لم تكن لاعبة ولا مدربة.. فكيف حسمت امرأة مصير مباراة الهلال والقادسية؟
شهد دوري روشن السعودي للمحترفين لحظة تاريخية فارقة بحضور الحكمة الإسبانية إليانا فيرنانديز كمساعِدة حكم في مباراة الهلال والقادسية التي انتهت بالتعادل الإيجابي (2-2) على ملعب المملكة أرينا بالرياض. لم تكن هذه المشاركة مجرد حدث رياضي عابر، بل شكلت رسالة قوية حول تمكين المرأة والكفاءة في عالم كرة القدم، وأعادت تعريف مفهوم التحكيم في الملاعب العربية.
إليانا فيرنانديز تشعل تفاعلاً جماهيرياً واسعاً
لم يقتصر اهتمام الجماهير على مجريات المباراة ونتيجتها، بل تحول التركيز إلى الحكمة إليانا فيرنانديز، التي أدت دورها بدقة وثقة لافتة. امتلأت منصات التواصل الاجتماعي، مثل تويتر وإنستغرام وتيك توك، بصورها ومقاطع فيديو لقراراتها الدقيقة. سرعان ما تصدر وسم “#إليانا_فرنانديز” قائمة الأكثر تداولًا في المملكة لساعات، ما يعكس التفاعل غير المسبوق مع حضورها. علق أحد المشجعين بحماس قائلًا: “لم أكن أتوقع أن أرى امرأة تتحكم في مجريات مباراة بهذا المستوى، إليانا تُظهر أن الكفاءة لا تعرف جنسًا”. وتجاوزت منشورات مقارنة أدائها بحكام رجال حاجز 1.2 مليون تفاعل، لتصبح صورتها من الأكثر مشاركة في تاريخ الدوري السعودي للمحترفين.
من هي إليانا فيرنانديز؟ مسيرة حافلة في التحكيم الكروي
وُلدت الحكمة إليانا فيرنانديز في مدينة أوفييدو الإسبانية عام 1990، وبدأت مسيرتها في التحكيم عام 2006 وهي في السادسة عشرة من عمرها، بعدما لفتت موهبتها انتباه لجنة تحكيم محلية. تدرجت فيرنانديز في الفئات التحكيمية المختلفة، وفي عام 2022 أصبحت ثاني امرأة في تاريخ إسبانيا تُعيّن كمساعِدة حكم في دوري الدرجة الأولى الإسباني (لا ليغا)، وهو إنجاز نادر يُعد شرفًا وطنيًا في بلد يعد مهد كرة القدم العالمية. ومنذ عام 2019، انضمت إليانا لقائمة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) الدولية، ما أهلها للمشاركة في كبرى البطولات العالمية.
شاركت إليانا فيرنانديز في عدد من البطولات المرموقة، أبرزها:
- كأس العالم للسيدات تحت 20 عامًا 2022 في كوستاريكا، حيث كانت من الحكام الأساسيين في مباريات المرحلة النهائية.
- دوري أبطال أوروبا للسيدات 2022/2023، وأدارت مباريات مهمة في مرحلة المجموعات.
- بطولة الأمم الأوروبية للسيدات (UEFA Women’s Euro) عام 2022، وساعدت في إدارتها بأعلى معايير الدقة والحيادية.
رسالة الملعب: تعزيز التنوع والكفاءة في الرياضة
بحسب مصدر رسمي من الاتحاد السعودي لكرة القدم، جاء اختيار فيرنانديز ضمن خطة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التنوع والكفاءة في مجال التحكيم، واستقطاب الخبرات العالمية لرفع مستوى الأداء الفني في الدوري. وأشار المصدر إلى أن إليانا “مرشحة بامتياز” للعمل في مباريات قادمة ضمن المسابقات المحلية. يرى المحللون أن الرسالة الأعمق من وجود إليانا ليست مجرد توظيف أو تقييم فني، بل هي رمزية قوية: فمشاركة امرأة إسبانية تؤدي مهنتها متابعةقة في قلب الملاعب السعودية تمثل نقلة نوعية في تقبل المجتمع لدور المرأة في أدوار قيادية وفنية خارج السياقات التقليدية.
تصريح مؤثر لإليانا فيرنانديز: “أنا حكمة وليست مجرد امرأة”
وفي مقابلة قصيرة بعد المباراة، قالت إليانا فيرنانديز عبر مترجمها الرسمي: “أنا لا أشعر أنني ‘المرأة الوحيدة’ هنا، بل أشعر أنني ‘الحكم’ هنا. هذا هو كل ما يهم. أنا فخورة بأن أكون جزءًا من هذا اللقاء، وأتمنى أن يكون وجودي مصدر إلهام لأي فتاة ترغب في ارتداء زي الحكم، سواء في إسبانيا أو السعودية أو أي مكان في العالم”.
إليانا فيرنانديز: نقطة تحول نحو رؤية 2030 وتمكين المرأة
قد لا يتذكر الجميع نتيجة التعادل (2-2) في هذه المباراة، لكن لحظة دخول إليانا فيرنانديز إلى الملعب ستظل محفورة في الذاكرة. فقد أعادت تعريف مفهوم “الاختصاص” و”الكفاءة” في كرة القدم، لتثبت أن الإنجاز لا يُقاس بالجنس، بل بالقدرة والشجاعة والثقة التي لا تُقهر. وفي ظل توجهات رؤية السعودية 2030 التي تركز على تمكين المرأة وفتح المجال أمامها في كافة القطاعات، فإن هذه المباراة قد تكون نقطة تحول حقيقية، ليس فقط في دوري روشن، بل في تاريخ كرة القدم العربية بأسرها، وتلهم أجيالاً قادمة من الفتيات للمشاركة في الرياضة والتحكيم الكروي.