مهمة كل ولي أمر.. تهيئة الأطفال للدخول المدرسي تكرس مسؤولية الأسرة والتنشئة الاجتماعية

بعد أسابيع من الإجازة الصيفية التي تغير إيقاع حياة الأطفال والمراهقين، يبرز مع اقتراب موعد العودة للمدارس أهمية تهيئتهم نفسيًا وذهنيًا وجسديًا لاستئناف الدراسة بفعالية. تتطلب هذه المرحلة الانتقالية السلسة جهودًا متكاملة من الأسرة والمدرسة والإعلام، لضمان استيعاب الطلاب لمتطلبات الانضباط والتركيز، وتحويل العودة إلى تجربة إيجابية ومحفزة على التعلم.

دور الأسرة المحوري في تهيئة الأطفال للمدرسة

تتحمل الأسرة المسؤولية الأساسية في تهيئة الأطفال والمراهقين للعودة إلى مقاعد الدراسة، وذلك من خلال الوعي بضرورة الالتزام والانضباط الذي تفرضه المدرسة، سواء كان ذلك بالاستيقاظ المبكر أو القدرة على الانتباه والتركيز داخل الفصل الدراسي. تؤكد بشرى المرابطي، الأخصائية النفسية والباحثة في علم النفس الاجتماعي، على أهمية الحوار المباشر مع الأبناء كخطوة أولى لشرح طبيعة المرحلة الجديدة، التي تتطلب تقليص الأنشطة الترفيهية وإعادة ضبط إيقاع النوم والاستيقاظ تدريجيًا.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. زيادة الحد الأدنى للأجور في المغرب تنطلق 2025

وفي حال أبدى الأطفال مقاومة طبيعية بسبب رغبتهم في اللعب والتحرر من الضوابط، ترى المرابطي أن مسؤولية الأسرة تقتضي ممارسة الحزم في ترسيخ القواعد الجديدة، مع الحفاظ على قنوات الحوار والتواصل مفتوحة. هذا الدور يضمن انتقالًا سلسًا ومتوازنًا من أجواء العطلة المريحة إلى أجواء الدراسة الجادة، وينعكس إيجابًا على استعداد التلاميذ نفسيًا وذهنيًا لبداية موسم دراسي ناجح. وتؤكد الأخصائية أن مسؤولية تهيئة الأبناء للدخول المدرسي تقع على عاتق الآباء بشكل أكبر، نظراً لصعوبة تخلي الأبناء عن أنشطتهم المعتادة خلال الإجازة الصيفية.

برنامج انتقالي ونشاطات محفزة لعودة مدرسية سلسة

لضمان دخول مدرسي ناجح، ينبغي على الآباء إرساء برنامج انتقالي يربط بين أجواء العطلة ومتطلبات المدرسة. هذا البرنامج يضمن تهيئة شاملة للناشئة، ويؤهلهم للتركيز والنجاح في فصولهم الدراسية. تقترح الأخصائية بشرى المرابطي أن تكون نهاية العطلة لحظة إيجابية تعزز العلاقة بين الآباء وأبنائهم، وذلك بربط الدخول المدرسي بنشاط ترفيهي يختاره الأبناء أو بمبادرة بسيطة مثل وجبة مميزة في المنزل أو خارجه. هذه العلاقة الإيجابية تجعل الأطفال يشعرون بأن العودة إلى المدرسة ليست حدثًا محزنًا، بل مناسبة تقترن بأنشطة جميلة تظل عالقة في ذاكرتهم، مما يخفف من وطأة الانتقال من أجواء المتعة إلى الانضباط.

اقرأ أيضًا: الدرجات الآن.. رابط نتائج التاسع 2025 سوريا عبر موقع وزارة التربية والتعليم السورية

من جانبه، يدعو جمال شفيق، الخبير التربوي والباحث في علوم التربية، إلى ضرورة المواكبة الأسرية لضبط إيقاعات النوم المبكر وتجنب السهر الناتج عن إدمان الألعاب الإلكترونية والهواتف الذكية. ويوصي شفيق باتباع الخطوات التالية لتهيئة مثالية:

  • إعادة ضبط ساعات النوم والاستيقاظ تدريجيًا قبل أسابيع من بدء الدراسة.
  • تقليل الأنشطة الترفيهية تدريجيًا وزيادة أوقات المطالعة.
  • مناقشة الأبناء حول تفاصيل المستوى الدراسي والمضامين المرتقبة لتقريبهم من أجواء التعلم.
  • الاستعانة باستراتيجيات التعلم عبر تخصيص وقت للمطالعة المشتركة مع الأبناء، وجعلهم في احتكاك مباشر مع الكتب والأدوات المدرسية.
  • تعليم الأطفال تحمل المسؤوليات والالتزام النفسي.
  • الحرص على تغذية متوازنة وتنظيم الإيقاع اليومي.

ويشدد الخبير التربوي على الابتعاد عن الوسائل الرقمية لفترات طويلة، مشيرًا إلى أن الدراسات العلمية أثبتت تأثيرها السلبي على التحصيل الدراسي وزيادة الضغط النفسي والعدوانية. كما يؤكد على أهمية الاستعداد الجيد الذي يستحضر نقاط الضعف وفرص التحسين.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. بدء توزيع الحقيبة المدرسية لأبناء الأسر الأكثر احتياجًا في البيضاء ورداع

المدرسة والإعلام: شريكان أساسيان لدخول مدرسي ناجح

لا تقتصر مسؤولية التهيئة للدخول المدرسي على الأسرة وحدها، بل تشمل مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وفي مقدمتها الإعلام والمدرسة. فالإعلام يلعب دورًا هامًا في تشجيع الطلاب على التعلم؛ فمن غير المنطقي أن تبث القنوات برامج ترفيهية متنوعة في أوقات متأخرة من الليل مع اقتراب الموسم الدراسي. ينبغي على شبكات البرامج مراعاة هذا التحول بتقليص العروض الترفيهية خلال أيام الأسبوع والاكتفاء بها في عطلة نهاية الأسبوع بأوقات مناسبة للأطفال والمراهقين. كما أن بث وصلات إشهارية تحفيزية تبرز قيمة المدرسة وتغرس الشغف بالتعلم يظل ضروريًا، سواء عبر القنوات التقليدية أو الوسائط الرقمية التي يقبل عليها الجيل الناشئ.

تضطلع المدرسة كذلك بدور أساسي في ضمان اندماج سلس للتلاميذ. وتنص مذكرات وزارة التربية الوطنية على تخصيص الأسبوعين الأولين من الموسم الدراسي لتقييم مكتسبات السنة الماضية وتنظيم أنشطة موازية تساعد على الاستعداد النفسي والذهني لاستقبال المقرر الجديد. كما ينوه جمال شفيق إلى أهمية استفادة التلاميذ من “أسبوع الدعم” بمواكبة الأساتذة لتدارك الثغرات التعليمية، وقد يمتد هذا الدعم لأسبوعين أو ثلاثة في بعض المدارس. يخلص الباحثون إلى أن إنجاح الدخول المدرسي رهين بتكامل أدوار الأسرة والإعلام والمدرسة والفضاءات الرقمية، بما يضمن تهيئة التلاميذ ذهنيًا ونفسيًا للعودة إلى مسار التعلم في أفضل الظروف الممكنة.

اقرأ أيضًا: سارع بالتسجيل.. رابط منصة مسار المغرب 2025 مفتوح الآن