أعلى مستوى منذ 14 عامًا.. الفضة تسجل رقماً غير مسبوق مع ترقب حاسم لقرارات الفائدة

شهدت أسعار الفضة ارتفاعًا لافتًا في الأسبوع الأخير من أغسطس 2025، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ نحو 14 عامًا. يأتي هذا الصعود المدفوع بتزايد التوقعات لقرارات السياسة النقدية المرتقبة من البنوك المركزية الكبرى، وخاصة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

الفضة تتجاوز 31 دولاراً للأوقية: صعود مدفوع بالترقب

سجلت العقود الفورية للفضة مستويات تجاوزت 31 دولاراً للأوقية، مدعومة بإقبال متزايد على المعادن النفيسة كملاذات آمنة. يأتي هذا في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن مستقبل التضخم وتوجهات السياسة النقدية في الولايات المتحدة وأوروبا، ما يدفع المستثمرين للبحث عن أصول تحمي قيمة مدخراتهم.

تأثير السياسة النقدية وضعف الدولار على أسعار الفضة

يأتي صعود الفضة في وقت تتزايد فيه التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل، أو قد يلمّح إلى توجهات أكثر تيسيراً. هذه التوقعات مدفوعة بإشارات على تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي وتراجع ضغوط الأسعار. كما استفادت الفضة من ضعف أداء الدولار الأمريكي مؤخراً، ما يدفع المستثمرين نحو التحوّط بالمعادن الثمينة، خاصة مع تراجع العائد الحقيقي على الأصول الدولارية. هذا التراجع في قيمة الدولار يجعل المعادن المقوّمة به أقل تكلفة لحاملي العملات الأخرى، ما يعزز الطلب العالمي.

الطلب الصناعي يدعم مستقبل الفضة في الطاقة النظيفة

لا تقتصر جاذبية الفضة على دورها كملاذ آمن، بل تلعب العوامل الصناعية دوراً مهماً في تعزيز الطلب عليها. تُستخدم الفضة على نطاق واسع في القطاعات التكنولوجية والطاقة النظيفة، مثل تطبيقات الألواح الشمسية والسيارات الكهربائية. هذا الاستخدام المتزايد يعزز من النظرة الإيجابية طويلة الأجل لهذا المعدن، خاصة مع التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة في الأسواق الآسيوية والعالمية.

الفضة تتفوق على الذهب: أداء مزدوج ومقومات قوية

في الوقت الذي حافظت فيه أسعار الذهب على تداولات مستقرة نسبياً، أظهرت الفضة أداءً أقوى. يعزى هذا التفوق إلى دورها المزدوج:

• ملاذ آمن في فترات الضبابية الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية.
• مكون صناعي أساسي وحيوي في قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الدقيقة، خصوصاً في تصنيع الألواح الشمسية والمكونات الإلكترونية.

توقعات الخبراء ومستقبل أسعار الفضة العالمية

يشير خبراء السوق إلى أن الطلب الصناعي المتنامي يمثل ركيزة قوية وراء هذا الاتجاه الصعودي. وقد دخل المستثمرون قصيرو الأجل والمضاربون بكثافة إلى سوق الفضة، ما أدى إلى زيادة كبيرة في أحجام التداول، خاصة عبر بورصات المعادن العالمية مثل “كومكس” في نيويورك. هذا الزخم دفع عدداً من بيوت الخبرة إلى رفع توقعاتها لأسعار الفضة على المدى القريب، مشيرة إلى إمكانية اختبار مستويات تتراوح بين 33 و35 دولاراً للأوقية، حال استمرار تراجع الفائدة الحقيقية وضعف الدولار.

العوامل الداعمة لاستمرار صعود الفضة رغم تقلبات السوق

تبقى السياسة النقدية العالمية العامل الأكثر تأثيراً في مسار الفضة خلال المرحلة المقبلة. ومع اقتراب اجتماعات الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، تزداد التكهنات بشأن موعد بدء دورة خفض أسعار الفائدة. أي مؤشرات صادرة عن هذه البنوك بشأن اعتماد سياسة نقدية أكثر تيسيراً، أو تأكيد مسار تراجعي مستدام للضغوط التضخمية، من شأنها أن تُعزز الزخم الإيجابي لأداء الفضة وسلة المعادن الثمينة في الأسواق العالمية. ورغم احتمالية حدوث تقلبات قصيرة الأجل في الأسعار بفعل عوامل فنية أو تصحيحات طبيعية، تبقى التوقعات العامة داعمة لصعود الفضة، في ظل:

• استمرار التوترات الجيوسياسية على الساحة الدولية.
• تراجع العوائد الحقيقية على أدوات الدين الأمريكية.
• وارتفاع الطلب الصناعي والاستثماري على الفضة كمعدن حيوي.

ويرى مراقبون أن اختراق الفضة لمستوى 35 دولاراً للأوقية قد يكون وارداً خلال الربع الرابع من العام، إذا ما اقترنت العوامل السابقة بمؤشرات تؤكد دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة تباطؤ أوسع نطاقاً، تدفع البنوك المركزية إلى تسريع خفض الفائدة لدعم النمو الاقتصادي.