معركة إعلامية جديدة في إسبانيا.. ما قصة هتاف جماهير ريال مدريد لماستانتونو الذي أثار الجدل؟
شهد ملعب سانتياجو برنابيو جدلاً واسعاً بعد فوز ريال مدريد الأخير، إثر هتاف بعض المشجعين باسم الوافد الجديد فرانكو ماستانتونو بكلمة “فرانكو”. هذا الهتاف أثار حساسية تاريخية عميقة في إسبانيا، نظراً لارتباط الاسم بالجنرال الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو، ما أعاد تسليط الضوء على قضايا تاريخية وسياسية معقدة في الساحة الرياضية الإسبانية.
فرانكو ماستانتونو: موهبة صاعدة بصفقة مثيرة للجدل
أثار المهاجم الشاب فرانكو ماستانتونو، البالغ من العمر 18 عامًا، إعجاب جماهير ريال مدريد بأدائه المميز منذ انضمامه للفريق. وقد تجلى ذلك في أول ظهور له كبديل أمام أوساسونا، ثم خلال فوز ريال مدريد على ريال مايوركا بنتيجة 2-1، حيث غنى المشجعون باسمه.
توضح البيانات المالية لصفقة انتقال فرانكو ماستانتونو من ناديه السابق ما يلي:
اللاعب | النادي المنضم إليه | قيمة الصفقة |
فرانكو ماستانتونو | ريال مدريد | 63.2 مليون يورو |
حساسية اسم “فرانكو” وتأثيره التاريخي في إسبانيا
يثير أي ذكر لاسم “فرانكو” جدلاً واسعاً في إسبانيا بسبب ارتباطه المباشر بفرانسيسكو فرانكو، الجنرال الذي قاد الانقلاب العسكري عام 1936، وأشعل بذلك فتيل الحرب الأهلية الإسبانية المدمرة. بعد انتهاء الحرب، حكم فرانكو البلاد كديكتاتور لمدة 36 عاماً حتى وفاته في عام 1975، تاركاً وراءه إرثاً تاريخياً معقداً ومثيراً للانقسام حتى يومنا هذا.
إعلام كتالونيا يهاجم وهتافات البرنابيو تشعل النقاش
سارعت وسائل إعلام كتالونية بارزة، مثل “موندو ديبورتيفو” و”سبورت”، إلى استغلال هتاف “فرانكو” لمهاجمة ريال مدريد، مستهدفة بشكل أساسي جماهير برشلونة. وفي المقابل، دافع برنامج “التشيرينجيتو” التلفزيوني المدعوم من ريال مدريد عن الهتافات، حيث افتتح المذيع جوزيب بيدريرول بالقول إن “البرنابيو لديه بطل جديد، فرانكو”، رافضاً ربط اسم اللاعب الأرجنتيني بالأحداث التاريخية التي مضى عليها أكثر من أربعة عقود.
من جانب آخر، دعا موقع جماهيري معروف لريال مدريد يُدعى “لا جاليرنا” المشجعين إلى تجنب الجدل واقترح عليهم الهتاف باسم “ماستان” بدلاً من “فرانكو”، لتفادي “أوهام الافتراء” التي يروج لها المنتقدون. ورغم ذلك، بدا أن غالبية المعلقين في مدريد يرون أن من حق المشجعين مناداة لاعبيهم بالاسم الذي يختارونه دون الاكتراث لآراء الآخرين.
ريال مدريد يمنع طباعة أسماء معينة على القمصان
استمر الجدل ليصل إلى حد منع متجر ريال مدريد الإلكتروني طباعة أسماء معينة على قمصان النادي، ومن بينها اسم “فرانكو”. عند محاولة أي شخص طلب قميص يحمل هذا الاسم، تظهر رسالة تفيد بأن “هذا الاسم أو المصطلح غير متاح للتخصيص”.
تتضمن قائمة الأسماء المحظورة أسماء ديكتاتوريين آخرين في القرن العشرين، بالإضافة إلى أسماء بعض اللاعبين المرتبطين بنادي برشلونة الغريم التقليدي.
- الأسماء التاريخية والديكتاتورية: فرانكو، هتلر، ستالين، ماو، موسوليني.
- أسماء لاعبين مرتبطين ببرشلونة: ميسي، كرويف، ليفاندوفسكي، راشفورد.
رغم أن اللاعب نفسه يرتدي اسم “ماستانتونو” على قميصه مع ريال مدريد، كما كان يفعل سابقاً مع ريفر بليت ومنتخب الأرجنتين، إلا أن النقاش حول الاسم وصل إلى صفحات الصحف الإسبانية الكبرى.
تحليل خورخي فالدانو: هل هو سخرية أم حنين أيديولوجي؟
ساهم اللاعب والمدرب والمدير الرياضي السابق لريال مدريد، خورخي فالدانو، في النقاش العام حول هذا الجدل. وكتب فالدانو، وهو أرجنتيني يفهم جيداً مكانة ريال مدريد في الثقافة الكروية الإسبانية، في صحيفة “إل بايس” الإسبانية أن هتاف “فرانكو، فرانكو، فرانكو” أثار “عواقب تستحق تحليلاً أنثروبولوجيًا”.
وتساءل فالدانو عما إذا كان الهتاف مجرد مزحة ساخرة لطرد الأشباح التاريخية، أم أنه يحمل حنيناً أيديولوجياً خاصاً. واعتبر الحالة الثانية “نوعاً جديداً من الغباء” يعزز حجج “القبيلة المنافسة”، في إشارة إلى برشلونة ووسائل إعلامه.
“فريق النظام”: اتهامات برشلونة تعود إلى الواجهة
استغل بعض الأطراف في برشلونة هذا الجدل لإعادة وصف ريال مدريد بـ”فريق النظام”، وهو اتهام تاريخي قديم عاد إلى الواجهة بقوة على لسان رئيس برشلونة، خوان لابورتا، في أبريل 2023.
صرح لابورتا بأن “ريال مدريد كان تاريخياً الفريق المفضل في القرارات التحكيمية، وكان فريق النظام، قريباً من السلطة السياسية والاقتصادية والرياضية لمدة 70 عاماً”.
جاءت تصريحات لابورتا هذه في مؤتمر صحفي عقده لتوضيح مدفوعات ناديه التي بلغت أكثر من 7 ملايين يورو بين عامي 2001 و2018 لشركات يملكها خوسيه ماريا إنريكيز نيجريرا، نائب رئيس لجنة الحكام الإسبانية السابق. وبينما أكد برشلونة أن هذه المدفوعات كانت مقابل خدمات استكشافية وفنية مشروعة حول التحكيم، زعم الادعاء العام أن النادي الكتالوني كان يسعى لشراء ودّ الحكام، وهو ما نفاه برشلونة بشدة.
ردت إدارة ريال مدريد على تصريحات لابورتا بمتابعة فيديو عبر قناتها التلفزيونية يظهر فيه الجنرال فرانكو وهو يجتمع بمسؤولي برشلونة، وانتهى الفيديو باقتباس للرئيس الأسطوري لريال مدريد، سانتياجو برنابيو، الذي عبر عن غضبه من وصف ريال مدريد بـ”فريق النظام”.
وفي سياق متصل، أصبحت هتافات “نيجريرا، نيجريرا” شائعة في ملعب البرنابيو، خاصة بعد القرارات التحكيمية المثيرة للجدل أو إلغاء أهداف للفريق بتقنية الفيديو، كما حدث مؤخراً في مباراة مايوركا.
صمت ماستانتونو وكارلو أنشيلوتي يقلل من شأن الجدل
لم يعلق اللاعب فرانكو ماستانتونو على الهتافات التي حملت اسمه، بينما سعى المدير الفني لريال مدريد، كارلو أنشيلوتي، إلى التقليل من أهمية الجدل عند سؤاله عن الموضوع.
أكد أنشيلوتي على تركيزه على أداء اللاعب قائلاً: “أنا أركز فقط على اللاعب، وأرى فرانكو يتدرب بشكل جيد جداً، ويندمج بشكل ممتاز مع زملائه في الفريق. عندما أراه مبتسماً، لا يقلقني أي شيء”.