تطور جديد قبل العام الدراسي.. ملفات التعليم العالقة تنذر بدخول مدرسي متوتر
يشهد الدخول المدرسي الجديد بالمغرب تصعيداً حاداً بين النقابات التعليمية ووزارة التربية الوطنية، في ظل استمرار ملفات عالقة لم تجد حلولاً رغم توقيع اتفاقات سابقة. وتهدد هذه الأزمة بموسم دراسي مضطرب، مع اتهامات للوزارة بالتملص من التزاماتها وممارسة “الهروب إلى الأمام” في قضايا جوهرية تمس حقوق آلاف العاملين بالقطاع.
تصاعد التوتر في قطاع التعليم المغربي مع الدخول المدرسي الجديد
مع بداية العام الدراسي الجديد، تعود قضايا التعليم المعلقة إلى الواجهة بقوة، وسط توتر متصاعد بين الهيئات النقابية ووزارة التربية الوطنية. ورغم التوقيع على اتفاقات اجتماعية ووعود رسمية بإنهاء حالة الاحتقان، ما تزال ملفات أساسية تنتظر الحل، مما ينذر بموسم دراسي يفتقر إلى الاستقرار، وتغيب فيه الطمأنينة عن الفاعلين التربويين. وتلوح النقابات بخطوات نضالية غير مسبوقة، مما يضع المدرسة العمومية أمام تحديات جمة.
اتهامات بالتملص من الاتفاقات وتدهور المدرسة العمومية
في هذا السياق، أكد عبد الله أغميمط، الكاتب الوطني العام للجامعة المغربية للتعليم، أن الدخول المدرسي الحالي لا يختلف عن سابقه، بل يكشف عن “أزمة أعمق” ناتجة عن استمرار ما وصفها بـ”السياسات الحكومية اللاشعبية” في قطاع التعليم. وشدد على أن المدرسة العمومية أصبحت هدفاً رسمياً تحت شعار “الإصلاحات”، رغم أن ربع قرن من البرامج الإصلاحية المتتالية لم ينتج سوى مزيد من المشاكل، وظلت المنظومة التعليمية حبيسة لتوجيهات المؤسسات المالية الدولية. وأضاف أغميمط أن استمرار الدولة وأجهزتها الحكومية في عدم الالتزام بتنفيذ اتفاقي 10 و26 دجنبر 2023، رغم مرور أكثر من سنتين ونصف على توقيعهما، يعكس اعتداءً على حقوق ومكتسبات الأطر التعليمية.
ملفات جوهرية تؤجج غضب الشغيلة التعليمية
توقف المسؤول النقابي عند مجموعة من الملفات التي ظلت عالقة دون حلول، مؤكداً أنها تزيد من فقدان الثقة في المدرسة العمومية. وتشمل هذه الملفات:
- ملف “الزنزانة 10” الذي عانى طويلاً دون إنصاف، وتفاقمت مظلوميته بعد تراجع الوزارة عن تأويل إيجابي للمادة 81 كان قد تم التوافق حوله.
- ملف المادة 89 الخاص بالمتصرفين التربويين، والذي يهم الآلاف ممن قدموا تضحيات كبيرة للمنظومة دون أن يتم إنصافهم، إثر تراجع الوزارة عن الاتفاق الخاص بجبر الضرر واسترجاع المبالغ المقتطعة من رواتبهم.
- التعويضات التكميلية لأساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي والأطر المختصة.
- التعويض الخاص بالمساعدين التربويين.
- ملف تخفيض ساعات العمل للأساتذة.
- النظام الأساسي لمبرزي التربية والتكوين.
- تعثر تنفيذ التعويض عن العمل في المناطق النائية رغم مرور سنتين على تفعيله.
- ملفات تدبيرية عالقة تخص العرضيين ومنشطي التربية غير النظامية ومحو الأمية وأساتذة سد الخصاص.
- ملف الدكاترة العاملين بقطاع التربية الوطنية، والذي شهد “خروقات” في تدبيره.
- تأخر تسليم شواهد التكوين الخاصة بمفتشي التوجيه والتخطيط والممونين.
- الاختلالات التي رافقت تنفيذ المادتين 76 و 85 من النظام الأساسي.
- مظلومية المساعدين التربويين الذين لم يستفيدوا بعد من التعويضات الخاصة وإلغاء الدرجات الدنيا.
- المطالب المرتبطة بتمتيع أفواج المفتشين بسنتين جزافيتين.
واقع التعليم الأولي وظروف عمل مقلقة
لم يغفل الكاتب الوطني العام للجامعة ملف التعليم الأولي، الذي أكد أنه يكشف عن “واقع مقلق”. فبينما توهم الوزارة الرأي العام بكونه مهيكلاً، فإن العاملين به يشتغلون في ظروف غير لائقة، بأجور زهيدة، وتحت وصاية جمعيات ووسائط دون إدماجهم في الإطار القانوني للشغيلة التعليمية. وحمّل أغميمط الوزارة والحكومة كامل المسؤولية في استمرار التملص من تنفيذ الاتفاقات الاجتماعية، مؤكداً دعم الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي المطلق لكل النضالات والاحتجاجات التي تخوضها الشغيلة التعليمية دفاعاً عن مطالبها العادلة.
تصعيد نقابة المتصرفين التربويين ببرنامج نضالي شامل
من جانبه، أوضح كمال بنعمر، الكاتب الوطني لنقابة المتصرفين التربويين، أن الدخول المدرسي لم يكن بداية برنامجهم النضالي، بل انطلقت الشرارة الأولى يوم 17 مارس 2025، بعد أن تأكدت النقابة من “انقلاب الوزارة على منهجية الحوار والتشاور والتفاوض” بخصوص الملف المطلبي لهذه الفئة. وأضاف أن الوزارة “أغلقت الباب” أمام النقابة المحاورة، مما دفعهم إلى تبني خطوات تصعيدية. وشدد المجلس الوطني الذي انعقد بالقنيطرة في 27 يوليوز الماضي على الاستمرار في البرنامج النضالي إلى حين الاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة. وحمّل بنعمر وزارة التربية الوطنية والحكومة المسؤولية الكاملة عما قد تؤول إليه الأوضاع في حال استمرار سياسة “الهروب إلى الأمام والتجاهل الممنهج”.
برنامج المتصرفين التربويين التصعيدي المعلن
أعلنت نقابة المتصرفين التربويين عن الشطر الأول من برنامجها التصعيدي الممتد من 1 إلى 20 شتنبر 2025، والذي يتضمن خطوات احتجاجية واضحة:
- مقاطعة مشروع المؤسسة المندمج وتجميد عمل جمعية دعم مدرسة النجاح.
- الاستمرار في مقاطعة أنشطة مؤسسات الريادة ولجان تتبع الدخول المدرسي.
- مقاطعة البريد الورقي والإلكتروني ابتداءً من 2 شتنبر.
- مقاطعة استخلاص أقساط التأمين المدرسي وانخراطات الجمعيات.
- مقاطعة أنشطة الحياة المدرسية والمهام الإضافية التي لا تدخل ضمن صلاحيات الحراس العامين والنظار.
- الانسحاب من مجموعات “الواتساب المهنية”.
- الاستعداد للاستقالة الجماعية من جمعية دعم مدرسة النجاح.
- خوض إنزال وطني بالرباط يوم 11 شتنبر 2025 أمام مقر وزارة التربية الوطنية.
تحذيرات من تفاقم الأوضاع ودعوات للتعبئة
دعا كمال بنعمر في ختام تصريحه كافة المتصرفين التربويين في مختلف الجهات والأقاليم إلى وحدة الصف والتعبئة الشاملة، والالتزام بتنفيذ البرنامج النضالي المسطر إلى حين انتزاع الحقوق المشروعة لهذه الفئة التي يعتبرها “محورية في المنظومة التربوية”. هذه التطورات تضع قطاع التعليم في المغرب أمام مفترق طرق حرج، مع تصاعد التوترات وتعمق الخلافات بين الشركاء الاجتماعيين والوزارة الوصية.