العربية السعودية جهودًا دولية مكثفة لإرساء سلام عادل ودائم في فلسطين، تجلت في إطلاق “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين” واعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة “إعلان نيويورك” المؤيد لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة. يؤكد هذا الدور المحوري التزام المملكة الراسخ بحقوق الشعب الفلسطيني ومركزية قضيته في سياستها الخارجية، سعيًا لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة عبر حل الدولتين الذي يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

الجذور التاريخية للقضية الفلسطينية وموقف المملكة الثابت

منذ بدايات القرن العشرين، تبلورت القضية الفلسطينية لتصبح من أعقد القضايا وأكثرها تأثيرًا على مستقبل الشرق الأوسط، خاصة مع تصاعد الهجرات وتزايد التوترات. في عام 1947، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم (181) بتقسيم فلسطين إلى دولتين، عربية ويهودية، مع تدويل القدس. ورغم التأييد الدولي آنذاك، لم يحقق القرار أهدافه، واندلعت حروب متتالية أسفرت عن توسع السيطرة الإسرائيلية وتداعيات إنسانية كبيرة، مما جعل القضية محور الصراع العربي-الإسرائيلي ومركز الاهتمام العالمي. آمنت المملكة العربية السعودية بضرورة إيجاد مقاربة دولية تحفظ الحقوق وتحمي المدنيين، ووضعت القضية الفلسطينية في صدارة أولوياتها السياسية الخارجية منذ وقت مبكر.

اقرأ أيضًا: نتيجة غير متوقعة.. هذا ما يفعله طبق الفول بالزبادي والطحينة في نسبة السكر بالدم

مسيرة الدعم السعودي للقضية الفلسطينية عبر الأجيال

ترجمت المملكة مواقفها الثابتة إلى أفعال ملموسة عبر تاريخها. ففي عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، شاركت المملكة في مؤتمر لندن الخاص بفلسطين عام 1939، وأرسلت أبناءها للذود عن فلسطين في حرب 1948، مؤكدة دعمها المتواصل لحقوق الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية.

استمر هذا الدعم في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز الذي زار فلسطين عام 1935، وحرص على مساندة الفلسطينيين سياسيًا ومعنويًا، وقدم العون للأسر المتضررة، ومنحهم فرص العمل والإقامة في المملكة.

اقرأ أيضًا: قدرات تتخطى البشر.. الذكاء الاصطناعي يقدم تحليلًا دقيقًا لتعبيرات الوجه ولغة الجسد يفوق القدرة البشرية

أما الملك فيصل بن عبدالعزيز، فقد عمل على نقل القضية الفلسطينية إلى الإطار الإسلامي الأوسع، وكان من أبرز الداعمين لعقد القمة الإسلامية الأولى بالرباط عام 1969 غداة حريق المسجد الأقصى، مؤكدًا أن القضية هي قضية المسلمين جميعًا وداعيًا إلى حماية القدس وأهلها.

في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز، واصلت المملكة حشد الدعم العربي والإسلامي، وعملت على توحيد المواقف تجاه مسارات التسوية العادلة.

اقرأ أيضًا: تحذير هام من المرور في قطر.. حملات مكثفة لرصد هذه المخالفات الجديدة على جميع الطرق

وقد طرح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز مبادرة السلام عام 1981، التي تحولت إلى خطة السلام العربية في “قمة فاس” عام 1982، مقدمة إطارًا واقعيًا للتسوية بناءً على قرارات الشرعية الدولية. كما سخر الإعلام السعودي والعربي لنصرة القضية، وأمر بتقديم الدعم المالي والإنساني والإغاثي.

وفي عام 2000، اقترحت المملكة خلال القمة العربية الطارئة بالقاهرة، بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (عندما كان وليًا للعهد آنذاك)، إنشاء صندوقي “انتفاضة القدس” و”الأقصى”. وقد بلغت مساهمات المملكة لدعم الأشقاء في فلسطين أرقامًا هامة تعكس التزامها.

اقرأ أيضًا: كل ما تحتاج معرفته.. اليوم الوطني السعودي: تفاصيل الاحتفالات وأهمية المناسبة

وطرح الملك عبدالله “المبادرة العربية للسلام” في قمة بيروت عام 2002، والتي نصّت على الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مقابل إقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل.

مع تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، استمر الموقف السعودي الراسخ، إذ سُميت القمة العربية التاسعة والعشرون التي استضافتها المملكة في الظهران عام 2018 بـ”قمة القدس”، مجددًا بذلك مركزية القضية الفلسطينية ومؤكدًا التزام المملكة بمواصلة الدعم السياسي والاقتصادي للشعب الفلسطيني.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. فتح حساب بنك الخرطوم أونلاين بالجواز 2025.. تعرف على الشروط والخطوات

مساهمات المملكة العربية السعودية المالية والإنسانية لدعم الشعب الفلسطيني

لطالما قدمت المملكة العربية السعودية دعمًا ماليًا كبيرًا لدعم صمود الشعب الفلسطيني، وتجسد ذلك في عدة مبادرات ومساهمات حيوية على مر السنين:

**المناسبة أو المبادرة****تاريخ الإعلان****قيمة الدعم / المساهمة السعودية****الهدف**
إنشاء صندوقي “انتفاضة القدس” و”الأقصى” (بإجمالي مليار دولار)2000ربع المبلغ المخصص (250 مليون دولار)تمويل مشاريع تحافظ على هوية القدس ورعاية الأسر المتضررة.
قمة القدس في الظهران2018150 مليون دولاردعم الأوقاف الإسلامية في القدس.
قمة القدس في الظهران201850 مليون دولاردعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين: خطوات عملية نحو السلام

تصاعدت الجهود الدبلوماسية السعودية بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة نحو تفعيل حل الدولتين.

  • 27 سبتمبر 2024: أعلن صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، باسم الدول العربية والإسلامية وعدد من الشركاء الدوليين، إطلاق “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين” على هامش اجتماعات الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، داعيًا الدول كافة للاعتراف بدولة فلسطين والانضمام إلى الإجماع الدولي الذي يضم 149 دولة اعترفت بها رسميًا.
  • 28 سبتمبر 2024: جددت المملكة خلال جلسة مجلس الأمن بشأن فلسطين، دعوتها للمجتمع الدولي، خاصة الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، إلى المضي قدمًا في الاعتراف بها دعمًا لحل الدولتين.
  • 29 سبتمبر 2024: رحبت المملكة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي نص على أن دولة فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة في المنظمة الدولية، كما رحبت بقرارات عدد من الدول الأوروبية الاعتراف بدولة فلسطين، مؤكدة أن هذه الخطوات تعزز المسار الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
  • 30 أكتوبر 2024: استضافت المملكة الاجتماع الأول للتحالف بالتعاون مع شركائها، حيث شددت على وقف التصعيد الإسرائيلي، وتفعيل آليات المحاسبة الدولية، والمضي بخطوات عملية وجداول زمنية محددة تفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية.
  • أبريل ومايو 2025: ترأست المملكة العربية السعودية بالشراكة مع جمهورية فرنسا الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن التسوية السلمية بمقر الأمم المتحدة، حيث أنشئت مجموعات عمل متخصصة للإعداد للمؤتمر وتحديد المخرجات العملية في مجالات الأمن والحدود والاقتصاد واللاجئين والدعم الإنساني.
  • 17 يونيو 2025: صدر بيان مشترك عن الرئاسة السعودية الفرنسية وممثلي 19 دولة ومنظمة، عبر عن القلق من التصعيد، ودعا إلى استعادة الهدوء واحترام القانون الدولي.
  • 28 يوليو 2025: اعتمد المؤتمر وثيقته الختامية التي نصت على إنهاء الحرب في غزة، والتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة للصراع على أساس حل الدولتين، وإطلاق مسارات دعم اقتصادي وإنساني تضمن توفير الخدمات الأساسية وإعادة الإعمار، وتمكين مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقبلية من القيام بواجباتها.
  • 12 سبتمبر 2025: توجت هذه الجهود بقرار تاريخي حين أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة “إعلان نيويورك” المؤيد لحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بأغلبية 142 صوتًا، ورحبت المملكة بالقرار وعدته تأكيدًا على الإجماع الدولي لدعم فلسطين وحقها في إقامة دولتها على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحافزًا لمواصلة العمل المشترك.

رؤية المملكة المستقبلية لسلام شامل وعادل

تجلّى الموقف السعودي بوضوح في كلمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، خلال افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة التاسعة لمجلس الشورى في 10 سبتمبر 2025، حيث أكد سموه أن مبادرة السلام العربية التي أطلقتها المملكة عام 2002 أصبحت إطارًا دوليًا لتحقيق الدولة الفلسطينية. وأشار سموه إلى أن الجهود السعودية أثمرت عن تزايد الدول المعترفة بفلسطين، وعن حشد غير مسبوق في مؤتمر نيويورك لتنفيذ حل الدولتين.

وتؤكد المملكة العربية السعودية باستمرار أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة هي حجر الزاوية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وأن دعم حل الدولتين موقف راسخ منذ عقود طويلة. وتجدد المملكة دعوتها لجميع الدول المحبة للسلام إلى الانضمام للتحالف الدولي لتنفيذه، مؤكدة التزامها التاريخي والإنساني والسياسي بمساندة الشعب الفلسطيني، ومواصلة دورها العربي والإسلامي والدولي لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *