خفض مفاجئ للواردات.. لماذا قلصت الهند استيرادها من النفط الروسي وتتجاهل المغريات؟
خفضت الهند بشكل مفاجئ وارداتها من النفط الروسي خلال شهري يوليو وأغسطس 2025، في خطوة لافتة أثارت تساؤلات واسعة، خاصة وأن روسيا كانت أحد أكبر موردي الطاقة لنيودلهي منذ بدء الصراع في أوكرانيا. هذا التحول الكبير في سياسة الطاقة الهندية لم يكن عرضياً، بل جاء نتيجة لتفاعل معقد بين عدة عوامل اقتصادية وسياسية وتجارية.
تراجع ملحوظ في واردات الهند النفطية من روسيا
وفقًا لبيانات وزارة النفط الهندية، شهدت واردات النفط الروسي تراجعًا بنسبة 23% مقارنة بالشهر السابق، مسجلة بذلك أدنى مستوى لها منذ مطلع عام 2023. وقد بدأت شركات تكرير النفط الهندية، التي كانت تعتمد بشكل كبير على خام الأورال الروسي بسبب خصوماته الجذابة، في تقليص مشترياتها تدريجيًا، متجهة نحو البحث عن مصادر نفط بديلة وأكثر تنافسية مثل العراق والإمارات والمملكة العربية السعودية.
انخفاض الخصومات يقلل جاذبية النفط الروسي
يُعد تضاؤل الخصومات التي كانت تقدمها روسيا للهند أحد أبرز الأسباب وراء هذا التراجع في مشتريات النفط. فبعد أن كانت الهند تحصل على النفط الروسي بأسعار تقلّ عن سعر خام برنت القياسي بما يتراوح بين 10 إلى 15 دولارًا للبرميل، تقلص هذا الفارق بشكل كبير في أغسطس 2025 ليصبح أقل من 3 دولارات للبرميل. هذا الانخفاض الحاد في الخصم جعل النفط الروسي أقل جاذبية من الناحية التجارية، خصوصاً مع ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين المتعلقة بهذه الشحنات بسبب العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.
الفترة الزمنية | الخصم على خام برنت (تقريبي) |
سابقًا (عند ذروة الاعتماد) | 10 إلى 15 دولارًا للبرميل |
أغسطس 2025 | أقل من 3 دولارات للبرميل |
الضغوط الأمريكية تلعب دوراً في سياسة الهند النفطية
لم تكن سياسة الهند النفطية بمعزل عن الضغوط السياسية الدولية. فقد طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيودلهي علنًا بوقف شراء النفط الروسي، ملوّحًا باتخاذ إجراءات تجارية ضد الشركات الهندية التي تتعامل مع موسكو. وبالفعل، فرضت واشنطن رسومًا جمركية إضافية بنسبة 25% على بعض الواردات الهندية المرتبطة بالنفط الروسي، مما زاد من التكلفة الإجمالية للتعامل مع موسكو وأربك الحسابات الاقتصادية للمصافي الهندية.
عوامل موسمية وتنافس صيني يؤثران على سوق النفط
عدة عوامل أخرى ساهمت في هذا التحول، منها:
- تأثير موسم الرياح الموسمية: في الهند، يتزامن موسم الرياح الموسمية عادةً مع انخفاض الطلب المحلي على الوقود، مما يمنح شركات التكرير فرصة لتقليص مشترياتها مؤقتًا، خاصة من المصادر التي أصبحت أقل تنافسية.
- دخول الصين على الخط: في الوقت الذي خفضت فيه الهند وارداتها، سارعت الصين إلى استغلال الفرصة، واستحوذت على عدد كبير من الشحنات النفطية الروسية المعروضة. هذا الإقبال الصيني الكبير قلل من قدرة نيودلهي على التفاوض للحصول على أسعار أفضل، وأعاد ترتيب أولويات سوق الطاقة الآسيوية بشكل عام.
مرونة الهند في التعامل مع سوق الطاقة العالمية
على الرغم من هذا التراجع الأخير في واردات النفط الروسي، لا يبدو أن الهند تنوي التخلي عن النفط الروسي بشكل كامل. فوفقًا لمصادر في قطاع الطاقة، استأنفت بعض المصافي الحكومية عمليات الشراء لشهري سبتمبر وأكتوبر 2025 بعد أن اتسع الفارق السعري مجددًا. هذا يشير إلى أن الهند تتبع نهجًا مرنًا في التعامل مع سوق النفط العالمية، وتعمل على إعادة تقييم خياراتها بناءً على الأسعار المتاحة والضغوط السياسية المتغيرة، بهدف تأمين إمدادات الطاقة بأسعار تنافسية.