رسالة من قلب التاريخ.. مصطفى وزيري يكتب عن المتحف المصري الكبير: صرح الحضارة ومهد المستقبل

يستعد المتحف المصري الكبير، الواقع على مرمى البصر من أهرامات الجيزة الخالدة، لافتتاح تاريخي مرتقب تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي. يمثل هذا الصرح الثقافي الضخم لحظة مفصلية في استثمار مصر لتراثها الإنساني الغني، ويعلن عن مرحلة جديدة في عرض الحضارة المصرية للعالم بأسلوب مبتكر.

المتحف المصري الكبير: صرح حضاري يربط الماضي بالمستقبل

المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى متحفي جديد. إنه مشروع حضاري ضخم يعيد تعريف العلاقة بين الماضي والحاضر ويرتقي بأساليب العرض والبحث الأثري إلى مستوى غير مسبوق. يأتي هذا الإنجاز عبر تصور بصري ومعرفي يجمع بين عظمة المضمون ودقة الإخراج. لطالما كانت مصر منارة للحضارات ومركزًا للإشعاع الثقافي في العالم القديم. ها هي اليوم تواصل هذا الدور ليس بوصفها فقط الحاضنة الجغرافية لحضارة من أعظم ما عرفته البشرية. إنها أيضًا فاعل معاصر في إنتاج الوعي التاريخي وتقديمه للعالم برؤية علمية وثقافية متكاملة. يؤكد افتتاح المتحف المصري الكبير هذا الدور المتجدد. إن الحفاظ على التراث ليس حنينًا إلى الماضي بل استثمارًا في الحاضر والمستقبل. تتحول الحضارة هنا إلى مصدر للهوية الوطنية ورافعة اقتصادية وسياحية ذات أثر ممتد.

اقرأ أيضًا: من القاهرة إلى العالمية.. تفاصيل جولة أحمد أمين الكوميدية “مين أمين؟” في أمريكا وكندا

تجربة الزائر الفريدة: من المسلة المعلقة إلى الدرج العظيم

يعتمد سيناريو العرض المتحفي على التكامل بين الفضاء المعماري والمحتوى الأثري. تبدأ التجربة فعليًا من خارج المتحف عند المسلة المعلقة الخاصة بالملك رمسيس الثاني. صُممت هذه التجربة الفريدة بحيث يقف الزائر أسفل لوح زجاجي تستقر فوقه المسلة. يمكنه حينها النظر إلى خرطوش الملك المنحوت أسفل قاعدتها. بهذا التصميم يشارك الزائر في تجربة حسية فكرية. تستفز وعيه التاريخي قبل أن تطأ قدماه قاعات العرض الرئيسية.

بمجرد الدخول إلى بهو المتحف يجد الزائر نفسه في قلب “الدرج العظيم”. إنه فضاء معماري هائل تُعرض فيه عدد من أثقل وأضخم القطع الأثرية التي تمثل روائع فن النحت المصري. تبدأ هذه الروائع من الدولة القديمة وصولاً إلى العصر اليوناني الروماني. يكتمل سرد بانورامي فريد على امتداد هذا الدرج. ينتهي بمشهد بصري مهيب يطل على أهرامات الجيزة. يجسد هذا المشهد الوحدة العضوية بين المتحف وموقعه التاريخي العريق.

اقرأ أيضًا: تحول مفاجئ.. نجوم مصر الكبار يغيرون قواعد اللعبة باقتحام عالم الأعمال

قاعات عرض استثنائية ومقتنيات توت عنخ آمون الكاملة

عقب الدرج العظيم تبدأ قاعات العرض الرئيسية. تُعد هذه القاعات العمود الفقري للمتحف. نُظمت هذه القاعات وفق تسلسل زمني دقيق يشمل عصور ما قبل التاريخ وعصر ما قبل الأسرات. تستمر في الدول القديمة والوسطى والحديثة. تنتهي بعصور الانتقال. يتضمن المتحف أيضًا مركزًا متقدمًا للترميم والبحث. يُعد هذا المركز الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط. زُود بأحدث التقنيات ويعمل به نخبة من الخبراء المصريين. تم ترميم الآلاف من القطع الأثرية داخله. أبرزها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون. ستُعرض هذه المجموعة لأول مرة كاملة في قاعة واحدة ضمن سيناريو عرض علمي متكامل.

المتحف المصري الكبير: محرك للتنمية الاقتصادية والثقافية

يمثل المتحف المصري الكبير مشروعًا استراتيجيًا ذا أبعاد اقتصادية وثقافية ممتدة. إنه ليس فقط واجهة سياحية عالمية. إنه أيضًا أداة لتنمية الاقتصاد الثقافي وخلق فرص عمل جديدة للشباب. يحفز كذلك الصناعات المرتبطة بالحرف التقليدية والفنون المصرية الأصيلة. إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد تتويج لماضٍ مجيد. إنه وثيقة بصرية حية لوعي الدولة المصرية بتاريخها العريق. يمثل رسالة موجهة إلى العالم بأن مصر لا تزال في قلب الحركة الثقافية العالمية. يلتقي الحاضر بالماضي بين جدرانه في لحظة تجاوز للزمن. تؤكد مصر عبره أنها لم تكن فقط مهد الحضارات. بل لا تزال قادرة على صونها وإعادة تقديمها بما يليق بعراقتها وبدورها المستقبلي في المشهد الثقافي العالمي.

اقرأ أيضًا: فرصة أخيرة.. تظلمات ثانوية عامة 2025: رابط وخطوات التقديم حتى الموعد النهائي

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *