رؤية شاملة لاقتصاد مصر.. مصطفى مدبولي يحدد ملامح السردية الوطنية لتنمية كافة القطاعات

أكد رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي أن زخم الاستثمارات الحالية في مصر هو ثمرة جهود الدولة في تطوير البنية التحتية، مشددًا على أن البلاد تسير بخطى ثابتة نحو تجاوز الأزمة الاقتصادية دون الحاجة لبرامج دعم دولية جديدة. وأوضح أن الرؤية الاقتصادية المتكاملة، التي تُصاغ عبر حوار مجتمعي، تستهدف تعزيز دور القطاع الخاص، تحسين الميزان التجاري، وتسريع التحول نحو الطاقة المتجددة، مع السعي لخفض الدين العام.

رؤية مصر الاقتصادية المتكاملة وجذب الاستثمارات

شدد الدكتور مصطفى مدبولي على أن جذب الاستثمارات المتزايد لم يكن ليتحقق لولا اهتمام الدولة المصرية بتنفيذ مشروعات ضخمة في البنية التحتية. وأوضح أن توافر الطاقة وشبكات الطرق والموانئ والمياه والخدمات المحسّنة، إلى جانب قطاع مصرفي مستقر، هي الركائز الأساسية التي تدفع القطاع الخاص لإطلاق الصناعات والأنشطة الاستثمارية بقوة وتسارع ملحوظ خلال الفترة القادمة. وأشار إلى أن هذه الجهود تُصاغ حاليًا من خلال حوار مجتمعي موسع يهدف إلى بلورة رؤية اقتصادية متكاملة قبل نهاية العام الجاري، بناءً على رؤية مصر 2030 والاستراتيجيات الحكومية الأخرى.

اقرأ أيضًا: تحذير قاطع من خبير مناخ: ممنوع نزول البحر تمامًا عند اضطراب الأمواج

وأوضح رئيس الوزراء أن الحوار المجتمعي سيتولى قيادته خبراء مستقلون لا ينتمون للجهاز الحكومي، لضمان الحيادية والاستماع لكافة الآراء، وذلك بهدف صياغة التوصيات التي توجه الدولة المصرية للمرحلة القادمة.

مصر على مسار التعافي الاقتصادي والاستقلالية عن برامج الدعم

أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن التقدم الاقتصادي الحاصل هو نتاج عمل وجهد وطني مصري خالص، نافيًا أي علاقة لمؤسسات دولية بذلك. وعبر عن أمله في أن تخرج مصر من عباءة صندوق النقد الدولي، مؤكدًا أنه مع إنهاء الأزمة الاقتصادية، أصبحت مصر على المسار الصحيح ولن تحتاج إلى برنامج جديد من الصندوق. وأشار إلى أن الحكومة تعمل على مدار خمس سنوات لضمان استجابة وتيرة نمو الاقتصاد المصري.

اقرأ أيضًا: ماذا كشفت الحملات؟.. ضبط كميات من الأرز والأسمدة الزراعية مجهولة المصدر بالشرقية.

جهود خفض العجز التجاري ودعم الصناعة المحلية

كشف رئيس الوزراء أن التحدي الاقتصادي الراهن يكمن في “العجز التجاري”، والذي تعمل الحكومة على معالجته بقوة من خلال تحسين الصادرات المصرية. وأوضح أن الصادرات ترتفع اليوم بنسبة تتراوح بين 20 إلى 22%، بينما تزداد الواردات بنسبة 3 أو 4% فقط. وأكد أن حوالي 80% من واردات مصر تتكون من مواد خام ومستلزمات إنتاج ضرورية للصناعة، وليست سلعًا كمالية، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من عملية التصنيع.

وأوضح أن المجموعة الوزارية للتنمية الصناعية والجهات المختصة تعمل على تكوين “سلاسل تغذية” لتوطين جزء من المواد الخام محليًا، بهدف تقليل الاعتماد على الاستيراد. وأشار إلى أن الهدف الأسمى هو الحفاظ على استقرار أسعار المنتجات والسلع للمواطن أو خفضها تدريجيًا، وهو ما يتحكم فيه العرض والطلب، فكلما زادت وفرة العرض تبادلت السلع بثبات في الأسعار ثم انخفضت مع الوقت.

اقرأ أيضًا: بشرى سارة لـ ذوي الهمم.. المجلس القومي يطلق المعرض الثاني عشر لمنتجاتهم في كفر الشيخ

تسريع وتيرة التحول للطاقات المتجددة وتأمين احتياجات الغاز

أكد الدكتور مصطفى مدبولي أهمية امتلاك الدولة المصرية لبدائل متعددة لتلبية احتياجاتها من الغاز لكافة القطاعات، بما في ذلك الصناعة وإنتاج الكهرباء. وأوضح أن مصر تعتمد على الغاز الطبيعي لتوليد 60% من طاقتها الكهربائية. ولفت إلى أن جزءًا رئيسيًا من خطة الدولة للمرحلة القادمة هو التوسع والتسريع الشديد في وتيرة إدخال الطاقات المتجددة.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن الطاقات الجديدة والمتجددة تمثل اليوم ما بين 20 إلى 25% من إجمالي الطاقة المولدة في مصر، وتشمل الطاقة المائية من السد العالي والقناطر، إلى جانب الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وأوضح أن المتوسط الحالي يبلغ نحو 22%، بينما كان الهدف السابق الوصول إلى 42% بحلول عام 2030. وكشف عن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتبكير هذا التوقيت، ليس فقط لمواكبة التغيرات المناخية، بل لزيادة مساهمة هذه المصادر في تخفيض استهلاك الغاز الطبيعي الموجه لإنتاج الكهرباء، ومن ثم توجيه الغاز الفائض للصناعات أو التصدير. تهدف هذه الرؤية إلى توفير الغاز وجذب المزيد من الشركات العالمية لإقامة مصانع جديدة وتوسيع المصانع القائمة.

اقرأ أيضًا: قبول جامعي غير متوقع.. رابط نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة 2025 متاح الآن

تطوير قطاع البترول وجذب الشركاء الأجانب

نوه رئيس الوزراء إلى أن المستثمرين يطلبون التأكيد على استدامة الطاقة والغاز الطبيعي، مما يمكنهم من ضخ المزيد من الاستثمارات في العديد من القطاعات. وأكد أن هذا يتوافق مع رؤية الدولة المصرية للإسراع في تنفيذ مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، إلى جانب زيادة وعودة إنتاجية الحقول المصرية من الغاز والبترول.

وفيما يتعلق بسداد مستحقات الشركاء الأجانب في قطاع البترول، أشار مدبولي إلى أن هذه المستحقات انخفضت إلى النصف، مع استهداف سداد المزيد بنهاية العام الجاري. وأوضح أن انتظام هذا القطاع أسهم في اجتذاب العديد من الشركاء الأجانب لإجراء مزيد من عمليات البحث والاستكشاف، مما أدى إلى إعلانات متزايدة عن استكشافات جديدة تساهم في تخفيض فاتورة الاستيراد. وأكد تأمين احتياجات مصر من الغاز ومصادر الطاقة الأخرى حتى السنوات الخمس القادمة، من خلال استقدام سفن التغييز وزيادة إنتاج الحقول الطبيعية، مع تصور واضح للعودة التدريجية للمعدلات الكبيرة خلال الفترة القادمة.

اقرأ أيضًا: بشرى سارة.. جامعة أسيوط تعلن إعفاء أبناء الشهداء والمصابين من المصروفات الدراسية

استراتيجية وطنية لخفض الدين العام والخارجي

تطرق رئيس الوزراء مجددًا إلى “السردية الوطنية” لتنمية الاقتصاد المصري، موضحًا أنها تضع رؤية متكاملة لمختلف القطاعات الاقتصادية، وتنتهي بمستهدفات كمية سيتم العمل على تحقيقها. وأشار إلى أنه تم وضع ثلاثة سيناريوهات للأوضاع والتغيرات المستقبلية:

  • السيناريو الأول: يتعلق بالوضع الحالي.
  • السيناريو الثاني: يمثل سيناريو طموح.
  • السيناريو الثالث: سيناريو متحفظ يرتبط بالظروف الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط، ولا علاقة له بالداخل المصري.

وأكد أن الدولة المصرية تستهدف ضمن رؤيتها الاقتصادية معالجة ملف الدين الذي يشغل بال المواطن، سواء الدين العام أو الدين الخارجي، والعمل على توجيهه نحو المسار النزولي خلال السنوات الخمس القادمة، والوصول قبل حلول هذه السنوات إلى أدنى أرقام ومعدلات شهدتها الدولة المصرية في ملف الدين.