جانب خفي من حياة الكوميديان.. في ذكرى ميلاد رياض القصبجي: الوجه المأساوي لـ”الشاويش عطية” الذي أضحك الملايين
اليوم تحل ذكرى ميلاد الفنان الكبير رياض القصبجي، الاسم الخالد في وجدان الجمهور بشخصية “الشاويش عطية”، والذي نجح في تكوين واحد من أشهر الثنائيات الكوميدية مع نجم الكوميديا إسماعيل ياسين. وبرغم مسيرته الفنية الحافلة بالنجاحات، حملت نهاية حياته مأساة مؤلمة ما زالت تثير التساؤلات حتى بعد رحيله حول كيف انتهت رحلة الضحك في صمت ووجع؟
رياض القصبجي: من موظف سكة حديد إلى نجم الكوميديا المصرية
في ذكرى ميلاد رياض القصبجي، نستعرض بداياته المتواضعة التي لم تبدأ على خشبة المسرح مباشرة، بل عمل في البداية موظفًا بسيطًا بهيئة السكة الحديد “كمساري”. ومع ذلك، لم يمنعه شغفه وموهبته الفنية من الانضمام إلى جماعة التمثيل الخاصة بالهيئة، ليجد بذلك الشرارة الأولى لمسيرته الفنية. من هناك، التحق بفرقة أحمد الشامي المسرحية، ثم تنقل بين كبار الفرق المسرحية في عصره، مثل فرق علي الكسار وجورج أبيض ودولت أبيض. كانت فرصته الذهبية الحقيقية حين وجد طريقه إلى السينما، ليشارك إلى جانب إسماعيل ياسين. هذا الانتقال من وظيفة روتينية إلى عالم الأضواء عكس إصرارًا كبيرًا ورغبة قوية في أن يكون جزءًا من الفن الذي عشقه منذ صغره، وفي سنوات قليلة، أصبح القصبجي اسمًا مألوفًا ومحبوبًا في بيوت المصريين، سواء في المسرح أو على شاشات السينما.
الشاويش عطية: أيقونة الكوميديا وشريك إسماعيل ياسين
ارتبط اسم الفنان رياض القصبجي ارتباطًا وثيقًا بشخصية “الشاويش عطية”، التي جسدها في عشرات الأفلام برفقة إسماعيل ياسين. حتى أن الجمهور صار يناديه بهذا اللقب أكثر من اسمه الحقيقي. شخصية الشاويش البسيط والطيب، الذي يقع في مواقف كوميدية لا تُنسى، جعلت منه رمزًا للضحك الشعبي الأصيل. قدم القصبجي مع إسماعيل ياسين سلسلة من أنجح الأفلام التي ما زالت تُعرض حتى اليوم، ومن أبرزها:
- إسماعيل ياسين في الجيش
- إسماعيل ياسين في البوليس السري
- إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين
- إسماعيل ياسين في الطيران
- إسماعيل ياسين في الأسطول
- ابن حميدو
- العتبة الخضراء
- شارع الحب
- لوكاندة المفاجآت
من فرط النجاح، أصبح ثنائي إسماعيل ياسين ورياض القصبجي بمثابة خلطة سحرية لا غنى عنها في أي عمل كوميدي، لتخلو منها معظم الأفلام.
رياض القصبجي
مأساة رياض القصبجي: القطيعة المؤلمة مع رفيق دربه إسماعيل ياسين
على الرغم من النجاح الساحق الذي حققه الثنائي، انتهت علاقة رياض القصبجي بإسماعيل ياسين بشكل صادم ومؤلم. فقد روى نجله فتحي القصبجي أن والده أصيب بالشلل النصفي نتيجة لارتفاع حاد في ضغط الدم، وظل يعاني من المرض لسنوات طويلة. وخلال هذه الفترة الصعبة، قام عدد من الفنانين بزيارته والاطمئنان عليه، مثل نور الدمرداش وتوفيق الدقن، بالإضافة إلى الفنان فريد شوقي الذي كان يجلب لهم الطعام بنفسه. لكن الصدمة الكبرى تمثلت في غياب إسماعيل ياسين التام، فلم يزره ولو لمرة واحدة، ولم يحضر حتى مراسم عزائه بعد وفاته. كلمات فتحي القصبجي التي قال فيها “أبي كان يسأل: هو أنا عملت فيك إيه يا إسماعيل؟ إحنا كنا إخوات. طب تعالى زورني وأنا عيان” تلخص حجم الألم النفسي العميق الذي عاشه الفنان الكبير، عندما غاب أقرب أصدقائه ورفيق دربه في لحظات ضعفه ومرضه.
رياض القصبجي
الوداع الأخير: رياض القصبجي يصارع المرض ودموعه تسقط أمام الكاميرا
من اللحظات المؤثرة في حياة رياض القصبجي، دعاه المخرج حسن الإمام في سنواته الأخيرة لدور في فيلم “الخطايا” أمام الفنان عبد الحليم حافظ. وصل القصبجي إلى موقع التصوير متكئًا على أحد أقاربه، وكانت حالته الصحية متدهورة للغاية. حاول الوقوف أمام الكاميرا لتأدية دوره، لكنه سقط باكيًا كالطفل، غير قادر على استكمال المشهد. كان ذلك المشهد بمثابة وداع حزين بينه وبين الفن الذي أحبه، فقد كانت تلك هي آخر مرة يظهر فيها أمام الكاميرا. بعد ذلك، استمر صراعه مع المرض حتى رحل عن عالمنا في 23 أبريل عام 1963، عن عمر ناهز 59 عامًا. والأكثر مأساوية، أن أسرته لم تكن تملك تكاليف جنازته، فظل جثمانه في الفراش حتى تكفل أحد المنتجين بدفع المصاريف اللازمة.
رياض القصبجي
الحياة الشخصية للفنان رياض القصبجي: أب عطوف خلف ابتسامة الشاويش
تزوج رياض القصبجي مرتين في حياته، ورُزق بولدين. الأول هو محمود، المعروف باسم “فايق”، من زوجته الأولى. والثاني هو فتحي، من زوجته الثانية. ورغم انشغاله الدائم بعالم الفن والتمثيل، ظل أبًا عطوفًا ومحبًا لأولاده، يسعى دائمًا لتأمين مستقبلهم. لكنه لم يتوقع أن المرض سيخطف منه الابتسامة التي وهبها لملايين الناس عبر شاشات السينما والمسرح.