موقف إسرائيلي جديد يربك مباحثات التهدئة | الحكومة تتراجع عن مقترح وقف إطلاق النار في غزة وتطلب بديلاً بشروط غير مسبوقة.
بات ملف مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة معقدًا، حيث يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مترددًا في التوصل إلى اتفاق، رغم موافقة حركة حماس على مقترح للتهدئة طرحه الوسطاء. هذا التردد الإسرائيلي يضع الحكومة بين مطرقة الضغوط الداخلية وسندان الرفض الدولي، ويثير تساؤلات حول نواياها الحقيقية بشأن إنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل للأسرى.
نتنياهو يتهرب من صفقة وقف إطلاق النار في غزة
تكشف التطورات الأخيرة عن تراجع بنيامين نتنياهو عن التزامات سابقة تجاه مقترحات التهدئة في غزة. فبعد أن وافقت حركة حماس على المقترح الذي قدمه الوسطاء، والذي كان يستند إلى خطة أمريكية قبلتها إسرائيل مبدئيًا، تجنبت الحكومة الإسرائيلية الرد عليه مباشرة. ويؤكد نتنياهو تمسكه باحتلال قطاع غزة، وهو ما يُفسر على أنه رفض ضمني للتهدئة وإصرار على مواصلة العمليات العسكرية، ما يعرقل أي تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار الدائرة.
حماس تقبل المقترح وصمت إسرائيلي يثير التساؤلات
قبلت الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، مقترحًا لوقف إطلاق النار في قطاع غزة قبل ثمانية أيام، جاء بمبادرة من الوسطاء المصري والقطري، واستند إلى مقترح قدمه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، وكانت إسرائيل قد أعلنت قبولها له الشهر الماضي. لكن الحكومة الإسرائيلية بزعامة نتنياهو لم تكلف نفسها عناء الرد على مقترح التهدئة. هذا الصمت يضعها في موقف حرج، فإعلان الرفض العلني سيواجه موجة رفض شعبي ودولي واسع، بينما القبول يهدد بسقوط الحكومة الائتلافية الحالية بسبب تهديدات وزراء متطرفين بالانسحاب حال وقف الحرب.
وفي سياق متصل، قال نتنياهو في تصريحات غير مباشرة إنه وجه بالبدء الفوري في مفاوضات لإعادة جميع الرهائن وإنهاء الحرب في غزة، متجاهلًا الرد الرسمي لحركة حماس على المقترح. وبدأ الحديث عن صفقة شاملة تتضمن شروطًا تعجيزية مثل نزع سلاح المقاومة واستمرار الاحتلال الإسرائيلي للقطاع، وهو ما يتعارض تمامًا مع مطالب حركة حماس لوقف الحرب وإبرام صفقة تبادل الأسرى.
الوسطاء والمعارضة الإسرائيلية يؤكدون رفض نتنياهو للتهدئة
اتهمت حركة حماس رئيس الوزراء الإسرائيلي صراحة بالسعي لعرقلة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وصفقة تبادل شاملة. وأوضحت الحركة أنها وافقت على صفقة جزئية ومستعدة لإنجاز صفقة شاملة، لكن نتنياهو يرفض جميع المقترحات. من جانبه، عبر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد عن استغراب الوسطاء من عدم رد إسرائيل، مشيرًا إلى أن رد حماس يتطابق بنسبة 98% مع ما أراده المبعوث الأمريكي. وأكد لابيد أن نتنياهو يتمسك بمواصلة الحرب للحفاظ على بقاء حكومته، وهو ما أعلنه في مناسبات عدة.
بدورهم، أكد الوسطاء الإقليميون، مصر وقطر، أن مسألة تحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة لا تحظى باهتمام الحكومة الإسرائيلية، في ظل تجاهلها الرد على موافقة حماس. وشددت مصر على أن التصعيد الإسرائيلي بعد قبول حماس للتهدئة يعكس تجاهلًا لجهود الوسطاء والصفقة المطروحة، والمطالب الدولية بإنهاء الحرب ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني. كما أكدت قطر أن إسرائيل لا تريد اتفاقًا، مشيرًا المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماجد الأنصاري، إلى أن ما وافقت عليه حماس يتطابق مع ما وافقت عليه إسرائيل سابقًا، وأن “الكرة الآن في ملعب إسرائيل التي يبدو أنها لا تريد التوصل إلى اتفاق ولا يبدو أنها تريد أن ترد على المقترح”.
ضغوط داخلية متزايدة على حكومة الاحتلال لإنهاء الحرب
تتزايد الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية لإبرام صفقة تبادل شاملة مع حركة حماس لتحرير الأسرى في غزة وإنهاء الحرب التي يرى الكثيرون أنها تستمر بدوافع سياسية. تخرج مظاهرات يومية في أنحاء مختلفة من إسرائيل بقيادة عائلات الأسرى، مطالبة الحكومة بإبرام صفقة شاملة لإطلاق سراح جميع المحتجزين. تتزايد هذه التحركات مع استمرار تحركات إسرائيل لاحتلال القطاع، ما يهدد حياة ذويهم.
وكشف استطلاع للرأي أجراه موقع “والا” العبري عن حجم التأييد لوقف الحرب مقابل إعادة المحتجزين:
الفئة المشاركة في الاستطلاع | الموقف من إنهاء الحرب وإعادة المحتجزين | نسبة التأييد |
الجنود النظاميون والاحتياط | يؤيدون إنهاء الحرب مقابل صفقة تبادل | 75% |
أنصار حزب الليكود الحاكم | يؤيدون وقف الحرب في إطار صفقة لإعادة المحتجزين | 54.7% |
عامة الإسرائيليين | يفضلون وقف الحرب والتوصل لاتفاق لاستعادة المحتجزين | 73.7% |
عامة الإسرائيليين | يعتبرون أن الحرب تُدار بدوافع سياسية | 64% |
الجنود النظاميون والاحتياط | فقدوا الحافز لمواصلة القتال | 40% |
وتوضح هذه الأرقام أن هناك إجماعًا واسعًا، حتى داخل قواعد نتنياهو الانتخابية والجيش، على ضرورة إنهاء الحرب عبر صفقة تبادل الأسرى.