تطور اقتصادي بارز.. صعود أسهم الصين يثير إنذارًا مبكرًا للمستثمرين | يكشف عن تحديات جديدة للاستقرار العالمي

تشهد أسواق الأسهم الصينية صعودًا لافتًا، دافعة مؤشراتها الرئيسية إلى مستويات قياسية رغم التباطؤ الاقتصادي الواضح في البلاد. هذا الارتفاع السريع، الذي أضاف تريليون دولار إلى القيمة السوقية للأسهم خلال شهر واحد، يثير مخاوف جدية لدى المستثمرين والمحللين من احتمال تشكل فقاعة مالية يصعب احتواؤها.

قفزة قياسية لأسهم الصين رغم التباطؤ الاقتصادي

شهدت الأسهم الصينية ارتفاعًا ملحوظًا، حيث وصل مؤشرا شنغهاي المركب وCSI 300 إلى أعلى مستوياتهما منذ عدة سنوات. هذا الصعود يأتِ في وقت تشير فيه البيانات الاقتصادية الكلية إلى ضعف الاستهلاك، وتراجع أسعار المنتجين، وانخفاض التضخم، مما يخلق تباينًا واضحًا بين أداء السوق والواقع الاقتصادي. وقد بلغت الزيادات في الأسهم أرقامًا كبيرة خلال فترة قصيرة، كما يوضح الجدول التالي:

تشير بيانات بنك HSBC إلى أن مدخرات الأسر الصينية وصلت إلى رقم قياسي يبلغ 160 تريليون يوان، أي ما يعادل 22 تريليون دولار أمريكي، وهو ما يمثل أكثر من ثلث القيمة السوقية الإجمالية لسوق الأسهم الأمريكية. هذا التباين يدفع المحللين إلى التحذير من تفاؤل مفرط قد لا يكون مدعومًا بأساسيات اقتصادية قوية.

لماذا يتجاهل المستثمرون ضعف الأساسيات الاقتصادية في الصين؟

يصف خبراء الاقتصاد هذا الوضع بأنه “انفصال بين السوق والاقتصاد”، ففي الوقت الذي يتراجع فيه الاقتصاد، تستمر الأسهم في الارتفاع. ترى شركة نومورا هولدينغز أن هناك “انفصالًا” واضحًا، بينما تعتبر شركة TS Lombard أن ما يحدث هو مواجهة بين “المتفائلين بالسوق” و”المتشائمين بشأن الأساسيات الاقتصادية”. يعود هذا التوجه إلى عدة عوامل رئيسية تدفع المستثمرين للتوجه نحو أسواق الأسهم في الصين:

• ضعف العوائد على القنوات التقليدية للاستثمار، مما يجعل الأسهم خيارًا جذابًا لتعويض الخسائر.
• البحث عن فرص لتحقيق مكاسب سريعة على المدى القصير في ظل بيئة استثمارية صعبة.
• التفاؤل الكبير المحيط بالصناعات الصينية الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحيوية.
• الدعم الحكومي القوي لهذه الصناعات كجزء من خطط التحول الاقتصادي في الصين.

هذه العوامل مجتمعة تخلق زخمًا يدفع السيولة نحو سوق الأسهم الصينية، مما يسهم في صعودها المستمر.

مخاطر خفية وارتفاع غير مسبوق في التداول بالهامش

رغم التفاؤل العام، يحذر الخبراء من مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى تصحيح حاد في السوق. أحد أبرز هذه المخاطر هو الارتفاع الملحوظ في التداول بالهامش، والذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة منذ عام 2015. يعتمد هذا النوع من التداول على الاقتراض لشراء الأسهم، مما يزيد من حجم المخاطرة بشكل كبير. ففي حال تراجع ثقة المستثمرين أو انخفاض السيولة في السوق، قد يؤدي ذلك إلى عمليات بيع واسعة وسريعة، مما يتسبب في هبوط حاد للأسعار. هذا الوضع يجعل سوق الأسهم الصينية بيئة مضطربة، يصعب التنبؤ بمسارها على المدى المتوسط.

النهج الحكومي الحذر وتحديات ضبط سوق الأسهم الصينية

تتبع الحكومة الصينية نهجًا حذرًا في دعم السوق، متجنبة التحفيز المالي الواسع الذي قد يزيد من المخاطر. بدلاً من ذلك، تركز جهودها على ضبط الجوانب الأساسية للاقتصاد والسوق من خلال:

• تجنب التحفيز المالي الواسع.
• التركيز على ضبط فائض الطاقة الإنتاجية.
• كبح المنافسة السعرية.

يهدف هذا التوازن بين دعم النمو الاقتصادي وضبط المخاطر إلى تحقيق استقرار طويل الأمد، لكنه في الوقت ذاته يجعل من السوق الصينية بيئة تتسم بالتقلبات وعدم اليقين.

تداعيات صعود أسهم الصين على الأسواق العالمية

لا يقتصر تأثير أي اضطراب مفاجئ في سوق الأسهم الصينية على الداخل فقط، بل يمكن أن يمتد إلى الأسواق الناشئة المجاورة ويؤثر على تدفقات الاستثمار العالمية. ترتبط سلاسل الإمداد وتتداخل الأسواق المالية بشكل كبير، مما يجعل الصين مؤشرًا مبكرًا لتحولات أوسع في الاقتصاد العالمي. لذا، فإن مراقبة أداء أسواق الأسهم الصينية تُعد أمرًا بالغ الأهمية للمستثمرين الدوليين وصناع القرار الاقتصادي حول العالم.