لأول مرة في التاريخ؟ منتخب جزر القمر وحلم مونديال 2026

قلب منتخب جزر القمر الملقب بـ”السيلاكانث” الطاولة على كبار المنتخبات الأفريقية، ليصبح منافسًا قويًا على بطاقة التأهل لكأس العالم 2026. تحت قيادة المدرب الإيطالي ستيفانو كوزين، تحول الفريق من منتخب متواضع إلى قوة كروية تفرض احترامها، محققًا انتصارات مدوية في التصفيات العالمية والقارية، ورافعًا آمال جماهيره بحلم المونديال.

جزر القمر تقلب التوقعات في تصفيات مونديال 2026

كانت تصفيات كأس العالم 2026 مسرحًا لبزوغ نجم منتخب جزر القمر بشكل لافت. حقق الفريق انتصارًا ثمينًا على غانا بهدف نظيف، تلاه فوز مهم على جمهورية إفريقيا الوسطى بهدفين دون رد في الجولة الثامنة. هذه النتائج الاستثنائية دفعت “السيلاكانث” للمركز الثاني في مجموعته، بفارق نقطة واحدة فقط عن غانا المتصدرة، ما يعزز بقوة آمال التأهل المباشر إلى المونديال، بالإضافة إلى إمكانية المنافسة على بطاقة عبر الملحق القاري. هذه الانتصارات لم تأتِ من فراغ، بل هي نتاج تخطيط فني محكم وتنظيم دفاعي صارم، مدعوم بحيوية هجومية يقودها لاعبون شباب يمتلكون طموحًا كبيرًا ورغبة في إثبات الذات على الساحة العالمية.

تألق قاري مستمر: إنجازات جزر القمر الأفريقية

لم يقتصر تألق منتخب جزر القمر على تصفيات المونديال فحسب، بل امتد ليشمل التصفيات القارية أيضًا. ففي تصفيات كأس أمم إفريقيا 2025، تصدر “السيلاكانث” مجموعته دون أي هزيمة، محققًا فوزًا تاريخيًا على تونس بهدف نظيف. هذا الانتصار المثير أشعل أصداءً واسعة في القارة الأفريقية، وأسهم في رحيل مدرب “نسور قرطاج”. ولم تتوقف المسيرة الذهبية عند هذا الحد، إذ توج منتخب جزر القمر بالميدالية البرونزية في كأس كوسافا 2025 لأول مرة في تاريخه، بعد فوز مستحق على مدغشقر، ليؤكد بذلك أن الفريق بات رقمًا صعبًا ومنافسًا حقيقيًا على المستويين الإقليمي والقاري.

قفزة تاريخية في تصنيف الفيفا وتقدير عالمي

انعكست هذه النجاحات المتتالية بسرعة في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”. قفز منتخب جزر القمر عشرة مراكز كاملة، ليضع نفسه ضمن مصاف المنتخبات الأفريقية الصاعدة بقوة ويثبت جدارته. لم تمر هذه الطفرة الملحوظة دون اهتمام من المحللين العالميين، الذين وصفوا ما يحدث بأنه “معجزة كروية” حقيقية. يرى الكثيرون أن مسيرة جزر القمر تستحق أن تُدرّس كنموذج رائد في كيفية إدارة الموارد البشرية والفنية في عالم كرة القدم، وتحقيق إنجازات كبيرة بإمكانيات متواضعة نسبيًا.

ستيفانو كوزين: مهندس النهضة الكروية لـ “السيلاكانث”

خلف هذا الإنجاز الكروي التاريخي، يقف المدرب الإيطالي ستيفانو كوزين، الذي أحدث ثورة تكتيكية حقيقية في أداء منتخب جزر القمر. عرف الرجل كيف يوازن ببراعة بين عناصر الخبرة والوجوه الجديدة في الفريق. اعتمد كوزين على لاعبين موهوبين مثل علي أبوبكر وعادل محمود، إلى جانب قادة مخضرمين، لينجح في بناء فريق متماسك يلعب بروح جماعية عالية لا تعرف الاستسلام. أسلوب كوزين القائم على الضغط العالي والتنظيم الدفاعي المرن، منح الفريق شخصية قوية وثقة بالنفس، مما مكنهم من الوقوف بندية أمام كبار المنتخبات. كما أعاد الثقة إلى جماهير جزر القمر التي باتت ترى أن حلم التأهل للمونديال لم يعد بعيد المنال.

جماهير جزر القمر تحلم بالمونديال وتعيش لحظات استثنائية

في شوارع جزر القمر وفي المدرجات، تعيش الجماهير لحظات استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. الاحتفالات بالفوز التاريخي على غانا لم تهدأ لأيام، وأصبح الحديث عن “مونديال 2026” موضوعًا يوميًا يشغل أحاديث الناس في المقاهي ووسائل الإعلام المحلية. تعكس حالة التفاؤل الجماهيري هذه حجم التغيير الإيجابي العميق الذي أحدثه المنتخب في وجدان الشعب. لقد تحولت كرة القدم في جزر القمر إلى رمز لوحدة وطنية جديدة، وملهم للأجيال الصاعدة.

نحو إنجاز غير مسبوق: الطريق إلى كأس العالم

مع بقاء جولات حاسمة ومصيرية في التصفيات، أصبح حلم التأهل إلى كأس العالم أقرب من أي وقت مضى لمنتخب جزر القمر. إذا نجح “السيلاكانث” في انتزاع بطاقة التأهل، فإن ذلك سيمثل إنجازًا تاريخيًا غير مسبوق. لن يكون هذا الإنجاز ذا أهمية لجزر القمر وحدها، بل للقارة الأفريقية بأكملها. ستضيف القارة السمراء اسمًا جديدًا ومثيرًا إلى قائمة ممثليها في أكبر حدث كروي عالمي، مؤكدة على أن الطموح والإصرار يمكن أن يصنعا المعجزات في كرة القدم.