لأول مرة يتحدث.. سائح فضائي يكشف عن أسوأ ما واجهه في رحلته الكونية.
بدأت السياحة الفضائية كحلم بعيد وتحولت إلى واقع باهظ الثمن ومليء بالتحديات، حيث كشفت التجارب الأولية، بدءًا من رحلة رجل الأعمال دينيس تيتو عام 2001، أن السفر إلى الفضاء ليس مجرد نزهة فاخرة بل مغامرة تتطلب تحضيرات مكثفة ومواجهة لصعوبات غير متوقعة. هذه الرحلات، التي تطورت بفضل شركات خاصة، تقدم صورة مختلفة تمامًا عن الفضاء مقارنة بما يظهر في الأفلام.
دينيس تيتو: أول سائح فضاء وتفاصيل الرحلة التاريخية
كان رجل الأعمال الأمريكي دينيس تيتو أول من فتح الباب للسياحة الفضائية في عام 2001، عندما انطلق على متن المركبة الفضائية الروسية “سويوز تي إم-32”. دفع تيتو مبلغًا ضخمًا قدره 20 مليون دولار مقابل هذه التجربة الفريدة. لم تكن هذه الرحلة مجرد صعود عادي، بل استغرقت التحضيرات لها ثمانية أشهر كاملة، وشملت العديد من المتطلبات الصارمة.
لم تكن رحلة تيتو سهلة أو تلقائية، بل تطلبت تحضيرات مكثفة استغرقت ثمانية أشهر وشملت:
- فحوصات طبية شاملة.
- تمارين بدنية مكثفة.
- دروسًا لاكتساب مهارات تحكم فنية ضرورية.
عند وصوله إلى محطة الفضاء الدولية، شارك تيتو في نقل المواد المرسلة إليها، ثم تفرغ لأنشطته الشخصية مثل الاستماع للموسيقى وتدوين مذكراته والتقاط صور ومقاطع فيديو رائعة للأرض. دار دينيس تيتو، الذي كان يبلغ من العمر 60 عامًا آنذاك، حول الأرض 128 مرة خلال رحلته التي استمرت 7 أيام و22 ساعة و4 دقائق، ما يعني أن تكلفة كل دورة حول الكوكب وصلت إلى 150 ألف دولار. لم تكن هذه الرحلة خالية من المتاعب، حيث عانى رجل الأعمال الأمريكي من مشاكل في القلب أثناء الإقلاع، كما ارتطم رأسه بباب المركبة الفضائية أثناء وجوده في المدار.
البيان | التفاصيل |
تاريخ الرحلة | 2001 |
المركبة الفضائية | سويوز تي إم – 32 |
مدة التحضيرات | 8 أشهر |
التكلفة الإجمالية للرحلة | 20 مليون دولار |
مدة الرحلة | 7 أيام و22 ساعة و4 دقائق |
عدد الدورات حول الأرض | 128 دورة |
متوسط التكلفة لكل دورة | 150,000 دولار |
تطور السياحة الفضائية وعدد المسافرين إلى الفضاء
منذ رحلة دينيس تيتو الأولى، شهدت السياحة الفضائية تطورًا ملحوظًا بفضل مشاركة شركات فضاء خاصة جديدة. وحتى شهر سبتمبر من عام 2025، وصل إجمالي عدد السياح الذين زاروا الفضاء إلى 62 شخصًا. هذا العدد يشمل المشاركين في الرحلات المدارية وتلك شبه المدارية، وكان معظم هؤلاء السياح من رجال الأعمال والأثرياء الذين قاموا بتمويل رحلاتهم بأنفسهم، مما يؤكد أن تكلفة السفر إلى الفضاء لا تزال مرتفعة جدًا.
حقيقة الحياة في الفضاء: تحديات ومخاطر غير متوقعة
تؤكد تجارب السفر إلى الفضاء أن هذه الرحلات ليست مجرد نزهة ممتعة كما يصورها البعض، بل هي مغامرة محفوفة بالمخاطر والمتاعب. لفت العديد من رواد الفضاء الكبار الانتباه إلى أن بعض السياح قد يصابون بخيبة أمل كبيرة مما سيجدونه في الفضاء. سيصيب الإحباط أولئك الذين يعتقدون أنهم سيجدون أنفسهم في ظروف مشابهة لما يُعرض في الأفلام السينمائية، من أبواب زجاجية ومساحات واسعة وراحة تامة.
الأمر في محطة الفضاء الدولية مختلف تمامًا، فهي عبارة عن مساحة صغيرة ومغلقة لا تصلح إطلاقًا لمن يعاني من رهاب الأماكن المغلقة. علاوة على ذلك، تحذر عالمة النفس الروسية إيكاترينا روبليفا من احتمالية الإصابة بحالة من الاكتئاب إذا بقي الشخص في الفضاء لفترة طويلة. يحدث ذلك بسبب غياب ضوء الشمس والتعرض المستمر للظلام والأماكن الضيقة، مما يتطلب استعدادًا نفسيًا خاصًا لهذه الظروف الصعبة في الفضاء.
تفاصيل الحياة اليومية في محطة الفضاء الدولية
يكشف السائح ريتشارد غاريوت، الذي زار الفضاء عام 2008، جوانب أخرى من ظروف الحياة اليومية الصعبة في محطة الفضاء الدولية. يوضح غاريوت أنه لا يوجد دش أو حوض استحمام في الفضاء، ولتنظيف الأسنان، كان عليه أن يبصق الماء في كيس خاص لمنع تناثره. ويصف المرحاض بأنه الأسوأ على الإطلاق، حيث على الأرض تساعد الجاذبية السوائل في الوصول إلى المكان المناسب، لكن في الفضاء يصعب جدًا فصل السوائل دون التسبب في فوضى عارمة، ورغم استثمار ملايين الدولارات في تطوير مراحيض الفضاء، فإنها لا تزال بعيدة جدًا عن توفير الراحة المطلوبة.
يقول الخبراء إن تفاصيل الحياة اليومية على متن محطة الفضاء الدولية ليست لضعاف القلوب، فالنهار والليل لا يتحددان بشروق الشمس وغروبها، لأن الشمس تشرق وتغرب 16 مرة في اليوم. يعيش رواد وزوار الفضاء في المحطة بتوقيت غرينتش العالمي، مع جدول زمني صارم يبدأ بالاستيقاظ في السادسة صباحًا وإطفاء الأنوار استعدادًا للنوم في الساعة 21:30. تلفت عالمة النفس إيكاترينا روبليفا في هذا الشأن قائلة: “في الفضاء، لا بد من وجود جدول زمني للعيش، فلا شروق ولا غروب للشمس، بل المنظر من النافذة هو نفسه دائمًا”.
طعام الفضاء وقواعد اصطحاب المأكولات الشخصية
بالنسبة لطعام الفضاء، فإنه يأتي في علب أو أكياس، وكل شيء يكون مجففًا بالتجميد. النظام الغذائي متوازن بعناية والقائمة متنوعة جدًا، وتضم عصيدة وكرات لحم وشرائح ولفائف والعديد من الأطباق الأخرى، ويوجد أكثر من 100 صنف غذائي في المجموع.
إذا أراد السائح حمل طعامه المفضل إلى الفضاء، مثلاً أكلة شهية وطنية، فمن الضروري أن يحصل على إذن خاص مقابل رسوم. كما سيتم إعادة تعبئة المنتج وفحصه للتأكد من سلامته. لكن هناك محظورات واضحة، منها:
- الأطباق ذات الروائح النفاذة، لعدم إمكانية تهوية الغرفة على ارتفاع 400 كيلومتر.
أما أكبر مصدر إزعاج في المدار فهو فتات الطعام المتبقي بعد الأكل، حيث ينتشر ويطير في أرجاء المكان، ويمكن أن يتطاير ويصل إلى الحلق والعين، لكنه لا يصل إلى الأسرّة، حيث ينام رواد الفضاء معلقين على أراجيح خاصة بهم.