زجاجة مياه لكل محادثة.. الذكاء الاصطناعي يكشف عن فاتورته الخفية للماء | تفاصيل استهلاك عمالقة التقنية

خلف الواجهات الرقمية السلسة التي تقدمها نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT، تكمن تكلفة بيئية هائلة وغير متوقعة، تتمثل في استهلاك كميات ضخمة من المياه العذبة. تكشف الدراسات الحديثة أن التفاعلات الرقمية البسيطة مع هذه الأنظمة تترك بصمة مائية كبيرة، مما يثير تساؤلات جدية حول استدامة النمو المتسارع لقطاع الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الموارد الطبيعية.

الذكاء الاصطناعي: عطش خفي يستهلك مياه الكوكب

في الوقت الذي تتسابق فيه كبرى شركات التكنولوجيا لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر قوة وذكاءً، تتزايد التقارير التي تسلط الضوء على استهلاكها للمياه. تشير التقديرات إلى أن كل محادثة بسيطة تتراوح بين عشرين إلى خمسين سؤالاً وجواباً مع روبوت محادثة متقدم يمكن أن تستهلك ما يقرب من نصف لتر من الماء. هذه الأرقام، التي قد تبدو صغيرة بمفردها، تتراكم لتشكل استنزافًا كبيرًا للموارد المائية نظرًا للمليارات من الاستفسارات التي تتم معالجتها يوميًا حول العالم.

اقرأ أيضًا: تردد قناة أون تايم سبورت الجديد 2025 على نايل سات وعرب سات.. الآن بين يديك

مراكز البيانات: محركات العطش الهائل للذكاء الاصطناعي

تكمن جذور مشكلة استهلاك المياه في البنية التحتية الضخمة التي تدعم ثورة الذكاء الاصطناعي: مراكز البيانات العملاقة. هذه المنشآت، التي تضم آلاف الخوادم ووحدات معالجة الرسوميات عالية الطاقة، تولد كميات هائلة من الحرارة أثناء عمليات تدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المعقدة. للحفاظ على تشغيل هذه المكونات في درجات حرارة مثالية وتجنب ارتفاع حرارتها، تعتمد معظم مراكز البيانات على أنظمة تبريد مكثفة تستخدم كميات ضخمة من المياه العذبة. يتم ضخ هذه المياه لامتصاص الحرارة ثم تبخيرها في أبراج التبريد، مما يؤدي إلى فقدان كبير للمياه.

من التدريب إلى الاستخدام اليومي: استهلاك متزايد للمياه

لا يقتصر استهلاك المياه على مرحلة الاستخدام اليومي أو ما يُعرف بـ”الاستدلال” فقط، بل إن مرحلة “التدريب” الأولية لهذه النماذج تستهلك كميات فلكية من الماء. على سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن عملية تدريب نموذج GPT-3 وحده استهلكت أكثر من سبعمئة ألف لتر من المياه العذبة. ومع أن عملية التدريب تحدث مرة واحدة لكل نموذج، فإن التوسع الهائل في تطوير نماذج جديدة وأكثر تعقيدًا يعني طلبًا مستمرًا على المياه. وقد كشفت تقارير الاستدامة الخاصة بالشركات نفسها عن أرقام مقلقة، حيث سجلت شركة مايكروسوفت، وهي مستثمر رئيسي في شركة OpenAI المطورة لـChatGPT، قفزة هائلة في استهلاكها للمياه بلغت أربعة وثلاثين بالمئة في عام واحد، وهو ما يُعزى بشكل مباشر إلى التوسع الكبير في عمليات الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضًا: أول مرة يتحدث.. علي رؤوف يكشف حقيقة ارتجال أغنية “أنا بشحت بالجيتار” وتوفيقها غير المتوقع

تحديات الاستدامة وضغط الموارد المائية المحلية

تتفاقم المشكلة عند الأخذ في الاعتبار مواقع إنشاء العديد من مراكز البيانات هذه، والتي غالبًا ما تكون في مناطق تعاني بالفعل من الإجهاد المائي أو تواجه تحديات الجفاف. هذا الوضع يخلق ضغطًا إضافيًا على الموارد المائية المحلية التي تعتمد عليها المجتمعات في الزراعة ومياه الشرب. هذه التداعيات تثير تساؤلات جدية حول استدامة النمو المتسارع لصناعة الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على الأمن المائي. وفيما تتجه بعض الشركات نحو البحث عن حلول مثل استخدام مياه البحر أو المياه المعاد تدويرها، فإن حجم التوسع في هذه الصناعة يفوق بكثير وتيرة تطبيق هذه الحلول المستدامة، مما يجعل “العطش الخفي” للذكاء الاصطناعي تحديًا بيئيًا كبيرًا يتطلب مواجهة مبتكرة وشفافية أكبر.

اقرأ أيضًا: محمد نور يفجر مفاجأة غير متوقعة حول اعتزاله التمثيل