تحول كبير.. تراجع الدولار يغير قواعد السياسات التسعيرية للشركات | هل تنخفض الأسعار؟

تراجع ملحوظ في سعر الدولار أمام الجنيه المصري خلال اليومين الماضيين يُبشّر بتخفيضات مرتقبة في أسعار السلع المستوردة، لا سيما قطاع السيارات والأجهزة الإلكترونية والمواد الخام. هذا الانخفاض يعكس استقرارًا محتملًا في السوق المصري، مما يفتح الباب أمام إعادة تقييم شاملة للأسعار ويعيد الأمل للمستهلكين في الحصول على منتجات بأسعار أكثر تنافسية بعد فترة طويلة من التذبذبات.

تخفيضات كبرى تهز أسعار السيارات في السوق المصري

أكد محمد مصطفى، رئيس مجلس إدارة شركة إكستريم أوتو للسيارات، أن التخفيضات السعرية الأخيرة التي يشهدها سوق السيارات المصري تأتي كجزء من استراتيجيات الوكلاء لمعالجة تقلبات الأسعار السابقة. وأشار إلى أن تراجع سعر الدولار سيدفع أسعار السيارات لمزيد من الانخفاض خلال الفترة القادمة، مما أدى بالفعل إلى زيادة ملحوظة في مبيعات السيارات وساعد الشركات على استعادة قدرتها التنافسية. خلال شهري أغسطس وسبتمبر، تراجعت أسعار حوالي 40 سيارة جديدة بنسب تتراوح بين 6.5% و25%، مدفوعة بتحركات السوق والمنافسة الشديدة بين الوكلاء.

من أبرز السيارات التي شهدت انخفاضاً في الأسعار “شيري” و”شيفروليه” و”جيتور” و”هيونداي” و”هافال” و”إم جي” و”كوبرا” و”سيات” و”ميتسوبيشي”، حيث تصدرت العلامات التجارية الصينية قائمة التخفيضات.

في المقابل، شهدت بعض الطرازات ارتفاعاً في أسعارها، كما يوضح الجدول التالي:

تأثير تراجع الدولار على أسعار السلع المستوردة بشكل عام

يؤكد منتصر زيتون، عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن تراجع سعر الدولار يعد خطوة إيجابية نحو استقرار السوق وعودة حركة البيع والشراء. هذا الانخفاض يسهم مباشرة في إعادة تسعير السيارات، خاصة الطرازات المستوردة، وتراجع تكاليف الإنتاج والاستيراد للعلامات الصينية يجعلها أول المتأثرين بهذه التغيرات. تشهد الأسواق حالة من الترقب، حيث بدأ بعض الوكلاء في طرح عروض ترويجية لتصريف المخزون استعداداً لوصول دفعات جديدة بأسعار متناسبة مع سعر الدولار المنخفض.

من جانبه، يرى شريف الصياد، رئيس مجلس إدارة مجموعة تريدكو للصناعات الهندسية، أن استقرار السوق وتراجع الفجوة بين الصادرات والواردات، بالإضافة إلى الزيادة في تحويلات المصريين بالخارج، هي الأسباب الرئيسية وراء انخفاض الأسعار. ويتوقع أن يستمر هذا التراجع، مما سيدفع الشركات لإعادة النظر في سياساتها التسعيرية. أيمن العشري، رئيس غرفة القاهرة التجارية، يتفق مع هذا الرأي، مشيرًا إلى أن انخفاض الدولار مؤشر إيجابي للتجار والمصنعين لخفض أسعارهم، وأن تأثيرات ذلك ستظهر على أسعار المنتجات خلال شهر، خاصة مع مبادرات الحكومة لخفض الأسعار ومعارض “أهلاً مدارس” التي أشعلت المنافسة.

متى سيلمس المستهلك انخفاض أسعار السلع الأخرى؟

قال مصطفى المكاوي، عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية، إن المستهلك سيبدأ في لمس انخفاض الأسعار بشكل ملموس خلال ثلاثة أشهر تقريبًا. هذا التوقيت يتماشى مع تجديد الدورة الإنتاجية ودخول خامات جديدة بالأسعار المنخفضة الحالية للدولار، والذي يتداول الآن دون 48 جنيهًا في بعض البنوك. وأكد المكاوي أن هذا الانخفاض سينعش الاستثمارات المحلية ويعزز حركة التجارة، ويجبر المستوردين والصناع والتجار على إعادة النظر في سياسات التسعير وفقًا للتكاليف الجديدة.

بدوره، أوضح مجد الدين المنزلاوي، رئيس مجلس إدارة طيبة المنزلاوي جروب، أن تراجع الدولار يمنح الشركات والمصانع فرصة لمراجعة أسعار منتجاتها، خاصة التي تعتمد على مكونات مستوردة. ورغم أن التأثير لن يكون فوريًا بسبب اختلاف دورات الإنتاج، إلا أن بعض الشركات قد تستفيد سريعاً من انخفاض تكاليف الاستيراد عبر طرح عروض ترويجية مؤقتة.

فرص استثمارية وتفاوضية جديدة

صرح طارق عابدين، رئيس مجلس إدارة عابدين للأواني المنزلية، أن استمرار تراجع سعر الدولار يحفز الشركات على الاستثمار في استيراد معدات جديدة وتوسيع طاقتها الإنتاجية. وأشار إلى أن انخفاض العملة الأمريكية يفتح آفاقاً أوسع للتفاوض مع الموردين في الخارج للحصول على شروط سداد أكثر مرونة، مما يعزز قدرة الشركات على المنافسة في السوق المحلي. وأكد أن شركته بدأت بالفعل في مراجعة أسعار بعض خطوط الإنتاج، خاصة المنتجات التي تعتمد على خامات مستوردة، لتقديم أسعار أكثر ملاءمة للمستهلكين.

توقعات لمستقبل سعر الدولار والجنيه المصري

يرى بركات صفا، رئيس مجلس إدارة البركات لألعاب الأطفال، أن التراجع الأخير في سعر صرف الدولار يمثل مؤشراً هاماً، وأن أي انخفاض جديد سينعكس مباشرة على سياسات التسعير. وتوقع صفا أن المؤشرات الحالية قد تدفع الدولار نحو 40 جنيهاً أو أقل خلال الشهر الحالي، مما يمنح المستهلكين فرصة للحصول على منتجات بأسعار أفضل وينعش المبيعات بفضل تحسن القدرة الشرائية.

من ناحية أخرى، أرجعت سالي ميخائيل، رئيس استراتيجيات ورئيس قسم البحوث بشركة تايكون للوساطة في الأوراق المالية، تراجع سعر الدولار إلى وفرة المعروض من العملة الأجنبية في السوق المصري. وعزت ذلك إلى تدفقات استثمارية خليجية متنوعة، منها استثمارات قطرية متوقعة بقيمة 7.5 مليار دولار، واستثمارات إماراتية محتملة قد تصل إلى 35 مليار دولار، بما في ذلك مشروع مراسي ريد بتكلفة 18 مليار دولار. كما أشارت إلى إيرادات دولارية من استثمارات كويتية في رأس شقير وزيادة الأصول الأجنبية لدى البنوك المصرية.

ولكن ميخائيل توقعت معاودة ارتفاع سعر الصرف حول مستويات 50 جنيهاً، مع احتمالية حدوث تذبذبات محدودة لا تتجاوز 55 جنيهاً كحد أقصى.

كتبت – سهيلة محمد: