تطور اقتصادي جديد.. هل تُغيّر الصين وجهة النفط؟ الأسواق تترقب الحسم بين فائض المعروض والطلب الصيني.

تترقب أسواق النفط العالمية بحذر شديد مع تصاعد احتمالات فائض المعروض، حيث تتجه الأنظار نحو الصين، المستهلك الأكبر، لتحديد مسار الأسعار. فبينما يستعد تحالف “أوبك+” لبحث خيارات الإنتاج، يبقى السؤال الأبرز هو مدى استمرار بكين في تعزيز مخزوناتها الاستراتيجية لاستيعاب أي زيادة محتملة في الخام. هذا التوازن الدقيق سيشكل مستقبل سوق الطاقة العالمية.

الدور الصيني الحاسم في توازن أسواق النفط

خلال الأشهر الماضية، كثفت الصين من عمليات شراء النفط الخام، ضخمة ملايين البراميل في احتياطياتها الاستراتيجية. ورغم تباطؤ وتيرة الشراء مؤخرًا بسبب ارتفاع الطلب المحلي، تشير التقديرات إلى أن بكين لا تزال قادرة على استيعاب جزء كبير من الفائض العالمي المتوقع. وفقًا لبيانات منصة “أويل إكس” (OilX)، تبلغ نسبة امتلاء صهاريج التخزين الصينية حاليًا أكثر من 50%، مما يوفر مساحة واسعة لعمليات تكديس إضافية يمكن أن تحد من تراجع أسعار النفط.

اقرأ أيضًا: جنون أسعار الذهب تشتعل عالميًا وتقفز لمستوى تاريخي جديد

اجتماع أوبك+ وتأثيره على إمدادات النفط العالمية

يتطلع المستثمرون بترقب إلى اجتماع تحالف “أوبك+” المرتقب يوم الأحد، حيث من المتوقع أن تبحث المملكة العربية السعودية وشركاؤها إمكانية إعادة جزء من الإنتاج النفطي المتوقف إلى السوق. هذه الخطوة قد تزيد من الضغوط على أسعار النفط إذا لم تتدخل الصين بعمليات شراء ضخمة لامتصاص هذه الزيادة في العرض. أكد محللون في “إتش إس بي سي” (HSBC) أن مستقبل أسعار النفط سيتوقف بشكل كبير على موقع تراكم المخزونات، مشيرين إلى أن مواصلة الصين لاستيعاب الخام سيخفف من تداعيات الفائض على الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

مخزونات النفط العالمية وإنتاج الخام المتزايد

على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن فائض المعروض المحتمل، تكشف البيانات عن مشهد متباين في مستويات المخزونات حول العالم. ففي الولايات المتحدة، ظلت مخزونات “كوشينغ” بأوكلاهوما، المركز الأساسي لتسعير خام غرب تكساس الوسيط، عند أدنى مستوياتها الموسمية منذ سنوات. بينما على الصعيد العالمي، سجلت وكالة الطاقة الدولية ارتفاعًا في المخزونات خلال الربع الثاني من العام، وذلك بأسرع وتيرة منذ أزمة “كوفيد-19”. يؤكد خبراء مثل فريدريك لاسير، رئيس قسم الأبحاث في “غونفور غروب” (Gunvor Group)، أن الصين قد تعود لشراء ما يقارب مليون برميل يوميًا إذا انخفضت أسعار النفط بشكل ملحوظ، مشددًا على أن قرار بكين بشأن تخزين الخام هو العامل الحاسم في الأسواق.
في سياق متصل، يشير تقرير صادر عن “بنك أوف أميركا” (BofA) إلى وجود نحو مليار برميل من السعة التخزينية الفارغة في صهاريج النفط العالمية. هذه السعة قد تساهم في منع انهيار حاد في أسعار النفط حتى مع وجود فائض في المعروض. وفي المقابل، يواصل الإنتاج النفطي الارتفاع في عدة دول؛ فقد اقترب إنتاج البرازيل من مستوى قياسي بلغ أربعة ملايين برميل يوميًا، كما شهدت غيانا قفزة تاريخية ليتجاوز إنتاجها مليون برميل يوميًا، وشهدت كندا زيادة غير مسبوقة في يوليو، بينما رفعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعاتها للإنتاج خلال الأشهر الماضية.

اقرأ أيضًا: تغير مفاجئ.. أسعار سبائك الذهب اليوم في مصر | تحديث جديد لسعر السبيكة 5 جرام

السيناريوهات المحتملة لمستقبل أسعار النفط

في ضوء هذه التطورات المتقلبة، تبقى جميع السيناريوهات مفتوحة لمستقبل أسعار النفط العالمية.

  • أن تستمر الصين في امتصاص الفائض من النفط الخام، مما قد يحافظ على استقرار نسبي للأسعار.
  • أن تتباطأ مشتريات الصين، مما يدفع السوق نحو تخمة حقيقية قد تؤدي إلى تراجع أسعار النفط لمستويات أدنى بكثير.

في كلتا الحالتين، يبدو أن القرار الصيني المقبل بشأن سياستها النفطية سيكون العامل الأكثر تأثيرًا على مسار سوق الطاقة العالمية في الفترة القادمة.

اقرأ أيضًا: تطور جديد.. أسعار الفاكهة اليوم تتكشف بالأسواق | التفاح والبطيخ يسجلان مستويات جديدة