اكتشاف جديد.. صناعة الحديد في بريطانيا لم تنهار بعد رحيل الرومان | هكذا صمدت أمام تحديات التاريخ

كشفت دراسة حديثة لجامعة كامبريدج أن صناعة الحديد في بريطانيا لم تشهد انهيارًا فوريًا بعد رحيل الرومان في عام 400 ميلادي، بل استمرت وازدهرت لقرون لاحقة، خاصة خلال عصر الفايكنج. هذه النتائج تدحض الاعتقاد السائد بأن البلاد دخلت عصرًا صناعيًا مظلمًا بمجرد انسحاب الإمبراطورية الرومانية.

دراسة كامبريدج تعيد كتابة تاريخ صناعة الحديد البريطانية

أكد البروفيسور مارتن ميليت من جامعة كامبريدج أن هذا الاكتشاف الجديد يعيد تشكيل فهمنا للفترة التي تلت رحيل الرومان عن بريطانيا، ويبدد الفكرة الراسخة بأن النشاط الصناعي قد توقف تمامًا. فقد حافظت بريطانيا على حيويتها الصناعية لفترة أطول بكثير مما كان متوقعًا، مما يسلط الضوء على استمرارية اقتصادية لم تكن معروفة من قبل.

كيف كشفت الأبحاث استمرارية النشاط الصناعي في بريطانيا؟

اعتمدت الدراسة على تحليل عينات رسوبية دقيقة مأخوذة من منطقة ألدبورو في مقاطعة يوركشاير، وهي منطقة كانت مركزًا رومانيًا مهمًا لصهر المعادن. أظهر التحليل أن صناعة الحديد لم تتراجع مباشرة بعد مغادرة الجيوش الرومانية، بل استمرت بقوة حتى حوالي عام 600 ميلادي. هذا يشير إلى أن بريطانيا حافظت على قدراتها التصنيعية لفترة طويلة بعد انسحاب الرومان.

مسيرة صناعة الحديد بعد الرومان: من الاستمرارية إلى الازدهار في عصر الفايكنج

بعد فترة الاستمرارية حتى عام 600 ميلادي، شهدت صناعة الحديد في بريطانيا انهيارًا مفاجئًا غير مفسر خلال تلك الفترة. تشير بعض التكهنات التاريخية إلى أن موجات الطاعون والجدري التي اجتاحت القارة الأوروبية في ذلك الوقت ربما تكون قد لعبت دورًا في هذا التدهور. ومع ذلك، عاد إنتاج الحديد والرصاص للازدهار بشكل ملحوظ في القرن الثامن الميلادي، تزامنًا مع فترة حكم الفايكنج، واستمر هذا النشاط الصناعي المزدهر حتى القرن العاشر. ورغم انخفاض لاحق، شهدت صناعة الحديد موجات متقطعة من الصعود والهبوط حتى القرنين الثاني عشر والثالث عشر، مما يؤكد مرونة الاقتصاد البريطاني القديم.

دلالات الاكتشاف: تحدي مفهوم “العصور المظلمة” صناعيًا

تُقدم هذه الدراسة رؤى قيمة حول مدى استمرارية صناعة الحديد في بريطانيا بعد الانسحاب الروماني، وتُعزز فهمنا للاقتصاد البريطاني في فترة ما بعد الإمبراطورية الرومانية. فالنتائج تُشير إلى أن بريطانيا لم تدخل “عصورًا مظلمة” صناعيًا بالمعنى المتوقع، بل حافظت على قدرات إنتاجية مهمة، وشهدت فترة ازدهار ملحوظة في صناعة المعادن خلال عصر الفايكنج. هذا يسلط الضوء على ضرورة إعادة تقييم الفهم التقليدي لتاريخ الاقتصاد البريطاني في تلك الفترة الزمنية.