ساعة الاستجابة المنتظرة.. اكتشف سر بركة الساعة الأخيرة من يوم الجمعة للدعاء المستجاب
يُعتبر وقت ما قبل غروب شمس يوم الجمعة من اللحظات الروحانية العميقة التي يحرص عليها المسلمون حول العالم. ففي هذه الساعة الأخيرة من اليوم الفضيل، تتجه القلوب بالدعاء والابتهال إلى الله، أملًا في استجابة الدعوات وتحقيق الأمنيات، استنادًا إلى نصوص نبوية شريفة تؤكد فضلها العظيم ومكانتها الخاصة.
يوم الجمعة: مكانة عظيمة وساعة استجابة منتظرة
يوم الجمعة هو يوم مميز في الإسلام، يُعد بمثابة عيد أسبوعي للمسلمين. فيه تُقام صلاة الجمعة التي يتقارب فيها الناس على ذكر الله وسماع المواعظ. ارتبط هذا اليوم بالعديد من الفضائل والأحداث الكبرى في التاريخ الإسلامي. ومن أبرز أسراره التي يتحدث عنها العلماء والأئمة، وجود ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه الله إياه، وهي “ساعة الاستجابة” التي ينتظرها الكثيرون بشغف.
تحديد الساعة الأخيرة من يوم الجمعة: متى تبدأ؟
يقصد بالساعة الأخيرة من يوم الجمعة تحديدًا الوقت الذي يسبق غروب شمس هذا اليوم المبارك. خلال هذه الفترة، يجلس المسلمون في هدوء وسكينة، استعدادًا لأداء صلاة المغرب، ويتوجهون بقلوب خاشعة إلى الله بالدعاء والابتهال. وقد تباينت آراء الفقهاء حول التحديد الدقيق لهذه الساعة. فبعضهم يرى أنها تبدأ من جلوس الإمام على المنبر وتنتهي مع نهاية الصلاة، بينما ذهب جمهور العلماء إلى أن الرأي الأرجح هو أنها تقع في آخر ساعة بعد صلاة العصر وتمتد حتى غروب الشمس.
فضل عظيم: لماذا ساعة الجمعة الأخيرة مستجابة؟
أكدت أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن هذه الساعة تحمل سرًا عظيمًا من أسرار استجابة الدعاء. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه”. وقد أجمع غالبية العلماء على أن الدعاء في هذه الساعة يحظى بخصوصية كبيرة وفضل لا يُضاهى. يضاف إلى ذلك، أن الدعاء في هذه اللحظات يكون مقرونًا غالبًا بخشوع النفس وصفاء القلب، حيث يكون المسلم قد أتم غالب يوم الجمعة في الطاعة والذكر، مما يعزز من رجاء قبول الدعاء واستجابته.
كيف تغتنم ساعة الاستجابة يوم الجمعة؟ أعمال مستحبة
لاغتنام فضل الساعة الأخيرة من يوم الجمعة، يُستحب للمسلم أن يتهيأ لها بمجموعة من الأعمال التي تزيد من روحانيته وتعمق اتصاله بالله. تتضمن هذه الأعمال ما يلي:
- الإكثار من الاستغفار وطلب المغفرة من الله عز وجل.
- قراءة القرآن الكريم، وخاصة سورة الكهف التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة.
- الإكثار من الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- الدعاء بكل ما يتمناه المسلم من خير في الدنيا والآخرة، بلا حرج ولا يأس.
- الجلوس في هدوء وسكينة بعيدًا عن أي انشغالات دنيوية، والتأمل في عظمة الله.
حكمة التوقيت الإلهي: سرّ نهاية يوم الجمعة
يعتقد بعض العلماء أن الله سبحانه وتعالى جعل هذه الساعة في نهاية اليوم لتكون بمثابة ختام مبارك ليوم عظيم. فكما أن ختام حياة المؤمن بالتوبة يعتبر سببًا لدخول الجنة، فإن ختام يوم الجمعة بالدعاء والذكر والتقرب إلى الله يمثل سببًا عظيمًا للبركة والرضا الإلهي. كذلك، تحمل فترة الغروب بحد ذاتها سكينة خاصة وطمأنينة، تجعل القلب أكثر استعدادًا للتقرب من الله والتضرع إليه، مما يعزز فرصة قبول الدعاء في هذا الوقت المبارك.
أهمية الساعة الأخيرة من الجمعة في حياتنا المعاصرة
في ظل ضغوط الحياة المتسارعة والانشغالات اليومية التي يواجهها الكثيرون، أصبح تخصيص وقت للدعاء والتضرع إلى الله حاجة ملحة لكل نفس. وتمنح الساعة الأخيرة من يوم الجمعة المسلم فرصة ذهبية ليتوقف قليلًا عن الركض وراء الدنيا، ويجلس بهدوء ليستعيد طاقته الروحية من خلال الدعاء والابتهال. يحرص كثير من المسلمين اليوم على تخصيص هذه الساعة للدعاء لأنفسهم ولأسرهم، ولطلب الرزق، والشفاء، والتوفيق في مختلف شؤون حياتهم، مما يجعلها بمثابة موعد أسبوعي ثابت مع الأمل والسكينة والطمأنينة.
ختامًا، تظل الساعة الأخيرة من يوم الجمعة منحة ربانية عظيمة تستحق أن تُستغل خير استغلال. إنها فرصة سانحة للتقرب من الله ونيل رضاه، وتجديد النية والدعاء بكل ما يتمناه المسلم في قلبه. لذا، فإن اغتنامها بالدعاء والذكر ليس فقط سنة نبوية مؤكدة، بل هو أيضًا وسيلة فعالة وعملية لتجديد الإيمان وتقوية الروحانية في زمن نحتاج فيه جميعًا إلى السكينة والطمأنينة والاتصال بالله.