عودة غير متوقعة للراحلين.. كيف يغير الذكاء الاصطناعي مفهوم الحياة والموت؟

تجاوز الذكاء الاصطناعي كونه أداة لتعزيز الإنتاجية ليلامس أعمق المشاعر الإنسانية، حيث بات يسمح للعائلات بالتواصل افتراضيًا مع أحبائهم الراحلين عبر تقنية تعرف بـ”الرحيل الرقمي”. هذه التقنية المثيرة للجدل تستخدم الذكاء الاصطناعي لإعادة تمثيل المتوفين بأصواتهم وصورهم وحتى تصرفاتهم، ما أثار نقاشًا عالميًا واسعًا بين مؤيد ومعارض حول آثارها الأخلاقية والنفسية، خاصة في مجتمعات مثل العالم العربي.

تقنيات الذكاء الاصطناعي تعيد الأموات للحياة الافتراضية

لطالما كانت منصات التواصل الاجتماعي ملاذًا لتخليد ذكرى الراحلين من خلال الصور والفيديوهات، لكن التكنولوجيا المعاصرة نقلت هذه التجربة إلى مستوى أعمق. شركات عالمية مثل “HereAfter AI” الأمريكية و”DeepBrain AI” الكورية الجنوبية طورت تطبيقات متقدمة تخزن تفاصيل دقيقة عن حياة الأشخاص قبل وفاتهم. هذه التفاصيل تشمل نبرة الصوت، إجاباتهم على أسئلة شخصية، وحتى ملامح وجوههم. تهدف هذه التقنيات لخلق نسخ افتراضية تفاعلية تتيح للأسر التواصل معها، مما يمنح شعورًا بأن أحبائهم لا يزالون جزءًا من حياتهم اليومية.

اقرأ أيضًا: وصل رسميًا.. نيسان باترول موديل 2025 بأسعار ومواصفات جديدة في السعودية | هل ينافس الجيل الجديد؟

جدل عالمي حول “الرحيل الرقمي”: بين تخفيف الفقد ومخاوف أخلاقية

وفقًا لتقارير نشرتها جهات مرموقة مثل هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) ومجلة “MIT Technology Review”، بدأت بعض العائلات بالفعل في تبني هذه التطبيقات كوسيلة لتخفيف وقع الفقد المؤلم. إلا أن هذه الظاهرة لم تسلم من جدل عالمي واسع النطاق. فبينما يرى البعض أن “الرحيل الرقمي” يمثل وسيلة إنسانية مبتكرة للحفاظ على الذكريات الثمينة، يحذر آخرون من عواقب قد تكون وخيمة. المخاوف تتضمن احتمالية أن يعيق الاعتماد المفرط على هذه النسخ الاصطناعية عملية التقبل النفسي للرحيل، بالإضافة إلى تساؤلات أخلاقية ودينية جوهرية حول حق الشركات في “إحياء” الأموات بصورة افتراضية.

الرحيل الرقمي في العالم العربي: أبعاد دينية واجتماعية حساسة

تتخذ قضية “الرحيل الرقمي” في العالم العربي أبعادًا أكثر تعقيدًا وحساسية. فقد أكد خبراء المركز القومي للبحوث بالقاهرة أن هذه التقنية، رغم أنها تعكس إمكانيات الذكاء الاصطناعي الهائلة، إلا أنها قد تتعارض مع التصورات الدينية والاجتماعية الراسخة حول مفهوم الموت والحياة الأخرى. وأوضح أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة، عاصم حجازي، أن هذه الظاهرة تمثل تطورًا كبيرًا من مجرد “إحياء الذكرى الرقمية” على منصات مثل فيسبوك، لتصل إلى مستوى المحادثات الافتراضية التي قد تمنح شعورًا زائفًا بالوجود، مما قد يؤثر سلبًا على الصحة النفسية للمتعاملين معها.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. الأوقاف السورية توضح حقيقة فيديو السيارة في الجامع الأموي

تهديدات الحقيقة ومستقبل الصناعة الرقمية للموتى

من جانب آخر، أشار أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، جمال فرويز، إلى أن تطبيقات التواصل مع الأموات الافتراضيين قد تعزز العزلة بين الأفراد في الواقع الحقيقي، حيث قد يفضل البعض التواصل مع النسخ الرقمية على مواجهة التحديات الاجتماعية للحياة اليومية. في السياق ذاته، حذر خبراء تكنولوجيا المعلومات من أن “الرحيل الرقمي” قد يتحول إلى صناعة تجارية ضخمة و مربحة في المستقبل القريب، خصوصًا إذا استثمرت فيها الشركات التكنولوجية الكبرى بشكل واسع. كما تشير عميدة كلية الإعلام بجامعة القاهرة، ثريا البدوي، إلى أن هذه التقنية قد تهدد مفهوم الحقيقة الأساسي، لا سيما في عالم يواجه بالفعل تحديات عميقة مثل التزييف العميق في السياسة والإعلام. ورغم كل هذه المخاوف، يتوقع أن يستمر الاهتمام المتزايد بـ”الرحيل الرقمي” مع التوسع المستمر لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الثقافة الرقمية، ليظل الموضوع محور نقاش يثير الأمل والتخوف في آن واحد حول مستقبل تخليد ذكرى المتوفين.

اقرأ أيضًا: بـ 920 حصان.. لامبورجيني تكشف عن سعر Temerario الخارقة

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *